صادق ناشر التخبط الذي تعيشه الإدارة الأمريكية حيال الأزمة القائمة في الشرق الأوسط، ونقصد بها القضية الفلسطينية، دليل على أن هذه الإدارة لم تعد تملك رؤية واضحة لحل الأزمة وأزمات أخرى في العالم، بل إنها تزيدها تعقيداً، أكثر من المساعدة على الحل، الذي أجمعت عليه دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة نفسها، والذي يستند إلى خيار الدولتين. ولأن أمريكا لم تعد أمريكا، بخاصة منذ أن وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في شهر يناير الماضي، وشروعه في إمساك الملفات السياسية الساخنة، الداخلية منها والخارجية، فإن التخبط حيال معالجة القضية الفلسطينية صار هو العنوان الذي يميز سياسة الإدارة الجديدة، وقد بدأ منذ الأيام الأولى لدخول ترامب البيت الأبيض، عندما أعلن أن إدارته تدرس بجدية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو موقف يتناقض مع مواقف رؤساء أمريكيين سابقين. بعدها توالت الأحداث، ورأينا مزيجاً متنوعاً من المواقف المتذبذبة حيال القضية الفلسطينية، توجت بإعلان ترامب بعدم حماس الولايات المتحدة لخيار حل الدولتين، وهو الخيار الذي أجمع عليه العالم، على الرغم من أنه جاء على حساب الشعب الفلسطيني وعلى حساب أرضه وتاريخه، إذ لا وجود حقيقياً لدولة اسمها إسرائيل، وكل ما في الأمر أن القوى الكبرى فرضت رؤيتها لإقامة دولة إسرائيلية، لتبقى خنجراً مسموماً في قلب الوطن العربي. تذرعت واشنطن بالقول إنها لن تسعى بعد اليوم إلى إملاء شروط أي اتفاق لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، بل ستدعم أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان، أياً كان هذا الاتفاق، ورأت أن حلاً على أساس دولتين لا يجلب السلام ليس هدفاً يريد أي أحد تحقيقه، وهو أمر يتناقض تماماً مع الرؤية الأمريكية لحل القضية الفلسطينية. الموقف الأمريكي الجديد جاء بالتزامن مع الزيارة التي قام بها إلى واشنطن، رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، وهو موقف كان بمثابة مكافأة ل إسرائيل. وفي دليل على التخبط وعدم وجود رؤية واضحة داخل الإدارة الأمريكية حيال الأزمة، قالت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة إن واشنطن لاتزال تؤيد حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنها أشارت إلى أن هناك فسحة للبحث عن بدائل لإحراز تقدم من أجل تحقيق السلام. في كل الأحوال لا دليل على أن الولايات المتحدة لديها العزم الكافي لحل الأزمة في منطقة الشرق الأوسط، وفي القلب منها قضية فلسطين، وإيجاد حل جذري ينهي معاناة شعوب المنطقة، وأن ما يبدر اليوم من مواقف هنا وهناك، يعكس ضبابية الرؤية التي تميز العقلية الأمريكية الجديدة، التي جلبها معه دونالد ترامب قبل وبعد وصوله إلى البيت الأبيض. sadeqnasher8@gmail.com
مشاركة :