بعد ٥٥ عاماً من العملية السياسية بعد دستور ١٩٦٢، تعاني العملية السياسية في الكويت تشوهات خطيرة تحتاج إلى مراجعة وعملية تطوير لتواكب العصر، والأهم هو الحفاظ عليها من عملية هدم متعمدة من عدة أطراف هدفها واحد هو تغيير الدستور، لا لمزيد من الحريات كما نصت المادة (١٧٥) مثلاً، بل بالعكس لمزيد من التضييق والتراجع المخيف عن حقوق الموطن! ولكي نكون واضحين، فإن هنالك خللاً كبيراً ظهر على مدى السنين، بعضه بفعل السلطة من خلال تعطيل العمل بالدستور أو محاولة تفريغه، ومن جهة أخرى بعض النخب السياسية التي عقدت، ومازال بعضها إلى يومنا هذا يمارس نفس الأدوار، صفقات مناصبية أو تجارية أو هيمنة على قطاع أو غيره. ففي عدم وجود تنظيم سياسي واضح، فإن البعض يضمن، بوجود قواعد طائفية قبلية عائلية، عودته إلى البرلمان حتى لو لم ينجز شيئا، مع أن بعضهم لا يعرف حتى تركيب جملة مفيدة، فضلاً عن بعض التصريحات الكارثية التي تخرج من هذا الصنف الذي قيل عنه يتكلم ثم يفكر؟ فهؤلاء لا مشكلة لهم في توقف التنمية وتكدس التخلف والبطالة والتعليم والصحة الخ، لان قواعدهم لا تعاني! فوجود تنظيم، يقر بقانون، بعدم السماح بإنشاء أو إشهار تجمع أو حزب إلا أن يكون مشكّلاً من عدة مكونات اجتماعية، وتشكيل هيئة أو مفوضية للإشراف على العملية الانتخابية تحت إشراف قضائي، يقطعان أغلب الطريق على التخوف المبرر من هيمنة فئة معينة على العملية السياسية، كما يضمنان عدم تحويل هذه الأحزاب إلى دكاكين للخارج، وهناك تجارب حولنا تشهد لذلك وتدلل عليه! فالحكومة التي ستشكل من قبل الحزب الفائز في الانتخابات أو المشكّلة من البرلمان، من شأنها أن تحقق أهدافاً كبيرة، أولها تعزيز الديمقراطية والحفاظ عليها، ثانياً تعزيز المشاركة، فهنا يصبح المواطن مشاركاً فعلياً في إنجاح حكومة أو إسقاطها من خلال برنامجها الذي صوت لها من أجله، مع قطع الطريق على تجار الفتنة ومستوردي مشاكل الآخرين، فضلاً عن أصحاب الخواء الفكري، فهنا ستتقلص النزعة الفردية، وفي النهاية فإن المجتمع لا ينهض بنزعة فردية أو بطولات زائفة على حساب الوطن والمواطن. فلنقرع الجرس دون الاكتفاء بتعليقه... "الأحزاب جزء كبير من الحل لأغلب الأمور أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً"... "في عصرنا لا يوجد شيء اسمه بعيد عن السياسة، فكل القضايا هي قضايا سياسية".... جورج أوريل.
مشاركة :