صادق البرلمان التونسي على قانون يتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين، وسط ترحيب الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بهذا الإنجاز، ودعوات إلى اتخاذ إجراءات حازمة لمكافحة الفساد الذي استشرى في تونس باعتراف مسؤولين ومنظمات محلية وعالمية. وصوّت 145 نائباً لمصلحة «القانون الأساسي المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه» من أصل 217 نائباً، إذ اعتبر نائب رئيس البرلمان عبد الفتاح مورو أن المصادقة على هذا القانون «أهم إنجاز للثورة التونسية» التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل 6 سنوات. ويتضمن القانون الجديد حماية للمبلغين ويجرم تهديدهم والانتقام منهم على خلفية تبليغهم عن الفساد، بخاصة إذا كانوا من موظفي القطاع العام، ويجرم أيضاً الإجراءات التأديبية بحقهم على غرار العزل من الوظيفة ورفض ترقيتهم ونقلهم بطريقة تعسفية. وكان رئيس «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» شوقي الطبيب حذر من أن «المبلغين عن الفساد من موظفي الإدارات العامة يتعرضون إلى التنكيل والتضييق من رؤسائهم في العمل»، في ظل إحصاءات تشير إلى أن 90 في المئة من ملفات الفساد الواردة إلى هيئة مكافحة الفساد (هيئة عامة مستقلة) أتت ضد إدارات ومنشآت عامة أبلغ عنها موظفون في هذه الإدارات. ودعا وزير الوظيفة العامة عبيد البريكي التونسيين إلى الابلاغ عن الفساد دون خوف من أي إجراء إداري انتقامي»، مشيراً إلى أن القانون الجديد يضمن حقوق المبلغ في المحافظة على وظيفته، إضافة إلى منحه مبلغاً مالياً لكشفه عن أي حالة فساد في الإدارة التونسية. وأضاف البريكي في كلمة أمام البرلمان عقب التصديق على القانون، أن وجود تشريعات قوية مثل قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين سيسهّل عملية مكافحة هذه الآفة، معتبراً أن الحكومة «لم تحرز تقدماً في هذا المجال بسبب غياب التشريعات اللازمة». وتعرض موظفون بلغوا عن الفساد لعقوبات وإجراءات بحقهم بلغت حد المحاكمة بتهمة إفشاء السر المهني، ويبلغ 5 في المئة فقط من التونسيين عن حالات الفساد بسبب خوفهم من الانتقام وغياب قانون يحمي المبلغين. في المقابل، اعتبر رئيس منظمة «أنا يقظ» (الناشطة في مجال مكافحة الفساد) أشرف العوادي، في تصريح لـ «الحياة»، أن هذا القانون «خطوة ايجابية تنقصها تشريعات أخرى على غرار قانون لمنع تضارب المصالح وقانون للتصريح عن ممتلكات المسؤولين والموظفين العامين وقانون لمكافحة الإثراء غير المشروع». وقال العوادي إن «في هذا القانون بعض النواقص، إذ حصر الفساد في حالات معينة ولم يتم تضمين حالات الفساد في الشراءات والصفقات والمحاباة»، مشيراً إلى أنه كان من الأجدر وضع تعريف عام للفساد دون حصره حتى يتمكن القضاء من البت في كل الحالات. وأظهرت منظمة الشفافية الدولية تراجع تونس على لائحة الفساد التي تصدرها، من المرتبة 59 في العام 2010 (قبل الثورة) إلى المرتبة 75 العام الماضي.
مشاركة :