أوضح عدد من المثقفين والأدباء لـ«عكاظ» أن المثقف السعودي يواجه العديد من التحديات الراهنة، منها عدم تمكنه من تحقيق منجزه الفكري، وغياب لغة الحوار والتفاهم بين المثقفين، وافتعال الخلافات وتقلص مساحة التلاقي حول المشتركات الثقافية والإنسانية، معتبرين أن أجواء الصراع بين المثقفين آخذة في التصاعد وتتربص بالعلاقة بينهم في المستقبل، ورأوا أن المثقف اليوم ليس مقتنعا بما يحدث على الساحة الثقافية، وهناك تفاوت كبير بين نتائج الواقع والتطلعات، حول ذلك: اعتبر الرئيس السابق للنادي الأدبي في جدة الدكتور عبدالمحسن القحطاني أن التحديات التي كانت تواجه المثقف في الماضي اختزلت حديثا، ويخشى أن يتسبب هذا الاختزال في قلة المعرفة، مضيفا أن التحديات التي تواجه المثقف تتمثل في عدم تمكنه من تحقيق منجزه أو رعايته، وذكر أن المشهد الثقافي في المملكة يمر بتحولات وتغيرات، لكن الظروف المحيطة بالمثقف ليست ضده، خصوصا أن الأبواب مشرعة وفرص التعلم متوفرة والحصول المعلومة بات سريعا، وقال: «ينبغي على المثقف أن يلهث وراء المعرفة؛ لأن الثقافة بناء معرفي وتأسيس علمي وعلى الإنسان أن يرعى هذا البناء»، ناصحا المثقف بألا يتوقف عن تحقيق المنجزات ويبحث عن المزيد، وحول انتقاد البعض للمؤسسات الثقافية في اقتصار أنشطتها على المحاضرات، قال: «النشاط الثقافي غير مقتصر على المحاضرات كما يعتقده البعض، ولا ينبغي التقليل من أهمية هذا النشاط؛ لأنه أحد أوعية العلم، أما المناشط فتتنوع بين المحاضرة والندوة والملتقى وطباعة الكتب، ولا أظن أن صرحا ثقافيا كالأندية الأدبية تقتصر أنشطتها على جانب معين كالمحاضرة». ومن جهته، ذكر الأديب محمد علي قدس أن التحديات التي تواجه المثقف كثيرة، أهمها غياب الحوار بين المثقفين لأسباب، منها عدم الثقة في الأطراف المتحاورة، وإحباط كثير من المثقفين ممن شهدوا المشهد الثقافي في فترته السابقة، وضيق مساحة التلاقي عما كانت عليه سلفا، إذ بات بعض الخلافات شبه مفتعلة، ومن كانوا أصدقاء الأمس باتوا أعداء اليوم، ما خلق جوا غير صحي على المشهد الثقافي، معتبرا أن المعطيات الثقافية والفكرية الحالية لا ترقى لحجم الطموحات، وأن المثقفين ما زالوا يؤملون في تحقق أملهم في إنشاء وزارة للثقافة، وقال: «المثقف اليوم ليس مقتنعا بما يحدث على الساحة الثقافية في ظل بروز فئات لا تنتمي إلى الثقافة، لكنها تهيمن على الساحة»، ورأى قدس أن الأحداث التي تمر بالمنطقة العربية ساهمت في اختلاف توجهات المثقفين بما هو سلبي، إذ بات لكل مثقف اتجاهه واعتقاده، الأمر الذي خلق البلبلة والصدام والحدة بين المثقفين، مشيرا إلى وجود ارتباط بين السياسة والثقافة، إذ من غير المعقول أن يكون المثقف بمنأى عما يحدث. ومن جانبه، قال المثقف الدكتور زيد الفضيل: «سنشهد خلال الفترة المقبلة العديد من التحديات، وأرى أن معرفة الإجابة عن مكمن الخلل الثقافي مع الاطلاع على أبعاد قوتنا الثقافية سيلخصان التحديات التي سيواجهها المثقف في المرحلة المقبلة»، وأضاف: «السنوات الماضية مثلت مخاضا عسيرا في المشهد الثقافي المحلي، نتج عنه ظهور العديد من التكوينات الثقافية الجديدة وبروز العديد من الشخصيات على الساحة، في مقابل انكفاء العديد من القامات الثقافية المعروفة عن الساحة، وواقع الحال ليس بالضرورة أن يكون مميزا، كما ليس بالضرورة أن يكون المنكفئ قد نضب ما لديه من مخزون معرفي وعطاء ثقافي»، واعتبر أن التحدي الذي يتربص بالمثقفين هو الصراع بين نوعين من المثقفين، أحدهما مهموم بالثقافة وروحها ويعمل على التصالح معها بشكل مستديم، والثاني يهتم بما تحقق له الثقافة من مكاسب إعلامية، ومثل هذا النوع الأخير يعمد إلى بسط هيمنته على المشهد، في الوقت الذي يجب على المثقف الحقيقي بذل قصارى جهده للدفاع عن مشروعه وكيانه الثقافي، وتساءل: هل سينجح هذا النوع ؟ وهل ستعينه المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية على النجاح أم ستلوي جسدها عنه؟.
مشاركة :