اتخذت واشنطن وموسكو مواقف متشددة أمس، إذ أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب انها «لا ترى ظروفاً مواتية لتعاون عسكري» مع روسيا التي شددت على «عقم» محاولة الولايات المتحدة «إقامة حوار» بين الجانبين «من موقع قوة». لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتبر أن «إعادة الحوار مع الأجهزة السرية في الولايات المتحدة وأعضاء آخرين في الحلف الأطلسي، من مصلحتنا المشتركة». وأضاف أمام مسؤولي جهاز الأمن الفيديرالي الروسي: «انقطاع الحوار وجموده ليسا ذنبنا. ضرورة التعاون بين الدول المعنية في مكافحة الإرهاب، أمر بديهي جداً. حتى التبادل البسيط للمعلومات في شأن قنوات الإرهاب ومصادره، وفي شأن أفراد ضالعين أو يُشتبه بضلوعهم في الإرهاب، كفيل بمضاعفة فاعلية جهودنا المشتركة إلى حد كبير». تزامنت دعوة بوتين مع إعلان الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن وزراء دفاع الدول الأعضاء اتخذوا في بروكسيل قراراً بـ «تعزيز الوجود البحري للحلف في البحر الأسود، لزيادة التدريبات والمناورات». واستدرك أن الأمر لا يستهدف استفزاز موسكو، قائلاً: «سنزيد وجودنا في البحر الأسود، لكنه سيكون مدروساً ودفاعياً، ولن يكون الهدف منه إطلاقاً التسبّب في أي نزاع أو تصعيد للتوتر». ولفت الى أن ذلك يأتي في إطار «عملية تأقلم أوسع لقدرات الدفاع والردع لدى الحلف، ما يتناسب مع البيئة الأمنية التي تزداد صعوبة وتحدياً، بما في ذلك في منطقة البحر الأسود». وقال مسؤول في الحلف أن القرار اتُخذ لمواجهة الحشد العسكري الروسي في البحر الأسود، ولتعزيز الخاصرة الجنوبية الشرقية للحلف، بعدما أرسل تعزيزات برية إلى دول البلطيق وبولندا. وأضاف أن الهدف هو زيادة جمع الاستخبارات عن مسائل بينها صواريخ روسية من طراز «أرض-جو» منتشرة في المنطقة، مشيراً الى أن الحلف يعتزم أيضاً زيادة دورياته الجوية فوق البحر الأسود. يأتي ذلك في وقت أفادت وكالة «فرانس برس» بأن الولايات المتحدة وروسيا قد تكونان على حافة سباق جديد للتسلّح في أوروبا، كما حدث في أزمة صواريخ هزّت أوروبا قبل انهيار الاتحاد السوفياتي. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» أوردت أن روسيا بدأت تنشر على أراضيها صواريخ متوسطة المدى قادرة على ضرب أوروبا الغربية، منتهكةً معاهدة أُبرمت عام 1987 وحظّرت هذه الصواريخ من الترسانتين الروسية والأميركية. ماتيس في بروكسيل، سُئل ماتيس هل يعتقد أن الروس تدخلوا في انتخابات الرئاسة الأميركية، فأجاب: «هناك شكوك ضعيفة جداً في أنهم، إما تدخلوا أو سعوا الى التدخل في انتخابات في الديموقراطيات». وأضاف في ختام اجتماع لوزراء دفاع «الأطلسي»: «الإشكالية مع روسيا هي وجوب احترامها القانون الدولي، كما نتوقّع من كل دولة في الكرة الأرضية أن تفعل ذلك. لسنا في وضع موات الآن للتعاون على المستوى العسكري، لكن قادتنا السياسيين سيتواصلون لمحاولة إيجاد أرضية مشتركة وطريقة لتحقيق تقدّم». وتابع أن الهدف يكمن في أن «تحترم روسيا التزاماتها وأن تعود الى شراكة، أو نوع من الشراكة، مع الحلف الأطلسي، وعليها إثبات جدارتها أولاً». وكان ماتيس قال في اجتماع مغلق للحلف: «نحن منفتحون على فرص إعادة العلاقة التعاونية مع موسكو، مع البقاء واقعيين في توقعاتنا والحرص على أن يفاوض ديبلوماسيونا من موقع قوة». وعلّق وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قائلاً: «نحن مستعدون لاستئناف التعاون مع البنتاغون، لكن محاولات بناء حوار مع روسيا من موقع قوة ستكون عقيمة. نتوقّع توضيحاً لموقف البنتاغون». وردّ ماتيس مؤكداً أن «الأطلسي كان دوماً يقف في صفّ القوة العسكرية وحماية الديموقراطيات والحريات التي نأمل بتمريرها إلى أطفالنا». في موسكو، لفت الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الى وجود «مشكلات كثيرة»، منبهاً الى أن روسيا والولايات المتحدة «تهدران الوقت لأننا لا نعمل لتسويتها». وأشار الى أن «مشكلات كبرى إلى حدّ يجعل مستحيلاً على أيّ من الولايات المتحدة أو روسيا حلّها وحدها في شكل فاعل»، معرباً عن أمل بـ «الشروع في آلية استئناف علاقات عمل طبيعية مع واشنطن، عاجلاً أو آجلاً». الى ذلك، اتهم غيرنوت إرلر، منسق الشؤون الروسية في الحكومة الألمانية، ترامب بـ «تقوض قدرة السياسات الغربية» على اتخاذ موقف مشترك تجاه الكرملين. وأعرب عن قلق من نفوذ ستيفن بانون، أبرز المستشارين الاستراتيجيين في البيت الأبيض، قائلاً: «لا يمكن للمرء أن يتخيّل أن تفكير هذا الرجل هو الأساس للسياسية الخارجية لأضخم قوة في العالم».
مشاركة :