أهل «ماسبيرو» يشكون الإعلام الخاص

  • 2/15/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو المواطن المصري في حالة دهشة شديدة من «الحالة» الإعلامية عموماً، ومن تفاعلاتها التي تجعله يوماً متفائلاً ويومين متشائماً. ففي الوقت الذي انتهى مجلس النواب من مناقشة قوانين الإعلام الجديدة منذ أكثر من شهر، فإن شيئاً لم يتحرك لتنفيذ هذه القوانين، سواء بالإعلان عن إطلاق الكيانات الإعلامية الجديدة التي ستستحوذ على الكيانات السابقة أو تضعها في إطار قانوني او المتابعات الرسمية مثل «المجلس الوطني للإعلام» أو «مجلس الإعلام الخاص»، أو الإعلان عن أسباب تأخير بدء هذه المؤسسات لعملها، بالتالي تأخير مراقبتها ومحاسبتها، وأيضاً تأخير البت في أمر «اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري». هي مسألة تثير كثيراً من الانتقاد والحساسيات لأن لا أحد يهتم بها داخل الحكومة المصرية، خصوصاً مع غياب الوزير بعد إلغاء وزارة الإعلام قبل عامين، ليصبح «أهل ماسبيرو» من دون متحدث باسمهم، ومن دون مسؤول عنهم، وبالتالي عن إعلام الدولة، مع كثرة ما يوجه للدولة والحكومة من انتقادات تخص خطابها الإعلامي. جدير بالذكر هنا، أن هذا الموقف من اتحاد «الإذاعة والتلفزيون» والعامليـــن فيه، أوجد جبهة للدفاع عنه من داخله، ومن خارجه أيضاً لشعور مزيـــد من المثقفين وقيادات الرأي العام بأن غيابه أفقد الإعلام المصري المرئي توازنه وصار يجذف بمجذاف واحد في اتجاه رؤى أصحاب وملاك القنوات الخاصة التي تتكاثر وتملأ الدنيا بإعلانات الدعاية لما ستقــــدمه للمشاهد، فإذا بكل هذا الضجيج يسفر عن محتوى متواضع، يبدو الرهان فيه على وجود النجوم، أي نجوم التمثيل والغناء، أكثر من وجــود الإعلاميين أنفسهم، والرهان على برامج الترفيه أكثر من برامج الخدمات كالصحة والتعليم، وبرامج الفن والثقافة، وأيضاً برامج العلم. ويذكر المدافعون عن التلفزيون المصري أن ما قدمه عبر مسيرته التي كانت مزدهرة لعقود ما زال مؤثراً في أجيال تذوقت من خلال برامجه أهمية الموسيقى وجمال الغناء العربي بكل تجلياته وتعلمت كيف ترى أفلام السينما وتناقشها من خلال برامج عدة أشهرها «نادي السينما» و «السينما والناس» وعاشت مع كل أنواع المسرح عبر «فن المسرح» و «تياترو» وغيرهما... حتى فن الباليه كان موجوداً في أمسية أسبوعية على شاشة القناة الثانية وكذلك الفن التشكيلي، أما «الأمسية الثقافية» فكانت البرنامج الذي استضاف من خلاله فاروق شوشة غالبية الأدباء المصريين والعرب. حتى برامج الفلك ودراسة الكون كان يقدمها ذلك التلفزيون الذي كانت تموله الدولة، فأصبح الآن في حالة صعبة من الفقر وغموض المصير وإن ما زال يعمل بمقدار الإمكانات التي يمتلكها وهي ضعيفة أمام إمكانات الشبكات الخاصة، بخاصة الجديدة والتي تمتلك أحدث أجهزة البث والتصوير وتطرح علينا صورة عالية الجودة، ولكن من دون ما يساويها في الفكر والمحتوى. فهل هناك «خطوة صعبة» تخص هذا الجهاز العام تتردد الحكومة في طرحها على الرأي العام؟ وإذا كانت هذه الفكرة التي تراود كثيرين غير صحيحة فكيف يصبح الحل بترك هذا الجهاز كما هو يعاني العاملون فيه من كثير من معوقات العمل، ومن القوانين التي يعود تاريخها لبدايات السبعينات من القرن العشرين، كما يعاني من استنزاف كفاءاته بإغراءات القنوات الخاصة، وليصبح السؤال: هل من المستحيل أن يخضع «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» لعملية إعادة هيكلة كما حدث مع أجهزة مماثلة له في ألمانيا وفرنسا وبلاد أخرى من قبل؟ وهل من الصواب تركه يفقد قوته وتأثيره على هذا النحو فيصبح المشاهد تحت تأثير الإعلام الخاص فقط؟ وإلى أي درجة يمكن هذا الإعلام العام أن يحدث التوازن المفقود في العملية الإعلامية حين عودته قوياً ومؤثراً؟ وإلى أي منحدر يصل إليه الإعلام تحت سيطرة أفراد يمتلكون استثمارات تخصهم ولا تخص الغالبية؟ وهل في الإمكان النظر إلى تجارب رشيدة للإعلام العام في دول مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا والتي لا تمنعها رأسماليتها من إدراك حقوق الغالبية في تلقي إعلام غير منحاز؟

مشاركة :