«الشرفات مسارح جاهزة تشبه مسارح الأوبرا يطل منها الفنان على جمهور ليس من طبقة رواد الأوبرا، ولكنه جمهور المارة البسطاء في الشارع»، من هذا المنطلق لفن أكثر أُلفة يكسر صوراً نمطية لا سيما عن الفن الأوبرالي المرتبط بطبقات أكثر رفاهية، أطلقت خمس فتيات من جنسيات عدة (مصرية، لبنانية، فرنسية، ألمانيتان) مشروع «محطات الفن المعاصر». يقدم المشروع التثقيفي الشعبي، الغناء الأوبرالي كطقس منزلي، تخرج فيه المغنيات مردّدات أوبرا فرنسية شهيرة من الشرفة، مرتديات ملابس منزلية، غير مهذبات الشعر، كأنهن يغنين لأنفسهن، بينما تلاحقهن أعين المارة. يرجع «محطات الفن المعاصر» إلى العام 2011، منطلقاً بعروض في القاعات والمسارح كالمعتاد، «لكننا لاحظنا أن الجمهور لا يكاد يتغير»، تقول عضو الفريق ريم خضر (26 عاماً). الأمر الذي دفعهن إلى تطوير فكرتهن، «قررنا النزول بالعروض إلى الشارع ومن هنا انطلقنا فعلياً نحو هدفنا بربط جمهور جديد بالفن». وتعد «أوبرا البلكونة» (الشرفة) من المستحدثات في الشارع المصري صاحب الإرث الضخم في فنون الشارع التراثية بداية من الاراغوز إلى صندوق الدنيا وحتى عروض آلة السمسمية البورسعيدية. تسبق عروض «أوبرا البلكونة» دراسة ميدانية للضاحية التي يقدم فيها العرض. عن ذلك تقول خضر: «نحدد أولاً طبيعة الفن الذي سنقدمه ثم ثلاث أو أربع ضواحي مستهدفة نتواصل مع الأهالي فيها، والضاحية الأكثر تحمساً نقدم فيها العرض. فلا يمكن أن نفاجئ الناس بعروض فنية قد تسبب لهم إزعاجاً داخل البيوت. في المرحلة الثانية يأتي التواصل مع فنانين مستقلين من فناني الشارع. وقدّمت الفتيات الخمس، 14 عرضاً في العام الأخير داخل القاهرة وخارجها بمشاركة 271 فناناً و55 متطوعاً من الشباب ساعدوا في الدعاية. إلى ذلك، تصل خضر إلى مزايا عروضهم في تحقيق لا مركزية الفن «بمعنى ألا يتمركز في القاهرة والإسكندرية، إذ نسعى إلى الخروج بالفن للمحافظات الأخرى، ووصلت عروضنا حتى الآن إلى محافظات دمياط وبورسعيد والمنصورة». وبخلاف العروض الفنية، يعمل «محطات الفن المعاصر» على مشروع «ظلال المدينة» بهدف «إحياء الأماكن الأثرية المهجورة بالفن». عن هذه الفكرة تشرح خضر: «سبق أن قدمنا عرضاً فنياً خلف مبنى أثري في محافظة بورسعيد بالتعاون مع مسؤولين لتهيئة المكان، ومن هنا فكرنا في البحث عن الأماكن الأثرية المهجورة في المحافظات لإعادة إحيائها بالفن كموقع لتقديم العروض أو ورش التدريب. في سبيل ذلك قدمنا دليلاً إلكترونياً للفنانين عن الأماكن الأثرية المهجورة في بورسعيد وسبل استغلالها كبداية». تقدم أكثر من جهة ثقافية الدعم المادي لـ «محطات الفن المعاصر» منها المؤسسة الثقافية الأوروبية والمركز الثقافي البريطاني ومعهد غوتة الألماني، إضافة إلى تعاون محدود مع بعض قصور الثقافة التابعة للدولة في المحافظات.
مشاركة :