الملف الليبي يؤجج صراع المصالح بين روسيا وبريطانيا شن وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، هجوما عنيفا على نظيره البريطاني، مايكل فالون، ردا على تصريحات سابقة له حذر فيها من مخاطر تدخل موسكو في الشأن الليبي، وهو ما يعكس تصاعد الصراع من أجل النفوذ والمصالح في هذه البلاد. العربالجمعي قاسمي [نُشرفي2017/02/23، العدد: 10552، ص(4)] يحرس ثروات بلاده، لكن ممن تونس - عاد صراع المصالح بين روسيا والغرب، وبالتحديد بين موسكو ولندن، ليطفو على السطح من جديد في سياق مشاهد الاشتباك السياسي والدبلوماسي على وقع خرائط التحالفات التي يراد لها أن تتبلور قبل الوصول إلى تسوية سياسية تُعيد ليبيا بقدراتها النفطية إلى الأسواق العالمية. وفي تطور لافت لذلك الصراع الذي تحول إلى تصعيد كلامي غير مسبوق فرضته لعبة المصالح، ومناطق النفوذ، شن وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، هجوما عنيفا على نظيره البريطاني، مايكل فالون، ردا على تصريحات سابقة له حذر فيها من مخاطر تدخل موسكو في الشأن الليبي. وقال شويغو في كلمة ألقاها، مساء الثلاثاء، أمام عدد من طلاب مؤسسة موسكو للعلاقات الدولية بالعاصمة موسكو “ليس في الغرب من يمكنه أن يقول للدب ماذا يتوجب عليه أن يفعل”، وذلك في إشارة إلى بلاده. ويأتي هذا المنحى التصعيدي في الخطاب الروسي، ردا على ما ورد في كلمة وزير الدفاع البريطاني، التي ألقاها الخميس، في مؤتمر ميونيخ للأمن، والتي حذر فيها روسيا من التدخل في ليبيا. وقال في كلمته، إن “روسيا تختبر التحالف العسكري مع دخول رجل ليبيا القوي القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر في المنافسة مع حكومة طرابلس التي تدعمها الأمم المتحدة…، إنه يضغط أينما ظهرت له ملامح ضعف، ونحن لا نريد من الدب أن يحشر أنفه، كما لا نريد عبثا لأيدي الدب في المنطقة”. ورأى مراقبون أن هذا التصعيد الكلامي الذي يأتي على وقع التغيير اللافت في أولويات الإدارة الأميركية، وفي خرائط التحالفات القائمة، إنما يعكس قلق الغرب من تنامي التنسيق بين حفتر، والقيادة الروسية التي لا تُخفي سعيها إلى تموضع جديد في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، والذي لا يزال مُرتبكا في بعض جوانبه. سيرجي شويغو: لا يوجد في الغرب من بامكانه أن يقول للدب ماذا يتوجب عليه أن يفعل ويبدو أن تزايد المؤشرات على اقتراب حسم الملف الليبي على ضوء تبدل الخرائط الفعلية للتحالفات أو التفاهمات، وربما معادلات الاشتباك السياسي وغير السياسي في هذه اللحظة التي توصف بالفاصلة على مسرح الأحداث في المنطقة، هو الذي دفع روسيا إلى هذا الخطاب المُتشنج الذي أرادت من خلاله توجيه رسائل تحمل دلالة سياسية تتجاوز بكثير حدود ما تنطوي عليه خرائط التحالفات الناشئة، ومساحة نقاط الاشتباك المستجدة. وتتراوح تلك النقاط بين التنافس الحاد حول مبيعات السلاح إلى ليبيا، حيث تشير بعض التقارير إلى سعي روسي لرفع حظر التسليح عن الجيش الليبي، والصراع على النفط، على ضوء التقارب السريع بين حفتر وروسيا، على حساب الغرب، لا سيما، وان تصريحات وزير الدفاع الروسي تزامنت مع توقيع المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، وشركة “روسنفت” الروسية المملوكة للدولة اتفاقية إطار للتعاون، لفتح المجال للاستثمار للشركة الروسية في قطاع النفط الليبي. وأوضحت المؤسسة الليبية، في بيان وزعته الثلاثاء، أن التوقيع على اتفاقية التعاون المذكورة، تم الإثنين، في العاصمة البريطانية لندن، أثناء تواجد رئيسي المؤسستين الليبية مصطفى صنع الله، والروسية إيغور سيتشين. وتنص الاتفاقية على “بيع النفط الخام الليبي إلى شركة روسنفت الروسية، إلى جانب إنشاء لجنة عمل مشتركة بين الطرفين لتقييم الفرص المتاحة في مجموعة متنوعة من القطاعات بما في ذلك الاستكشاف والإنتاج”. واعتبر رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، أن هذه الاتفاقية مع أكبر شركة نفط في روسيا “تضع الأسس للجانبين الليبي والروسي لتحديد مجالات التعاون المشترك”، لافتا في هذا السياق إلى أنه “بالعمل مع المؤسسة فإنه بإمكان شركة روسنفت وروسيا لعب دور مهم وبناء في ليبيا”. ويُرجح المراقبون أن يأخذ هذا الصراع منحى تصاعديا مع قادم الأيام، خاصة وأن بريطانيا التي مازالت تُراهن على حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، رغم ما اعترى مواقفها من تذبذب خلال الأيام القليلة الماضية، عكسته تصريحات سفيرها لدى ليبيا، بيتر مليت، شكك فيها في “شرعية الاتفاق السياسي الليبي”، وأداء المجلس الرئاسي الذي يقوده السراج، تبدو معنية بالحفاظ على مصالحها في ليبيا، تماما مثل روسيا التي استطاعت التسلل إلى ليبيا من خلال التقارب مع القائد العام للجيش الوطني الليبي. وساهمت هذه التطورات في بروز معادلة سياسية أعادت رسم خارطة التحالفات الليبية-الليبية، على قواعد وأسس جديدة، كان لها كبير الأثر في إعادة حسابات الدول الغربية، وكذلك أيضا دول الجوار الليبي، والجامعة العربية التي وصل مبعوثها الخاص صلاح الدين الجمالي، الأربعاء، إلى العاصمة طرابلس، في زيارة هي الأولى له منذ توليه مهمته في مطلع نوفمبر الماضي كمبعوث للأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا، وذلك لبحث تطورات الأوضاع ومبادرات دول الجوار للتسوية السياسية للأزمة الليبية.
مشاركة :