"أخونة" الأزمة الليبية عبر تونس والجزائر بقلم: خالد عمر بن ققة

  • 2/8/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أخونة الأزمة الليبية عبر تونس والجزائر لئن تنوعت المحاولات العربية والإقليمية والدولية الساعية لحل الأزمة الليبية المستعرة منذ سنوات، وهو أمر مفهوم باعتبار الأثر الذي تحدثه الأزمة الليبية على الجوار وعلى المنطقة، وباعتبار أن الأزمة الليبية هي اختزال لانتشار التيارات التكفيرية في شمال أفريقيا، فإن المساعي الإخوانية التي تصاعدت مؤخرا طرحت أكثر من استفهام حول النوايا الحقيقية لهذه الدبلوماسية الموازية، وحدود الدور الإخواني في صنع الأزمة، كما في حلها. العربخالد عمر بن ققة [نُشرفي2017/02/08، العدد: 10537، ص(13)] الإخوان في ليبيا: ضالعون في الأزمة، باحثون عن الحل رغم الترحيب الرسمي الذي يحظى به راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، خلال زياراته المتكررة إلى الجزائر في الآونة الأخيرة من أعلى المستويات، بما في ذلك رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة، إلا أن بعض دوائر صنع القرار تتخوّف من تلك الزيارات وما يتبعها من مواقف تصب في صالح تقوية حركة النهضة على حساب بقية الأحزاب التونسية الأخرى، ومنها حزب “نداء تونس”، الذي ينتمي إليه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي. ويذهب مراقبون إلى أبعد من ذلك، إذ يرون في نشاط الغنوشي وتصريحاته الأخيرة للصحافة الجزائرية “دبلوماسية إخوانية موازية ومُلْغيَّة لدور وزيري خارجية تونس والجزائر”، خاصة بعد أن دخل على الخط رئيس حركة حمس ـ حركة مجتمع السلم ـ الإخوانية عبدالرزاق مقري، من ذلك زيارته الأخيرة إلى الغنوشي في تونس، وحديثهما عن تفعيل العلاقات المغاربية، وكل هذا يأتي على خلفية الأزمة الليبية، ولقاء الغنوشي مع القيادي الإخواني الليبي علي الصلابي عضو الأمانة العامة لـ”الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” في بيته في اجتماع غير معلن شارك فيه رئيس الديوان بالرئاسة الجزائرية أحمد أويحيى. ومن ناحية أخرى، فإن النشاط المكثف لرئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي في الجزائر، أصبح مثار اهتمام عدد من القوى الفاعلة في الجزائر، خاصة تلك التي تنظر إلى العلاقات الجزائرية – التونسية، من خلال تميّزها منذ فترة الاستعمار إلى الآن، وتعمل من أجل أن يستمر التميز من خلال تقوية سلطة الدولة وليس من خلال إحلال الأحزاب، مهما كانت قوتها وحجمها، بديلا على النظام القائم، لذلك تشكّك في الدور الذي يقوم به إخوان تونس، ومعهم إخوان ليبيا والجزائر، وتتخوّف من سيطرة جماعات الإسلام السياسي، أو كما سمّاهم راشد الغنوشي بـ”الإسلام الديمقراطي”. وبعيدا عن تلك المخاوف، فإن عودة الإخوان المسلمين إلى هذا النشاط العلني في كل من تونس والجزائر وليبيا، لجهة التعاون في مجال العلاقات البينية، على المستوى الدبلوماسي، بما يتجاوز سلطة الحكومات الشرعية في الدول الثلاث، تكشف عن أمرين، الأول: ضعف الحكومات القائمة في الدول الثلاث، مع اعترافنا بالاختلاف حول مسألة الشرعية في ليبيا، والثاني، وهو الأخطر، أن جماعة الإخوان المسلمين في الدول الثلاث، بإمكانها أن تسهم في حل الأزمة الليبية، وهذا يعني توقيف الحرب، وإنهاء وجود الجماعات الإرهابية، ولا يمكن لأي جهة أن تقوم بهذا إلا إذا كانت طرفا رئيسا، بل مدعمة ومشرفة وصاحبة مصلحة هناك، وهذا ينتهي بنا إلى القول إن تلك الجماعات هي المشعلة للحرب في ليبيا، أو على الأقل مدعمة وصاحبة مصلحة في استمراريتها، ومن هذا المنطق علينا أن نقرأ ما ذهب إليه المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي في حوار أجرته معه “جورنال دو ديمانش” الفرنسية، الأحد الماضي (الخامس من فبراير الجاري)، وفيه أكّد على رفض أيّ تدخل خارجي في الشأن الليبي. جماعة الإخوان بإمكانها أن تسهم في حل الأزمة الليبية، ولا يمكن لأي جهة أن تقوم بهذا إلا إذا كانت طرفا في صنع الأزمة وإذا استبعدنا العلاقات الشخصية بين قيادات جماعات الإخوان المسلمين وبين الزعامات الوطنية في الدول المغاربية الثلاث، تونس والجزائر والمغرب، ويبدو أنها تمثل الأولوية لدى بعض المسؤولين ويتم التعويل عليها لإيجاد حل للأزمة الليبية، فإن تلك المساعي ترى من زاوية الشك والريبة، إذ كيف مثلا للإخوان أن يقوموا بدور في حل الأزمة الليبية دون التعاون مع السلطات المصرية، وهي تصنّفهم “جماعة إرهابيّة”؟ وكيف لمصر أن تقبل بدور تقوم به حمس ـ إخوان الجزائر، وهم يناصبون الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي العداء منذ ثورة 30 يونيو 2013 وإلى غاية الآن؟ وكيف لإخوان ليبيا أن يساهموا في الحل وهم طرف فاعل في الأزمة ومشارك في الدماء؟ وهل تلك الجماعات تتحرك من تلقاء نفسها من دون رغبة وموافقة خارجية؟ ثم ألا يجعلنا نشاطها، البديل عن الدُّول، نتساءل عن علاقتها بالأطراف العربية والدولية ذات المصالح والوجود في ليبيا؟ لا أحد ينكر أنه في ظل الأزمات الكبرى تتعلق المجتمعات المأزومة بأيّ بارقة أمل للخروج من محنتها، كما لا يحق لأيّ طرف أن يرفض مبادرة لوقف الدماء بغض النظر عن مصدرها إن كان فردا أو جماعة أو حزبا، كما أنه صحيح، عمليا، ما تطالب به بعض الدول، ومنها الجزائر، وهو إشراك كل أطياف المجتمع في الحوار الوطني وعدم استبعاد أيّ طرف إلا الجماعات الإرهابية، مثلما أن طرح خليفة حفتر سليم في مقصده إذ لا يمكن أن يتم الحوار أو يتحقّق الاستقرار دون أن تكون هناك قوة عسكرية تحافظ عليه وتحمي الدولة.. كل هذا وغيره مقبول ومطلوب، لكن ما هو مرفوض هو أن يصبح الإخوان أو غيرهم من القوى السياسية والإرهابية بديلا عن سلطة الدولة. إنهم جزء منها وعليهم أن يخضعوا إلى القانون والدستور، لذلك مرفوض ما يطرح الآن من أجل حل الأزمة الليبية، حتى لو كان ذلك مجرد مناورة، أو محاولة لمعرفة مدى تأثير الإخوان على الساحة الليبية. لقد تعود “الإخوان المسلمون” من خلال مشاركتهم في السلطة أن يستفيدوا من خيرات الحكم، ولكنهم لا يتحملون سلبياته، بحجة واهية، وهي قولهم “إننا شاركنا في الحكومات ولكننا لم نشارك في الحكم”، والتجربة الجزائرية خير مثال على ذلك، وهم فيها تحديدا استفادوا من مناصرتهم للدولة في مواجهة الإرهاب، وعليهم أن يعترفوا اليوم أن تلك المشاركة، وأيضا مشاركة حركة النهضة في تونس، وإن قبلت بهما الحكومتان الجزائرية والتونسية، لا تخولهما للقيام بدور في ليبيا حتى لو صدقت النوايا، لأن الإخوان المسلمين، بحق أو بباطل، ولمدة قاربت التسعين عاما كانوا سببا في انشقاق الأمة وفتنها وأزماتها السياسية، وهم اليوم في سعيهم لحلّ الأزمة الليبية يجرون المنطقة كلها، وخاصة دول الجوار الليبية، إلى خلافات ستُعمّق الصراع أكثر، وتُطيل من أمد الحرب الأهليَّة. كاتب وصحفي جزائري خالد عمر بن ققة :: مقالات أخرى لـ خالد عمر بن ققة أخونة الأزمة الليبية عبر تونس والجزائر, 2017/02/08 المسألة الليبية.. والإعلام العربي, 2017/01/26 الإسلاميون الجزائريون.. ربع قرن من التناسل والفشل, 2016/12/23 ليبيا والجزائر.. وثالثهما حفتر, 2016/12/21 نايف عبيد عالم قضى أربعين عاما يبحث في مستقبل الخليج العربي, 2016/12/11 أرشيف الكاتب

مشاركة :