قسوة الفراق!

  • 2/7/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إن معظم الناس لديهم حب الاستماع إلى الموسيقى، وبعض الأغنيات التي تعودوا عليها، والانسجام والصمت الذي يجعلك تغرق بين نغمات الآلات، وهناك العديد من الأغنيات القديمة الذي رحل مغنوها إلى العالم الآخر، إلا أن لها تأثيراً وذكرى بالغة في النفس، إنها إبداعات حية إلى الأبد وإلى أن تحين نهاية هذا العالم. وكلما نشبت حروب بحجم الحرب العالمية الأولى أو الثانية، اعتقد كثيرون من الناس أن الدمار قادم إلى هذا الكوكب، وأن استخدام التقدم العلمي في السلاح ومنه النووي دمر أجزاء كثيرة من العالم، وفي الوقت ذاته فقد العديد من البشر، وزادت نسبة الأيتام والمشردين، إلا في تلك الدول التي لم تكن جزءاً من هذه الحروب، وكم من إبداع ساهم به الإنسان يوضح هذه المأساة. إن المطربين العرب المبدعين قلة، وهم لا يتعدون أصابع اليد، إلا أن لكل منهم من يطرب له حينما يسمع صوته، وكأنه بلبل يغرد في ساعات الصباح مع شروق الشمس أو غروبها. ومنهم الفنانة الراحلة وردة الجزائرية والتي تعلن حنجرتها أنها ستظل بين العرب ومن يجيد اللغة العربية، فهي التي تغني بكل جوارحها ولغة جسدها خير دليل على ذلك، ألم تطربك أغنية الوداع وغيرها من الأغنيات الجميلة. إن الكثير من الناس في هذه المعمورة يتحاشون لحظات الوداع والفراق مع من يحبون ويقدرون، ونجد أن الأخوة المسيحيين يلقون النظرة الأخيرة لمن سوف يوارى القبر في التابوت أو غيره، وتسعى بعض الديانات إلى حرق جثمان الميت، ونشر رماده في أرجاء مختلفة من بلدانهم، وكأنهم يؤكدون أن الإنسان من التراب وإليه. إن من أصعب اللحظات حينما تودع الأم أو الحبيبة أو الحبيب أو الأب، وحين ذاك تدرك كم أنت محتاج إلى أولئك، وأن الثواني بين إدراك هذا الفراق وأنك ستعيش في واقع جديد، وقد أنعم الله على الإنسان حالة النسيان، وهي التي تجعله يتجاوز مرحلة الألم والحزن، وأن الحياة ستظل جميلة، وأن الرحيل هو نهاية كل إنسان أليس كذلك أيها الصديق؟! وأن البذور تعيد للحياة الوردة أو الشجرة، وهذا تأكيد على استمرار ما يعتقد أنه قدر زال من الوجود. ولعل العديد من أولئك البشر ممن دفعهم كسب المعيشة بعيداً عن أوطانهم يحلمون بموعد العودة إلى الوطن والأهل والأحباب والأصدقاء، وعليك أن تكون رفيقاً ولطيفاً مع هؤلاء، فهم بشر لديهم كل المشاعر التي لديك، إن المعاملة الحسنة والطيبة تجعل أولئك يعملون بدون كلل أو ملل أو تذمر، بل يعملون بروح إيجابية وضاحكة أيضاً. لقد أبدع (شادي الخليج) في أغنياته البحرية التي عبّر بها عن شعور الإنسان بالسعادة، حينما تعود السفن إلى الأوطان، كما أبدع أيضاً الفيلم الكويتي الشهير (بس يا بحر). إن للغربة دورة لا بد أن يمر بها البشر في كل القارات، فكم عانى أجدادنا، وربما أباؤنا ذلك حينما هاجروا للعمل في بقاع العالم، سواء الدول القريبة أو البعيدة، ألم يهاجروا إلى البصرة في العراق وغيرها، ألم تكن رحلة الغوص للبحث عن اللؤلؤ مرت بها كل دول الخليج العربي، كم من أم كانت تنتظر عودة ابنها، وكم من موال أنشده ذلك الإنسان على ظهر السفينة وردده معه معظم العاملين عليها، من لا يطرب إلى عوض الدوخي أو غيره من المطربين، وكم كانت أغنيات العودة إلى الوطن بعد رحلة الغوص تلك. ومن فوائد تلك الهجرة، التعليم ونيل الشهادات العلمية التي هي السلم للحراك الاجتماعي في تلك المجتمعات. إن للتعليم أثراً إيجابياً لمعرفة العالم، والاطلاع على الثقافات الأخرى يا صديقي.

مشاركة :