قال فضيلة د. محمود عبدالعزيز يوسف إن الإسلام يفرض على المسلم أن يكون صادقاً مع الله وصادقاً مع الناس وصادقاً مع نفسه، مشيراً إلى أن الصدق مع الله يكون بإخلاص الأعمال كلها لله، فلا يكون فيها رياءٌ ولا سمعةٌ، فمن عمل عملاً لم يخلص فيه النية لله لم يتقبل الله منه عمله، والمسلم يخلص في جميع الطاعات بإعطائها حقّها وأدائها على الوجه المطلوب منه. وأشار د. محمود عبدالعزيز في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد المغيرة بن شعبة بالريان الجديد إلى أن الصدق مع الناس يكون بألا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين، لافتاً إلى ما رُوي من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ. وذكر الخطيب أن الصدق مع النفس يتحقق عندما لا يخدع المسلم نفسه، ويعترف بعيوبه وأخطائه ويصحّحها، فهو يعلم أن الصدق طريق النجاة، قال صلى الله عليه وسلم: دع ما يُرِيبُك إلى ما لا يُرِيبُك، فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة وأكد أن المسلم يقول ما يعتقد، وإلا كان في إيمانه شيء من النفاق، ومن صدق الحديث ألا يحدث الإنسان بكل ما سمع، وبحسب المرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع. فضل الصدق وأوضح أن المولى عزّ وجلّ قد أثنى على الصادقين بأنهم هم المتقون أصحاب الجنة، جزاءً لهم على صدقهم، لافتاً إلى قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ). وبيّن أن الصدق طمأنينة، ومنجاة في الدنيا والآخرة، مشيراً إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " تَحَرَّوُا الصِّدْقَ وَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنَّ فِيهِ الْهَلَكَةَ فَإِنَّ فِيهِ النَّجَاةَ، وَاجْتَنِبُوا الْكَذِبَ وَإِنَّ رَأَيْتُمْ أَنَّ فِيهِ النَّجَاةَ فَإِنَّ فِيهِ الْهَلَكَةَ". وأكّد أن الصدق يؤدّي إلى تحقيق العبودية لله تعالى بالإخلاص له، والمُتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن فضائله أن فيه حُسن العاقبة للأهل في الدنيا والآخرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِّرِّ، وِإِنَّ البِّرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ". كما أن الصدق فيه مُراقبة الله سبحانه وتعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم: " وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ". ونوّه بأن الصدق يقود إلى التوفيق لحسن الخاتمة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً". الصدق في المجتمع وأكّد خطيب مسجد المغيرة بن شعبة أن حاجة المجتمع الإنساني إلى خلق الصدق، تبدو لنا حينما نلاحظ أن شطراً كبيراً من العلاقات الاجتماعية، والمعاملات الإنسانية، تعتمد على شرف الكلمة، فإذا لم تكن الكلمة معبرة تعبيراً صادقاً عما في نفس قائلها، لم نجد وسيلة أخرى كافية نعرّف فيها إرادات الناس، ونعرّف فيها حاجاتهم ونعرف فيها حقيقة أخبارهم. وذكر أنه لولا الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم الروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور مجتمعاً قائماً على الكذب؛ لندرك مبلغ تفككه وانعدام صور التعاون بين أفراده، متسائلاً: كيف يكون لمجتمعٍ ما كيان متماسك، وأفراده لا يتعاملون فيما بينهم بالصدق؟! وكيف يكون لمثل هذا المجتمع رصيدٌ من ثقافة، أو تاريخ، أو حضارة؟!
مشاركة :