الاعلاميون والأدباء والأساتذة العرب المقيمين في الدول الغربية والعاملين مباشرة في دور النشر وفي المؤسسات الإعلامية... لم يلعبوا أي دور جدي في التعريف بالإنتاج النقدي العربي. العربأزراج عمر [نُشرفي2017/02/10، العدد: 10539، ص(15)] منذ سنوات طويلة وشعار الحوار الثقافي والفكري مع الغرب مرفوع في مشهد الثقافة العربية المعاصرة ولكن لا شيء تحقق منه سواء على صعيد خلق بيئة المثاقفة البينية الفعلية الملموسة، أو تشكيل الحضور الفعال والمؤثر في الفضاء الثقافي الغربي. هناك بطبيعة الحال بعض المناقشات الموسمية للثقافة الغربية التي تتمّ في بلداننا عن بعد، وهي شبيهة بالمونولوج من طرف واحد، علما أن مضامين هذه المناقشات العربية لهذا الأديب الغربي أو لموقف ذاك المفكر الغربي الآخر لا تنشر إلا في صحفنا ومجلاتنا أو في بعض الكتب القليلة باللغة العربية. في هذا الخصوص أقدّم هنا بعض النماذج القليلة لتوضيح هذه القضية، وفي الصدارة ما كتبه ونشره باللغة العربية، على سبيل المثال لا الحصر، كل من مطاع صفدي، وجورج طرابيشي، ومحمود أمين العالم وحسن حنفي وغيرهم، من الدراسات النقدية التي تناولت بالتحليل والنقد إبداعات وأبحاثا وكتبا لأدباء ونقاد ومفكرين غربيين قدامى ومعاصرين، غير أنها لم تحدث أيّ تأثير يذكر في الأوساط الثقافية الغربية بصفة عامة ولدى المفكرين الغربيين الأحياء المنقودين بصفة خاصة، رغم أن الكثير من هذه المراجعات النقدية ذات قيمة، وكان من الممكن أن تؤسس مكانة معتبرة للصوت النقدي العربي في الساحة الأوروبية/ الغربية. ويعود سبب عدم تأثير النقد العربي على المنتجين الغربيين لأجناس الأدب وأنماط الفكر إلى عدة عوامل يمكن هنا الاقتصار على ذكر عاملين مهمين ويتمثلان في انعدام ترجمة ما يكتب بأقلام مفكرينا ونقادنا باللغة العربية، من نقد لمختلف الإنتاجات الثقافية والفكرية الغربية، إلى اللغات الغربية بشكل فوري وبدقة، ونشره وهو ساخن في الصحف اليومية والمجلات الأدبية والفكرية الغربية أو في كتب شعبية الطابع أو ضمن أنطولوجيات جماعية بعد طبعها باللغات الغربية في دور النشر الغربية التي تربطها علاقات مع بلداننا، أو في دور النشر العربية التي لها نقاط توزيع لإنتاجها في البلدان الغربية. أما السبب الثاني الذي منع ولا يزال يمنع تنفيذ برامج تؤدّي إلى إقامة الحوار النقدي المباشر والفاعل مع الثقافة الغربية، فيتلخص في غياب ممارسة الدور الاستراتيجي لوزارات الثقافة العربية وكذا ملحقياتنا الثقافية بسفاراتنا، الدور الذي يمكن أن يفضي إلى التعريف بوجهات نظرنا النقدية للمتن الثقافي والفكري الغربي. وزيادة على ذلك فإن الاعلاميين والأدباء والأساتذة العرب المقيمين في الدول الغربية والعاملين مباشرة في دور النشر وفي المؤسسات الإعلامية الثقافية الغربية وفي الثانويات والجامعات لم يلعبوا أي دور جدي في التعريف بالإنتاج النقدي العربي المكرس لمراجعة ونقد الإنتاج الأدبي والفكري الغربي في وسائل الإعلام الثقافي، أو في توصيله في إطار عمليات التدريس التي يقوم بها بعضهم. كاتب جزائري أزراج عمر :: مقالات أخرى لـ أزراج عمر صوتنا الغائب في الغرب, 2017/02/10 هل سيفجّر أحمد طالب الإبراهيمي المشهد السياسي الجزائري, 2017/02/09 النقد والهوية , 2017/02/03 الاتحاد الأفريقي وشرط فك الارتباط مع التبعية, 2017/02/02 سيد القمني صريحا وشجاعا, 2017/01/29 أرشيف الكاتب
مشاركة :