رسائل متناقضة لأمير قطر في نيويورك: مع الحل وضدّه

  • 9/21/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد يستنجد بالرئيس الأميركي دونالد ترامب لإخراجه من الأزمة مع رباعي المقاطعة.العرب  [نُشر في 2017/09/21، العدد: 10758، ص(1)]الاستنجاد بالحل الأميركي نيويورك - حملت كلمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمام الأمم المتحدة رسائل متناقضة، بين رغبة في الحوار العاجل مع رباعي المقاطعة وبين اشتراطها أن يكون هذا الحوار دون شروط مسبقة، ما يعكس أن الدوحة تبحث عن مخرج للأزمة التي جرت إليها المنطقة، لكن دون الاعتراف بأن عليها أن تتغير وأن تغير سياساتها في تمويل الإرهاب ورعايته. ووصفت مراجع خليجية كلمة الشيخ تميم بأنها تكرار للأسلوب القطري العاجز عن إدارة الأزمة، وأنها بدل أن ترسل إشارات إيجابية يمكن أن تساعد على فتح كوة في جدار الأزمة زادت في تعقيدها خاصة في ضوء خطاب استنجاد للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومكابرة تجاه الأشقاء. واستغل أمير قطر وجوده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكيل التهم للدول الأربع بمفردات لا تليق بهيبة المكان ولا بمسؤول يبحث عن إخراج بلاده من الأزمة. وتساءلت المراجع الخليجية، إذا كان الشيخ تميم يريد حلا سريعا، ويعرب لترامب عن استعداده التام للقبول بالأوامر الأميركية لإنهاء الأزمة دون اشتراطات، فلماذا يستعمل مفردات صادمة ونابية مثل الغدر والإرهاب والابتزاز. وبدا واضحا أن أمير قطر استغل منبر الأمم المتحدة لتصفية الحساب مع الخصوم بأسلوب غير دبلوماسي، ولا يتماشى مع الأصول المتعارف عليها دوليا، وخاصة على مستوى دول الخليج، لكنه تفاجأ بالبرود الذي رافق كلمته، فضلا عن تركيز كامل في كلمات رؤساء الوفود على نقد الدول الراعية للإرهاب، وفيه غمز مباشر لقطر. وقال متابعون للشأن الخليجي إن خطاب أمير قطر سعى لاستدرار العطف الدولي عبر خطاب المظلومية والتباكي على البعد الإنساني، لكنه في الوقت نفسه كشف أن “الحياة في قطر تسير بشكل طبيعي”، وهو ما يعني أن تضخيم البعد الإنساني مجرد تضليل ومراوغة للفت الأنظار عن أسباب الخلاف الحقيقية، وخاصة دعم الإرهاب. وسخر المتابعون من مزاعم الدوحة بأنها تكافح الإرهاب وأن “وقف إنتاج الإرهاب والتطرف يتحقق بمعالجة جذوره الاجتماعية والسياسية”، مشيرين إلى أن أهم جذور الإرهاب في ملفات المنطقة هو أن قطر تحتضن الجماعات التي تتبنى العنف، وتموّلها، وتحتضن مؤتمراتها العلنية والسرية، وتقدم لها الفدى الضخمة، وتقيم وساطات وصفقات لفتح باب الاعتراف بها. وأشاروا إلى أن كلمة الأمير فتحت الأعين على قطر وصلاتها بالإرهاب أكثر مما جلبت لها متعاطفين، ذلك أن تضخيم القضية يوحي بوجود حقائق تسعى السلطات القطرية لإخفائها وراء المظلومية المبالغ فيها. واعتبر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أن خطاب أمير قطر لم يحمل جديدا وأنه جاء عاكسا لـ”سياسة المظلومية والمكابرة التي ينتهجها نظام الدوحة”. وكتب قرقاش في تغريدة على تويتر “لا جديد، فرصة أخرى تاهت بين المظلومية والمكابرة”. وحاول الشيخ تميم في لقائه بترامب أن يظهر بمظهر الساعي إلى الحل مهما كانت نتائجه في تناقض مع اشتراطات كلمته بأن “يكون في إطار احترام سيادة كل دولة، وألا يوضع في صيغة إملاءات من طرف على طرف، بل تعهدات والتزامات متبادلة”.