تظاهر آلاف المواطنين، غالبيتهم من أنصار التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، في ساحة التحرير وسط بغداد، أمس، تكريما لضحايا مظاهرة السبت الماضي، واحتجاجا على استخدام الأجهزة الأمنية القوة المفرطة في فضّ المظاهرة، عندما حاول بعضهم السير إلى داخل «المنطقة الخضراء»، الأمر الذي تسبب في مقتل ما لا يقل عن 7 أشخاص وإصابة العشرات. ووضع المتظاهرون نعوشا رمزية للضحايا تحت نصب الحرية وشيعوها. كما رفعوا لافتات منددة باستعمال العنف ضدهم، وكرروا مطالبتهم بإقالة المفوضية المستقلة للانتخابات وتغيير قانونها، وأعلنوا عزمهم مواصلة الاحتجاج لحين تلبية مطالبهم. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، ارتدى أغلب المشاركين في التشييع الرمزي ملابس سوداء وحمل عدد كبير منهم إعلاما عراقية، بينما وضعت باقات ورد على أكفان رمزية لضحايا الاحتجاجات. وقال كيلان كاظم (22 عاما): «ما جرى كان مأساة، لكنها كانت من أجل البلد ومن أجل مكافحة الفساد». وكانت قيادة عمليات بغداد قد أصدرت أوامر مشددة بمنع المتظاهرين من بناء سرادق عزاء في ساحة التحرير، وعمدت منذ الصباح الباكر إلى قطع الشوارع المؤدية إلى ساحة التحرير. في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء العبادي في المؤتمر الصحافي الذي عقده في مجلس الوزراء أمس، إن هناك «مندسين وجماعات خارجة عن القانون تستغل المظاهرات» لكنه لم يسمها. وذكر أن حكومته «تشدد على أهمية التظاهر السلمي». وعدّ استهداف «المنطقة الخضراء» الحكومية بصواريخ الكاتيوشا «عملا إجراميا». إلى ذلك، أقامت «جمعية المواطنة لحقوق الإنسان» شكوى لدى مفوضية حقوق الإنسان ضد استخدام الأجهزة الأمنية «الأسلحة النارية» والرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع ضد المظاهرات السلمية، التي نظمها السبت الماضي أنصار التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر. وذكر الناشط المدني جاسم الحلفي أن الجمعية قامت بزيارة المفوضية أول من أمس، للتوقيع على الشكوى واستكمال إجراء إحالتها إلى المدعي العام. وأكد وجود أدلة دامغة على اعتلاء قناصين أسطح الأبنية حول ساحة التحرير، واستخدامهم القنص والرمي العشوائي على المتظاهرين. وللمرة الثانية على التوالي، قامت مجموعة من الأشخاص، لم يعلنوا عن أسمائهم بقرصنة الموقع الرسمي لمفوضية الانتخابات العليا، ووضعوا عليه عبارة: «ليعلم الجميع أننا لسنا مع جهة ما، نحن مع الفقراء الذين ما زالوا يعيشون حياة الذل بسببكم». وفي أجواء التوتر هذه، حذر ممثل الأمم المتحدة في العراق يان كوبيش من تعرض أعضاء مفوضية الانتخابات إلى أي تهديد، لكنه دعا إلى إجراء تغييرات سريعة في القانون الانتخابي. وقال في بيان: «يتوجب تمكين المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من إنجاز مهامها الدستورية بعيدا عن التدخل والترهيب، لحين استبدالها». وحث البرلمان العراقي على «إنهاء المراجعة الجارية لقانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات». وقال كوبيش إنه إذا ما تم اتباع «مبادئ الديمقراطية وقواعد القانون، فستتم الاستجابة لرغبات كثير من العراقيين، في إدخال إصلاح عميق للعملية الانتخابية والمؤسسات».
مشاركة :