صدى / لو خصمك القاضي... من تقاضي؟ - ثقافة

  • 2/5/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تُقام الحياة وتبنى المجتمعات وتسكن النفوس وتطمئن القلوب بالعدل، فالإيمان به تنبض قلوب المستضعفين، وترنو إليه أبصار المصلحين، حيث يوجد على شاطئه الأمن والأمان والاطمئنان، وبه تستمر وتستقيم الحياة، وبنقصانه يتمدد الشقاء وتضطرب النفوس في مسالكها ومواقفها، وتمتلئ القلوب بالأحقاد والظلم، ومع العداوة والتنافر والاضطراب الوجداني يصبح المجتمع على شفير هاوية التفكك والضياع. أكد علماء الاجتماع أنه مع التطور المنظور تزداد الحياة تعقيداً وتتفاعل المشكلات بين الناس خاصة في ظل التطور السريع الذي يرسخ سيادة القيم المالية التي تؤدي بدورها إلى كثير من الانحرافات وانفلات الضوابط الاجتماعية فيحدث الظلم بين البشر في ما الظواهر اليوم تدل على أن العالم لا يسير باتجاه العدل، ولذلك مشاكله في حالة ازدياد مضطرد والحل الوحيد لعيش البشرية بأمان هو رفع راية العدل الحقيقية وبسط السلطة والتحرر من قيود الوساطات. القضاء الحصن والأمن والأمين للمجتمع الذي تتعطش حياتهم للعيش بسلام واطمئنان والغاية من القضاء هو إقامة العدل والمساواة لذلك يتم اللجوء إليه وإلى الجهات المختصة لرفع الظلم وإعادة الحقوق لأصحابها، لأن ميزان العدل قائم بين المتخاصمين والمتنازعين، يقتص من الظالم والمستبد وينصف المظلوم وإذا ما اهتز النظام القضائي فإن المجتمع بكل طبقاته سيهتز ويسقط أخلاقياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً. القضاء من المناصب عظيمة الأثر والخطر، والقضاة ميزان الحياة، إذا اعتدلوا اعتدل المجتمع بكل أطيافه ومقدراته وأمن الجميع على أنفسهم وأموالهم ومكتسباتهم، وعم الرخاء والأمان في المجتمع، وإذا مالوا مالت وساءت الظنون في نزاهة قضائه بل في القضاء بشكل عام، وفقد المجتمع الثقة في العدل ونزاهة القضاء، وكان ذلك مبعثاً للفتنة والفوضى ومدعاة لخراب العمران وتقويض أركانه. إن العدل هو أساس الحضارة التي قوة استمرارها تكمن في العـدل، وضعفها ناجم نتيجة الظلم الذي يؤدي إلى انهيارها عاجلاً أم آجلاً، وبتحقيق العدل يتحقق الميزان والتوازن بين أفراد المجتمع على اختلافهم وتنوعهم ومن ثم مجتمع منسجم وموحد، وإذا فسد القضاء وأصبح حاميها حراميها فلمن يشتكي المظلوم؟ وكيف إذا آوى إلى ما حَسِبَهُ رُكْناً شديداً وجده سكِّينا مطعوناً في ظهره وشوكة في حلقه ؟ فمرارة خيبة الأمل أشد إيلاماً من مرارة الظلم. لقد ورد في طعن رقم 194عام 2002 دولة الكويت، أن القاعدة تقول من الأصول المقررة قانوناً، إن الأصل هو عدم مساءلة القاضي عما يصدر منه من تصرفات أثناء عمله لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوله له القانون، وترك له سلطة التقدير فيه، وذلك ما لم يقرر المشرع مساءلته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها بأن يجيز الرجوع على القاضي بالتضمينات في هذه الحالات بدعوى المخاصمة، والحكمة من ذلك هي توفير الطمأنينة للقاضي في عمله وإحاطته بسياج من الحماية يجعله في مأمن ممن يحاول النيل من كرامته وهيبته. وحتى لا تتخذ مقاضاته وسيلة للتشهير به لذا حرص المشرع على كفالة استقلال القضاة وإحاطتهم بالضمانات التي تصون كرامتهم وتكفل لهم مباشرة أعمال وظائفهم من دون الخشية من المساءلة عنها من أجل ذلك، ولم يضمن قانون المرافعات أو أي قانون آخر نصاً يجيز مخاصمة القاضي بدعوى المخاصمة بغية إرساء مبدأ عدم جواز مساءلة القاضي عما يصدر منه من تصرفات أثناء تأدية أعمال وظيفته، ولكن الوضع مختلف في جمهورية مصر العربية حيث يجوز مخاصمة القضاة كما هو في الطعن رقم 784 عام 1998. لقد وجد القضاء ليكون أداة تحقيق الحق والعدل بين البشر، وهو صمام الأمان لحماية الحقوق وحفظ الممتلكات وردع المعتدين وضمان الاستقرار، حيث ملاذ المظلومين ومنتهى الخائفين وزورق نجاة الضعفاء ولكن إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي؟ * كاتبة كويتية Suhaila.g.h@hotmail.com suhaila.g.h suhailagh1

مشاركة :