أنور قرقاش: كلمة الشيخ تميم، فرصة أخرى تاهت بين المظلومية والمكابرة وقالت أوساط دبلوماسية أميركية إن تصريحات أمير قطر في لقائه بالرئيس الأميركي تؤكد أن قطر تراهن على واشنطن لإخراجها من الأزمة، وأن تكون التنازلات إن حصلت مغلفة بوجود وساطة أميركية، وليست استجابة لرغبة دول الجوار في حوار خليجي – خليجي ينهي الخلاف وينزع فتيل الأزمة. وكعادة قطر في طلب الدعم الخارجي، لوّح الشيخ تميم بورقة المال والصفقات العسكرية لاسترضاء واشنطن، وقال “لدينا الكثير للتحدث عنه في التجارة والتعاون العسكري والتعاون الأمني”. وأضاف متوجها لترامب “كما قلت يا سيادة الرئيس، لدينا مشكلة مع جيراننا وتدخلكم سيساعد كثيرا وأنا على يقين أننا يمكن أن نتوصل إلى حل لهذه المشكلة”. وأشارت هذه الأوساط إلى أن الشيخ تميم لا شك أنه اكتشف خلال زيارته أن وسائل الإعلام الأميركية، وأن مسؤولين بارزين كان يأمل أن يلتقي ولو بالبعض منهم، كل هؤلاء لا يمكن أن يبرروا لأي دولة اللعب بورقة الإرهاب مهما كان حجم استثماراتها في الولايات المتحدة، وأن هذا هو سر فشل أمير قطر في عقد لقاءات مع مسؤولين أميركيين بخلاف الحفاوة التي كان يُقابَل بها مسؤولون خليجيون آخرون. وقالت إن نفي ترامب أن يكون قد أجرى اتصالات مع السعودية لتحذيرها من القيام بعمل عسكري ضد قطر يدخل في سياق سحب البساط من السلطات القطرية التي تطلق الإشاعات لكسب التعاطف والإيهام بأن مخاوفها حقيقية، وتبرير هروبها من الحل، ولجوئها إلى اختلاق الأزمات لتحقيق ذلك مثلما حصل مع المكالمة الهاتفية بين الشيخ تميم والأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية. ولفتت إلى أن زيارة الشيخ تميم وكلمته أمام الأمم المتحدة لم تبددا الشكوك حول دور قطر في رعاية جماعات الإسلام السياسي، بل وعلى العكس فإنهما فتحتا الأعين على الاتهامات الموجهة إليها ومدى صدقيتها، خاصة مع الوقفة التي قامت بها أعداد من الجالية العربية للتنديد بدعم قطر للمنظمات الإرهابية. وعرض المشاركون في الوقفة الاحتجاجية صورا تتهم الدوحة بدعم الإرهاب، فيما رفع عدد آخر لافتات تطالب المجتمع الدولي بوقف التمويل القطري للإرهاب، كما طالب البعض الآخر بتجريم قطر لمحاولاتها تفتيت المجتمعات العربية، مؤكدين أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. وكشفت الأوساط ذاتها أن إعلان الشيخ تميم القبول بأوامر ترامب في حل سريع للأزمة دون أي اعتراض أو احتراز كان ناجما عن موقف الرئيس الأميركي الذي طالب ضيفه القطري بالقطع مع سياسة الهروب إلى الأمام، والالتزام بالحوار بشكل واضح وقاطع. وتساءل مراقبون عرب في واشنطن: هل أن تسليم مقود القيادة القطرية إلى ترامب سيعني أن الدوحة خرجت من الورطة، وأن الدول الأربع ستقبل بواسطة دون ضمانات تستجيب لما رفعته من مطالب واضحة. وقلل هؤلاء المراقبون من سقف انتظار الدوحة ورهانها على الرئيس الأميركي لإنقاذها، مشيرين إلى أن الدول الأربع صديقة لواشنطن، لكنها لن تقبل أي ضغوط ولن تشترك في حل لا يحقق مطالبها، ولا يفرض على قطر وقف التدخل في شؤون دول الجوار، وضرورة طرد الأفراد والكيانات المعادية، ولجم الإعلام القطري، فضلا عن الالتزام بموقف مجلس التعاون في ما يخص العلاقة مع إيران. وفيما كانت كلمات رؤساء الكثير من الوفود تهاجم إيران وتتهمها بتهديد الأمن والسلم في المنطقة، خرج الشيخ تميم بموقف مغاير تماما بالدعوة إلى الحوار معها، ما يضعه في موقف صعب مع واشنطن التي يلقي عليها بحمل إخراجه من الورطة مع الرباعي المقاطع.

مشاركة :