تونس قادرة على تجاوز أزمتها

  • 2/25/2017
  • 00:00
  • 47
  • 0
  • 0
news-picture

صدر أخيراً تقرير عن المعهد التونسي للإحصاء يفيد بأن نسبة العاطلين من العمل ارتفعت بنسبة 0.2 في المئة خلال الربع الثالث من العام الماضي لتصل إلى 15.5 في المئة. ولا شك في أن معدل البطالة هذا يعتبر مرتفعاً حتى لو كانت البلاد من البلدان النامية. والأهم من ذلك أن البطالة بين الإناث تصل إلى 23.2 في المئة في حين تصل بين الذكور إلى 12.5 في المئة. وتبلغ بين خريجي الجامعات 30 في المئة (19.9 في المئة للذكور و40.4 في المئة للإناث). هذه البيانات الصادرة عن جهة حكومية لا بد من أن تثير قلــــق الإدارة الاقتصادية والقيادة السياسية. وشكلت مشاكـل التوظيف والبطالة معضلات سياسية مهمة خــــلال التــاريخ المعاصر لتونس منذ إعلان الاستقلال وقيام الجمهورية برئاسة الحبيب بورقيبة عام 1956. قد لا تكون هناك إمكانات واعدة لخفض معدل البطالة، إلا أن الحكومة التونسية الجديدة أقرت مشاريع اقتصادية عديدة تهدف إلى إتاحة فرص عمل في مختلف مناطق البلاد. وأشارت إلى إمكانات لإيجاد 58 ألف وظيفة جديدة خلال السنوات المقبلة، وأن الحكومة قد تتيح منها 15 ألفاً و500 فرصة العام المقبل. وتراهن الحكومة في ذلك على المشاريع الصغيرة، ورُصد 250 مليون دينار تونسي (100 مليون دولار) لدعم هذه المشاريع. وخلال الأسبوع الأخير من تشرين الثاني (نوفمبر) عقد المنتدى الدولي للاستثمار، وعُرضت عشرات المشاريع لمستثمرين وشُجعوا على الاستثمار فيها. وتأمل الحكومة بأن تستوعب هذه المشاريع العتيدة ما يقارب 630 ألف عاطل من العمل. ربما لن يكون من السهل إقناع المستثمرين المحليين والأجانب بتوظيف أموالهم في هذه المشاريع قبل أن يقتنع هؤلاء بإمكان تحقيق الاستقرار السياسي المناسب والأوضاع الأمنية الملائمة، التي شهدت توترات وحوادث خلال السنوات الخمس المنصرمة. وأدت الأوضاع السياسية والأمنية خلال السنوات الماضية إلى تراجع مهم في أعداد السياح وتعطل المنتجعات والفنادق في العديد من المناطق التونسية. ومعلوم أن السياحة تمثل مصدراً مهماً للدخل، وهي أيضاً توظف أعداداً كبيرة من التونسيين. لجهة الأرقام، بلغ الناتج المحلي الإجمالي في تونس 48 بليون دولار عام 2015، ولذلك فإن متوسط دخل الفرد السنوي بلغ أربعة آلاف و325 دولاراً تقريباً، إذ إن عدد سكان البلاد يبلغ 11.1 مليون شخص. ويقدّر المجلس العالمي للسفر والسياحة أن مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 7.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2014، وأن هذه المساهمة ستتراوح بين ستة وسبعة في المئة خلال 2015 - 2025. لكن إذا أضيفت إلى مساهمة السياحة المباشرة مساهمة القطاعات الخدمية الأخرى ذات الصلة تكون السياحة ولدت نحو 15.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2014، وقد تولد ما يقارب 12.8 في المئة سنوياً خلال السنين العشر المقبلة. والأهم من ذلك أن القطاع السياحي يضم 230 ألفاً و500 وظيفة في شكل مباشر وما يقدر بـ473 ألف وظيفة، إذا أخذنا في الاعتبار القطاعات ذات الارتباط بالنشاط السياحي. وتفيد البيانات الرسمية بأن السياح في تونس ضخوا في البلاد 2.2 بليون دولار عام 2014، وهناك آمال بأن يرتفع معدل إنفاق السياح خلال السنوات المقبلة إلى ثلاثة بلايين دولار سنوياً. ربما تتحقق توقعات كهذه إذا تمكنت الحكومة من ضبط الإيقاع السياسي وعالجت المشاكل الأمنية وأنجزت عدداً من المشاريع الأساسية التي يطلبها تطوير هذا القطاع. وشهد الاقتصاد التونسي تراجعاً مهماً في الأداء لدى مختلف القطاعات منذ بداية 2011. وبحثت الحكومة التونسية مع العديد من الحكومات والمؤسسات الدولية كيفية جلب تمويلات لازمة. واقترح الاتحاد الأوروبي تأمين دعم مالي كلي للبلاد بحد أقصى مقداره 500 مليون يورو، وتم اعتماد 300 مليون يورو عام 2014، على أن يُدفع المتبقي خلال 2016. وهناك أيضاً دعم مالي يقدر بـ2.9 بليون دولار معتمدة من صندوق النقد الدولي. غني عن البيان أن هذه الدعوم مشروطة بتطوير النظام السياسي في البلاد واستكمال التحول الديموقراطي المنشود وضمان الأمن والاستقرار اللازمين لنيل ثقة المستثمرين. لكن لا بد من التأكيد أن تونس يمكن لها أن تفي بالشروط المحددة من جانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبلدان المانحة الأخرى، ففي البلاد مجتمع مدني يؤكد أهمية التعايش بين مختلف التيارات السياسية، وهناك فئات مهنية حظيت بتعليم جيد يؤهلها لشغل الوظائف الأساسية في مختلف المنشآت الوطنية. وتتمتع تونس بعلاقات جيدة مع بلدان الاتحاد الأوروبي وهناك جاليات تونسية تعيش في فرنسا وبلجيكا وغيرها من بلدان أوروبية يمكن أن تساهم في دعم الاقتصاد التونسي من خلال تحويلاتها. * كاتب متخصص بالشؤون الاقتصادية

مشاركة :