كتب - نشأت أمين: أكد فضيلة الشيخ عبد الله النعمة أن الله فتح لعباده باباً من الأمل فسيحاً، وشرع لهم ميداناً من الرجاء عظيماً، وهو باب التوبة المفتوح للعصاة والمذنبين، مهما كانت ذنوبهم وخطاياهم، ما لم تكن شركاً، مشيراً إلى أنه لا يحول بينهم وبينه حائل، ولا يصدّهم عنه مانع ما لم تبلغ الروح الحلقوم، أو تطلع الشمس من مغربها. وقال، في خطبة صلاة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب: إن الله تعالى يبدّل سيئات التائب الصادق في توبته إلى حسنات، "الَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا". ودعا إلى النظر إلى فضل الله تعالى على عبده التائب إليه، المنكسر بين يديه، حين يقبل الله عليه، فيقبل توبته، ويمحو صفحته، حتى يصير نقياً سليماً، معافى من الذنوب والخطايا.. فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". الذنوب مهلكات وأكد أن الذنوب مُهلكات مُبعدات عن الله تعالى، تُميت القلوب، وتُورث الذل والهوان، والمقصود أن العباد جبلوا على الخطأ والعصيان، والغفلة والنسيان، فمهما بلغت النفوس من الكمال والصلاح، والتُقى لابد أن تقع في غفلة وهفوة، وتستسلم لإغراء الشيطان والهوى، وتستجيب لداعي الغواية والشهوة. وقال: إن المؤمن إذا وقع في الشهوة والهوى عليه أن يتعامل مع ذلك بالطريق الصحيح الذي يصلح الخطأ، ويبدّل الحال. وأضاف "المرء لو تكرّر منه الذنب مرات ومرات وتاب في كل مرة، أو تاب توبة واحدة من جميع ذنوبه، قبلت توبته، وسقطت ذنوبه، مادام أنه يذنب ثم يتوب، ما لم يستحل الذنب، أو يستهن بالله تعالى، وفي هذا أبلغ المرغبات الداعية إلى التوبة والعودة إلى الله. رفع الدرجات وقال خطيب الجمعة: إن التوبة أعظم الحسنات التي يمحو الله بها الخطايا ويرفع الدرجات وهي أن يترك العبد الذنب لقبحه ويندم على ما فرّط منه ويعزم على ترك العودة إليه ويتدارك ما يمكنه أن يتداركه من الأعمال الصالحة، وهي من أجلّ أخلاق المؤمنين لما تدل عليه من صدق الرجوع إلى الحق والاعتراف بالذنب وانكسار القلب أمام الرب سبحانه وتعالى. وذكر أن التوبة الصادقة تجب ما قبلها من الذنوب والخطايا والإسلام يهدم ما قبله من الفجور والعصيان، قد قالها صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه حين قدم مسلماً مبايعاً فلما وضع يده في يد الرسول صلى الله عليه وسلم للمبايعة على الإسلام قبض يده فقال: مالك يا عمرو قال قلت أردت أن اشترط قال تشترط ماذا؟، قلت أن يُغفر لي، قال أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله. الشارع الحكيم وقال: إن الشارع الحكيم حث على الصالحات الباقيات، واتباع السيّئة الحسنة حتى تمحوها وتطفئ نارها، وكلما كانت الحسنة من جنس السيئة كان ذلك أبلغ في التكفير والعفو. وتحدّث عن وصف المتقين: "وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ". وحث على المُبادرة بالحسنة لدفع السيئة. وقال "بادر بالتوبة لتكفّر عنك الذنب، بادر بالعمل الصالح ليكون لك دافعاً عما بدر منك من الخطايا والسيئات". تكفير السيئات ولفت إلى أن الله شرع لعباده من الصالحات التي تتكرر في حياتهم دون أن يشعروا ما يكفر السيئات التي يقعون فيها، شعروا بها أم لم يشعروا، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفّرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر". وقال: إن على المسلم أن يُكثر من الاستغفار، والأذكار، وتلاوة القرآن، وقول لا إله إلا الله، موضحاً أنها من أعظم الحسنات الملاحيات للسيئات، ومن قالها من قلبه مصدقاً بها، عاملاً بمقتضاها، ومات عليها، أدخله الله الجنة على ما كان منه من العمل. فضل التسبيح ولفت إلى أنه صح عن النبي صلى الله على وسلم: "ومن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر"، "ومن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا رجل عمل أكثر منه"، "ومن صلى على النبي واحدةً، صلى الله عليه بها عشرا، وحطت عنه عشر خطيئات، ورفعت له عشر درجات"، "ومن لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب"، "ومن قال حين يأوي إلى فراشه: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، ثلاث مرات، غفر الله له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر".
مشاركة :