دور أوروبا لملء فراغ القوة العالمية

  • 2/5/2017
  • 00:00
  • 40
  • 0
  • 0
news-picture

لا يتطلب الأمر منك أن تكون حاملا لدرجة الدكتوراه في العلاقات الدولية حتى تفهم من أول وهلة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد غيَّر ميزان قوة السياسة العالمية. وببساطة: لا يمكنك قيادة العالم أو أن تكون مدافعا عن العولمة إذا كنت ترفضهما على حد سواء. وأوامر ترمب التنفيذية المتعلقة بالتجارة، وخطوط الأنابيب والهجرة ليست سوى بداية لأجندة أميركية محلية جديدة. وإذا حكمنا من خلال تصريحاته عن حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، فإننا نرى أن لدى ترمب ثقة لا تذكر في المؤسسات الدولية. وبما أنني أختلف معه في كثير من الأشياء، إلا أنني في الوقت نفسه أحترم الديمقراطية. وبالتالي يجب علينا أن نتقبل الواقع في أميركا الجديدة. في ما مضى هيمنت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على السياسة العالمية لأكثر من 40 عاما. ومع انهيار الاتحاد السوفيتي ملأت الولايات المتحدة فراغ السلطة العالمية، وأصبحت القوة العظمى بلا منازع في العالم. والسؤال الكبير في عام 2017، من الذي سيبدأ في ملء فراغ القوى العالمية التي خلفتها الولايات المتحدة؟. يجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي في مالطا للتباحث حول مستقبل اتحادهم. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية تتصارع أوروبا مع أزمة اليورو، واللجوء والشعبوية. وكان تركيزها على الداخل، بدلا من أن يكون على الخارج، بينما يتغيَّر العالم. وبالطبع أن كل ما يحدث خارج حدودنا لديه تأثير كبير في الداخل. ووضع "أوروبا أولا" يعني توليها القيادة العالمية. ولقيام الاتحاد الأوروبي بهذا الدور، أقترح ثلاثة أشياء: الأول: أن يؤدي الاتحاد دورا أكبر في تعزيز القيم الليبرالية. وبما أن الولايات المتحدة تخسر بسرعة مصداقيتها كزعيم للعالم الحر، فالاتحاد الأوروبي وحده الذي يمكنه اتخاذ هذا الوشاح. سابقاً، كان تحدي القيم الليبرالية يأتي من الخارج، حيث شككت روسيا والصين والإسلام الراديكالي في كل أسس الديمقراطية والحرية والتسامح التي تنتهجها أوروبا. والآن هذا التهديد نفسه يأتي من داخل أوروبا نفسها، سواء من اليمين المتطرف أو اليسار. وعلى مدار هذا العام ستجرى الانتخابات -في ألمانيا وفرنسا وهولندا- وستحدد نتائجها ما إذا كانت أوروبا لديها أرضية أخلاقية عالية للتمسك والعمل بتلك القيم. الثاني: الأخذ بزمام المبادرة في الأمن والسياسة الخارجية. فإن زوال الولايات المتحدة قد يحوِّل ميزان القوى إلى الشرق. ولذا ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يصبح أكثر واقعية للعمل مع المملكة المتحدة كلما كان ذلك ممكنا، لأنه لا يمكننا أن نعول على دعم الولايات المتحدة في جميع الصراعات في مختلف أنحاء العالم، لأن عليها أن تستمر في تطوير سياستها الدفاعية. الثالث: القيام بدور أقوى في التجارة العالمية. فإن إدارة ترمب لن تكون نصيرة للتجارة الحرة. والاتحاد الأوروبي، كأكبر قوة اقتصادية، يتحتم عليه تعزيز اتفاقيات التجارة الثنائية. فاتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي واليابان خير مثال لإجراء اتفاقيات تجارة حرة قادمة. وعلى المنوال نفسه، يتعيَّن على الاتحاد الأوروبي الوصول إلى المكسيك. وبما أنه يجب علينا ترك الباب مواربا لعودة الولايات المتحدة لزعامتها العالمية، فإنني في الوقت نفسه آمل أن يغتنم الاتحاد الأوروبي هذه اللحظة بالاستيلاء على مفتاح الزعامة العالمية من الولايات المتحدة، والبدء في اتخاذ دور أكثر بروزا على الساحة العالمية.

مشاركة :