إذا كان الفكر الإقصائي مدعاة للذم والتهكم.. فالتهكم على هذا الفكر الإقصائي هو إقصاء آخر.. والجنوح عن (الاحتواء) إلى الانتقاد؛ هو نوع فاخر من الاعتداد بالذات والإقصاء للآخر..! ثم ما هو الانتقاد، إن لم يكن وسيلة فكرية مغلفة بالأدب تنحو منحى النزاهة (نظريًا) لاختراق جسد العدالة وإذابة كل القواسم المشتركة بين الرأي والرأي الآخر.. باعتبار أن الناقد يصنّف فكره –لا إراديًا- كمحك يمكن أن تحتكم إليه فروضات الآراء بالصواب والخطأ؛ أو اللائق وغير اللائق..! لقد بدأت رواية (أنت وأنا) منذ أن شغّل عدو الله إبليس (مخه) وافترض جدلًا أن التمايز في أصل الخلقة هو المُرشد الحقيقي لتحقيق ميزان الأفضلية، متهكمًا على إرادة خالقه العظيم في تصنيف الميزات الفئوية وفق المنجزات والعطاءات لا وفق الأجناس والأهواء، فكان الخزي مصيره. إن النهج الذي ينطوي إراديًا أو لا إراديًا على نفس المنهج الإبليسي في النظر إلى بواطن الآخرين، وخلجات أفكارهم، وومضات آرائهم، وتعبير مشاعرهم، أزعم أنه هو النهج الذي لم يكن أصلًا حضاريًا تُبنى له أو (عليه) قيم العقائد وأعراف الناس. ولكي نتقدم كثيرًا في سِلْم الحياة و(سُلَّمَها) يجب أن نكون منصهرين في رحلة واحدة تبدأ بالولادة وتنتهي بالوفاة، متيقّنين أننا نستحق جميعًا نفس المعطيات البشرية في نفس الكرة الأرضية، مع الإيمان العميق الذي لايخالجه شكّ أن الاختلافات الفكرية هي ميزة إلهية أوجدها الله لتكون مصدرًا للتنوّع الذي يُغذّي العواطف ويُشبع الرغبات النفسية، ويُقيم سوق العيش الإنساني في العمر القصير. لذا، لا تقتلوا أنفسكم، وتزهقوا سبيل البهجة في معيشتكم، وتضيقوا الخناق على مساحات تنفّسكم، وتحطموا آمال غدِكم ومستقبل حياتكم وأعمار ابنائكم في الاقتتال والحشد الفكري، واقبلوا بعضكم ومارسوا الأسلوب العظيم في التعاطي فيما بينكم: (فقولا له قولاً ليّنًا لعله يتذكر أو يخشى)، واطرحوا التأزم والتزمّت، وعيشوا بـ(طينة) أبيكم آدم، ولا تنساقوا مع نار عدوكم إبليس الذي خرج وهو يردد: (أنا خير منه). بارك الله أعماركم، وأعمالكم. رابط الخبر بصحيفة الوئام: أنا خيرٌ منه
مشاركة :