الحب في زمن الكوليرا..

  • 2/20/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

(1) لا أدري لماذا حضر اسم هذه الرواية في بالي، رغم أني لا أريد أن أتحدث عنها أو عن راويها غابرييل غارسيا ماركيز؟ ربما جاء اسم هذه الرواية لما أشهده من تدهور الحب في خضم هذا المرض الإنساني الذي نعيشه يومياً، لكن السؤال الذي يراودني، هل الإنسانية فعلاً مريضة أم أنها تمارس طبيعتها؟ وما نراه من مرضها ما هو إلا أفيون نعتقد فيه لكي نواسي بعضنا البعض بكون ما يصيب الإنسانية من تدهور يومي أمر عارض وسوف يذهب إلى سبيله مهما طال ومهما اعتدنا عليه. (2) ما اكتشفته مع الأسف أن العارض ليس مرض الإنسانية، لأن الإنسانية ليست مريضة أصلاً بل هي فقط تمارس نفسها من وحشية وهمجية وعبادة القوة وتسلق السلطة والتحكم بالآخر، أياً كان وبأي شكل من الأشكال، وما العارض في التاريخ الإنساني إلا ما نطلق عليه الحب، لكنه عارض مهم، عارض لا تتكون الإنسانية إلا في رحمه ومن خلاله، لذلك لا يزال هناك من يراهن على الحب ليطهر شيئاً فيه وفي قبيلتنا العظمى التي يطلق عليها قبيلة الإنسان. (3) «لماذا الحب دون غيره؟»، ربما تتساءل. جوابي لك سيكون، لأن الحب هو الوحيد الذي يستطيع أن يحمل بين خلاياه ما لا يستطيع أن يحمله غيره. ستسأل، «كيف؟»، سأجيبك لأنه يحمل فيه كل ما يُعمر الإنسانية وما انسانيتك دونه إلا محض خراب. (4) أعلم أنك ترى في قولي الأخير الكثير من التعميم، وأعلم أنك، أو على الأقل جزء منك، يستنكر ما أقوله، وربما تراني مبالغاً بشأن إيماني في الحب وانني أحمِّله أكثر مما يستطيع أو يستوعب، لكن لنجرب تجربة بسيطة لأؤكد لك أن ما أقوله ليس مبنيا على التخيل والتمني، إنما على وقائع في الإنسانية التي، على الرغم من أني ادعيت أنها تمارس طبيعتها عندما تمارس البطش والوحشية والهمجية وعبادة القوة وتسلق السلطة والتحكم بالآخر، أياً كان وبأي شكل من الأشكال، لكن هذه الطبيعة لو مورست وهي «تصطبغ» فقط بالحب لتحول الدكتاتور فيها إلى أب، والنظام الشمولي الفاشي إلى نظام بانٍ للحضارات، والغزاة إلى مستعمرين وناقلين للنهضة والعلم والحرية والديموقراطية.. إلخ. تخيل لو مارست الإنسانية طبيعتها وهي تؤسس هذه الطبيعة من داخلها بالحب ألا تعتقد أنها ستنتقل من مرحلتها الإنسانية إلى مرحلة أخرى يصعب تحديد مسماها، لكنها تقترب إلى مرحلة الملائكية التي تحول مدن الملح التي تسود هذا الكوكب وتحولها إلى مدن فاضلة!. حمود الشايجي

مشاركة :