أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب علي العرادي أن التعديل الدستوري المتعلق بتنظيم اختصاصات القضاء العسكري يتطلب فيه الإيضاح عبر قراءة نصه والمذكرة التفسيرية المتعلقة بشأنه بشكل فاحص ودقيق، وذكر أن التعديل الدستوري لم يأتِ لتعطيل المحاكم المدنية أو إرجاء القضايا التي تنظر فيها النيابة العامة اليوم للنيابة العسكرية، حيث إن الأصل هو خضوع المدنيين للقضاء المدني وقد جاء التعديل الدستوري ليشير في مذكرته التفسيرية إلى المهمات الجسيمة التي تقوم بها قوة دفاع البحرين والحرس الوطني وقوات الأمن العام في أداء مهماتها داخل مملكة البحرين وخارجها وأن هذه القوات أصبحت تتعرض لمخاطر كبيرة وأنه بات من الضروري أن تواكب المنظومة القضائية العسكرية في مملكة البحرين هذه التطورات وهذا يتطلب استبدال البند (ب) من المادة 105 من الدستور «... ليمتد اختصاص القضاء العسكري ليشمل الجرائم التي يحددها القانون وبما يحقق الحفاظ على هيبة ومصالح كل الأجهزة العسكرية في المملكة إذ من طبيعة الجرائم الماسة بالجهات العسكرية تجعل من القضاء العسكري أكثر مرونة وسرعة في التعامل معها تحقيقاً ومحاكمة وبما يحفظ للدولة امنها واستقرارها»، هذا ويخص التعديل الدستوري بصورة أولية أولئك العاملين في المؤسسات العسكرية، وهو ما أكدته مرئيات وزارة الداخلية التي جاءت لتبين أن التعديل يأتي بصورة أساسية لمحاكمة الموظفين المدنيين الذين يعملون في الوازرة، حيث إنهم بحكم وظائفهم يطلعون على معلومات سرية ومهمة. ورأى أن التعديل جاء لتعزيز وتحصين المؤسسة الأمنية وحماية معلوماتها من التسرب، وخصوصاً مع ما تؤكده وزارة الداخلية من أنها ستتمكن عبر التعديل الدستوري من تلافي الإرباك الذي قد يحصل من قيام أحدهم بتسريب معلومات مهمة فتكون الوازرة بين أمرين محاسبته وإحالته للمحكمة المدنية وبالتالي تصبح المعلومات السرية محل الحماية متاحة لغير الجهات المعنية بها، الأمر الذي يتطلب تعديلاً يمكن معه محاكمته في المحاكم العسكرية والحفاظ على سرية المعلومات تحقيقاً للمصلحة العامة وحفاظاً على طبيعة عمل القوة النظامية إزاء كل ما تتعرض له في إطار القانون وكذلك يتيح التعديل إمكانية إحالة بعض الجرائم الإرهابية التي تشكل خطراً على أمن المجتمع وتهدد المصلحة العامة إلى القضاء العسكري إذا كان هنالك ما يستدعي ذلك. وبين العرادي أن النص الدستوري هو العنوان العريض والمنطلق للتشريع، إلا أنه لا يستدعي التسرع في وضع التصورات المسبقة والتصورات غير الدقيقة بشأن التعديل الدستوري، وخصوصاً أن التفاصيل تأتي مع النصوص القانونية التي تبنى على غرار النص الدستوري، والذي سيكون لمجلس النواب دوره فيها، بعد أن تأتِ من السلطة التنفيذية. وبين أن التعديل الدستوري يأتي بغية تطوير القضاء العسكري وتحسينه، ففضلاً عن كونه يهتم بتعزيز حماية المنشآت العسكرية ورجالها، فإنه سيفسح المجال بصورة أوضح لتحقيق التطلعات التطويرية والتوجهات لدى وزارة الداخلية من إنشاء محكمة للتمييز أسوة بالوضع في قوة الدفاع من أجل ترسيخ المبادئ القانونية وضمانات المحاكمة العادلة، الأمر الذي سيضيف الكثير في الخطة التطويرية للقضاء العسكري في وزارة الداخلية. وبين أنه ونتيجة للظروف الأمنية التي تعصف بالعالم والمنطقة العربية تحديداً والتي تقع البحرين ضمنها، تستدعي أن تكون هناك تحصينات تحافظ على أمن المجتمع مما يهدد مصلحته العامة، واستيعاب الجرائم التي تمس استقراره. وذكر أن القضاء البحريني المدني سيبقى محافظاً على وجوده، عبر ما أكدته وزارة الداخلية بأن التعديل الدستوري ليس من شأنه أن يمنع إحالة بعض القضايا إلى النيابة العامة إذا نص القانون على ذلك، ما يعني أنه ليس من شأن هذا التعديل الدستوري أن يخلق نوعاً من التداخل أو التعارض في الاختصاصات، مشيراً العرادي إلى أن هذا التعديل يمكن أن يشكل حالة من التكامل بين الأجهزة القضائية المختلفة في البحرين. وبين أن المرئيات الواردة من وزارتي الداخلية والدفاع قد بددت المخاوف والشكوك التي أثيرت بشأن التعديل، فيما أكدت الدفاع أن التعديل لا يستدعي أن نتخوف من المثول أمام القاضي العسكري كونه قاضياً طبيعياً أسوة بالقاضي المدني، ما يعني أن للماثلين أمام القضاء الحقوق ذاتها الموجودة في القضاء المدني من توكيل محامٍ ووجود نيابة.
مشاركة :