أشغلت دراسة بحثية لتحديد خط الكفاية الأوساط الاجتماعية والاقتصادية في نقاشات مستفيضة حتى كاد الناس ينسون معها خط الفقر، بل إن هذه الدراسة تقول إن خط الكفاية هو البديل المناسب لتحديد مقياس الفقر في المجتمع السعودي، وهو، حسب تعريف الدراسة، الخط الذي يمكن الأسرة المكونة من خمسة أفراد العيش بحياة كريمة دون مساعدات إضافية من المحسنين أو من الجمعيات الخيرية، وحددته الدراسة بنحو 9000 ريال شهريا. اعتمدت هذه الدراسة التي أعدها الدكتور سامي الدامغ وتبنتها مؤسسة الملك خالد الخيرية، عشرة مكونات لخط الكفاية هي الأكل والسكن والصحة والتعليم ومتطلبات الأطفال الرضع والمواصلات والكماليات ثم الخدمات الأساسية والترفيه، اللافت في الدراسة تقديرها لتكاليف السكن بحوالي 15 % من خط الكفاية الذي حددته بتسعة آلاف، أي حوالي 13900، ولا أعرف كيف توصل الباحث لهذا الرقم المتنافر مع مؤشرات تكاليف السكن، واستتبع ذلك الخلوص أن لا مشكلة للسكن لدينا، إذ باستطاعة كل أسرة استقطاع 30 % من دخلها حتى وإن كان أقل من خط الكفاية لتملك سكن، وفي هذا تلتقي الدراسة مع مقولة وزارة الاقتصاد أن لا مشكلة للسكن لدينا، وبالتالي اعتبار جهود وزارة الإسكان جهودا ثانوية لمشكلة مزعومة. سؤالي الأول للمؤسسة الخيرية التي تبنت البحث، كم حجم تبرعاتها وإعاناتها هي لمنسوبيها غير الموسرين لدفع أجور سكنهم، ثم كم حجم إعانات باقي الجمعيات الخيرية لهذا البند تحديدا؟ سؤالي للباحث الكريم كيف تم اختيار العينة العشوائية لبحثه والمكونة من عشرة آلاف أسرة، هل شمل سكان الخيام والبيوت الشعبية وعلب الصفيح، هل ذهب إلى القرى وبعضهم ما زال يعيش على الجبال، ما رأيه في الرقم الذي يقول إن نحو 70 % من السكان لا يملكون سكنا، ثم هل 9000 ريال كافية لأسرة من خمسة أفراد تعيش في الرياض أو جدة أو أي من مدننا الكبار الآن، هل ضرب رقما مفترضا لنسبة التضخم وغلاء الأسعار، كيف ساغ له علميا دمج خط الفقر، وهو المعرف دوليا، بخط الكفاية وهو نخبوي الهوى، هل هذه إعادة تعريف للفقر، وأي فقر قصد، المدقع أم الظاهري كما أفتى أحد مسؤولينا؟ الفقر يا سادة لا يحتاج إلى تعريف، ومنذ اعترف به والد هذا الشعب الملك عبدالله بزيارته الشهيرة لأحد منازل الفقراء، اكتفى كثيرون بالاعتراف بوجوده ولم يبادروا كمسؤولين أو كمراكز أبحاث لتقديم سبل ووسائل معالجته، خط الكفاية درجة أعلى يريد هذا البحث رفعنا إليها، ولكنها رفعة متأخرة، ربما نفعت لو أتت قبل عشر سنين، اليوم تعددت أنواع الفقر وأسبابه لدرجة إعادة الإنتاج، وتغيرت نسب الكفاية حد إعادة تعريف الرفاه. توفير السكن، القضاء على البطالة، الحد من التضخم، السيطرة على السوق غير المتوازن، معرفة حجم المديونية بين المواطنين جميعها، وغيرها كثير، تعتبر عوامل أساسية في تحديد خط الفقر ثم خط الكفاية، الحد من التأثير السلبي لكل أو معظم هذه العوامل يرفع كثيرين فوق الخطين أو يوسع الشقة بينهما.
مشاركة :