بصرت كرة القدم في جنوب إفريقيا النور على نطاق واسع في القرن التاسع عشر أثناء الاستعمار البريطاني للبلاد، حيث كانت هذه الرياضة هواية مارسها ونشرها الجنود البريطانيون، لكنها دفعت ثمن آفة التفرقة العنصرية التي حرمت كرة القدم في هذه البلاد من الانطلاق نحو المحافل الدولية والعالمية لسنواتٍ طويلة. وعلى عكس بلدان أخرى، كان لجنوب إفريقيا 4 اتحادات كروية مختلفة، حيث تأسس أول اتحاد كروي عام 1892 للاعبين الذين يحملون البشرة البيضاء، قبل أن تتخذ الفئات العرقية الأخرى خطوة مشابهة فيما بعد لتؤسس اتحاداتها الكروية الخاصة. وكان الاتحاد الدولـي قـد فرض عقوبة على منتخب جنوب إفريقيا بحرمانه من المشاركة في كافة التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم حتى نسخة العام 1994، وكذلك بالنسبة للاتحاد الإفريقي الذي استبعد منتخب البافانا بافانا من نهائيات كأس الأمم منذ النسخة الأولى عام 1957 وحتى النسخة الـ 19 التي أقيمت في تونس عام 1994، دون أن ينجح المنتخب الإفريقي في عبور التصفيات لتلك النسخة. وبعـــد زوال قوانين التفرقة العنصـريـة بشكل نهائي، شارك منتخب جنوب إفريقيا في نهائيات كأس الأمم للمرة الأولى كمستضيف لنسخة العام 1996، وشق طريقه نحو المباراة النهائية بعد انتصارات على الكاميرون وأنجولا والجزائر وغانا. وأمام أكثر من 80 ألف متفرج في ملعب جوهانسبورج، احتفل شعب جنوب إفريقيا بشتى أعراقه بفوز منتخبه على تونس في المباراة النهائية، وسطّرت هذه النسخة مشهداً سيبقى محفوراً في ذاكرة القارة السمراء أثناء حفل التتويج، فبعيداً عن الفوز على تونس، أكّدت جنوب إفريقيا تغلّبها على العنصرية بشكل نهائي عندما قدّم الراحل نيلسون مانديلا (الأسمر) درع البطولة إلى قائد المنتخب نيل توفي (الأبيض)، ليضع المنتخب الذي مثّل شعب جنوب إفريقيا بكافة أطيافه على عرش القارة.
مشاركة :