بوخارست – أجبر ضغط الشارع الروماني الأحد الحكومة الرومانية على إلغاء مرسوم مثير للجدل حول تخفيف قانون مكافحة الفساد، في محاولة لاحتواء غضب مئات آلاف المتظاهرين الذين سيروا مسيرات حاشدة معارضة للحكومة طيلة ستة أيام. ونزل مئات آلاف الرومانيين إلى الشارع منذ الثلاثاء للاحتجاج على تبني المرسوم الذي يقلص عقوبات سوء استغلال السلطة والاختلاس، في أكبر حركة احتجاج تشهدها البلاد منذ سقوط الشيوعية. وأعلنت الحكومة الاشتراكية - الديمقراطية التي شارك وزراؤها في اجتماع استثنائي لسحب هذا النص أنها "وافقت على مشروع إلغاء المرسوم الطارئ". وبعدما واجه انتقادات لاعتماده هذا التعديل على القانون الجنائي عبر مرسوم بدون المرور بالبرلمان، وعد رئيس الوزراء سورين غريندينو "بفتح نقاش عام سريعا مع كل الأحزاب السياسية والمجتمع المدني". وفسر غريندينو تحول موقفه بالقول إنه لم يكن يرغب في "شق صفوف رومانيا" عبر هذا الإصلاح الجنائي. وأكد مجددا أن دافع حكومته هو أن يكون القانون الجنائي متوافقا مع الدستور. وقالت الحكومة أيضا إنها كانت تريد عبر ذلك تخفيف العبء عن السجون. والنص الأساسي كان يخفض إلى حد كبير العقوبات التي تفرض بتهم استغلال السلطة، كما اقر عدم إطلاق ملاحقات في غالبية قضايا الفساد ما لم يكن المبلغ المعني 200 ألف لاي (44 ألف يورو) أو أكثر. وأثار هذا النص مخاوف من تراجع حملة مكافحة الفساد، لأن تحقيقات فتحت خلال السنوات الأخيرة متعلقة بمئات ملفات الاختلاس بضغط من الاتحاد الأوروبي وقضاة متشددين، ما شكل انعطافة على صعيد مكافحة الفساد في رومانيا. وتعرضت الحكومة للانتقادات لأنها أرادت أن تحمي من الملاحقة القضائية نوابا ورجال أعمال من بينهم رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يخضع للمحاكمة حاليا في قضية وظائف وهمية. وقال ليفيو دراجنيا زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في رومانيا الأحد إن رئيس الوزراء سورين جرينديانو يجب أن يجري محادثات مع وزير العدل ويتخذ قرارا بشأن ما إذا كان سيتم إقالته أم لا. وأضاف لمحطة تلفزيونية محلية "ستجرى مناقشة للسماح بقرار بخصوص فلورين لورداكي وما إذا كان سيبقى في منصبه." والحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي طرد من السلطة في نهاية 2015 اثر تظاهرات ضد الفساد، يحظى بقاعدة انتخابية قوية في الأوساط الريفية والفقيرة وقد صوتت له مجددا في الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر/كانون الأول 2016 على خلفية وعود بزيادة الإعانات الاجتماعية. وقال أحد المتظاهرين يدعى دانيال (35 عاما) "آمل في أن يكون الإلغاء فعليا. لقد قالوا ذلك لكنهم يريدون عرض مشروع نص جديد على البرلمان. سنبقى متنبهين"، ما يعكس عدم ثقة عدد كبير من المحتجين الذين يطالب عدد كبير منهم باستقالة الحكومة القائمة منذ شهر. وعلى غرار آلاف الرومانيين الآخرين، توجه إلى ساحة فيكتوريي حيث يوجد مقر الحكومة ومركز حركة الاحتجاج لكي يكون حاضرا في التظاهرة التي تنظم لليوم السادس على التوالي بهدف إظهار تصميم معارضي الحكومة. وقال متقاعد "لدي ثقة في هذا الجيل الجديد، واشعر بأن الأمور ستتغير هذه المرة لأن الرومانيين سئموا الفساد". وشكل الشباب الشريحة الأكبر في التظاهرات وقدموا مع عائلاتهم للمشاركة من عدة مدن أخرى في البلاد التي تعد 20 مليون نسمة وشهدت عدة فترات عدم استقرار سياسي في العقود الماضية. وقدم متظاهر يدعى رادو (27 عاما) على دراجته الهوائية للمشاركة أيضا وقال "لا يزال هناك الكثير من الفساد في الحكومة وفي مجلس الشيوخ، في كل مكان. لم نعد قادرين على التحمل. نريد قادة يتمتعون بالكفاءة يتولون الحكم من أجل الشعب وليس لحسابهم الخاص في المصرف ولأنفسهم". من جانب آخر أحالت الحكومة هذا الأسبوع على البرلمان مشروع قانون واجه انتقادات أيضا فيما يهدف إلى العفو عن 2500 معتقل، قد يكون بينهم نواب صدرت بحقهم أحكام.
مشاركة :