رام الله: كفاح زبون بثت حركتا فتح وحماس، أجواء إيجابية قبل انطلاق لقاءات المصالحة المقررة اليوم بشكل رسمي، بين وفد قيادي تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووفد من الحركة الإسلامية في قطاع غزة. وأكدت الحركتان أنهما معنيتان باتفاق وقريبتان منه. وأعطت جهود دفع المصالحة الأمل مجددا لدى الفلسطينيين بإنهاء صفحة الانقسام، رغم التجارب المريرة السابقة التي انتهت كلها إلى فشل. ويعد اللقاء المفترض اليوم (الثلاثاء) الأول من نوعه الذي يجرى في غزة على هذا المستوى، بعد لقاءات سابقة عقدت في مصر بشكل أساسي، وفي بعض الأحيان الدوحة والرياض. وتسعى حركتا فتح وحماس، عبر المصالحة، إلى إنهاء الانقسام الذي دام سبع سنوات منذ سيطرت الحركة الإسلامية بالقوة على قطاع غزة، منتصف يونيو (حزيران) 2007. ويضم وفد المنظمة، الذي يرأسه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، كلا من بسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب، ومصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة، وجميل شحادة الأمين العام للجبهة العربية الفلسطينية، ورجل الأعمال المعروف منيب المصري. وكان مقررا أن يصل الوفد في وقت لاحق أمس قادما أما من الضفة أو مصر، بعد أن أبلغت إسرائيل البرغوثي أنه ستمنعه من دخول القطاع عبر معبر ايريز بين غزة والضفة. واستبق موسى أبو مرزوق، القيادي في حماس عضو مكتبها السياسي مسؤول ملف المصالحة فيها، وفد فتح في الوصول إلى القطاع، أمس، قادما من مصر، في زيارة نادرة للمشاركة في محادثات المصالحة. والتقى أبو مرزوق قيادات من حماس، في مقدمتهم إسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال، للتحضير لجولة المباحثات. وفي بادرة حسن نية، أفرجت حماس عن 10 معتقلين لديها منتمين لحركة فتح، وكانوا متهمين «بارتكاب مخالفات أمنية». وقالت وزارة الداخلية في القطاع إن «عملية الإفراج تهدف إلى تعزيز جهود المصالحة الفلسطينية». ويوجد أمام وفد المنظمة ثلاثة أيام كحد أقصى من أجل التوصل إلى نتيجة قبل عودته إلى رام الله لإطلاع اجتماع حاسم، يعقده المجلس المركزي السبت المقبل، على النتائج من أجل اتخاذ قرارات في هذا الشأن. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن تفاهمات بين الحركتين سبقت اللقاءات المفترضة اليوم. وأضافت أن الطرفين اتفقا على التركيز على ثلاثة ملفات، هي الحكومة والانتخابات ومنظمة التحرير. وأوضحت المصادر أن المباحثات ستركز على تشكيل حكومة توافق يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وتكون مؤقتة لمدة ستة أشهر، على أن تحضر لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية وأخرى للمجلس الوطني (التابع لمنظمة التحرير) في نهاية تلك المدة. وأضافت: «إذا اتفق الطرفان على ذلك فإن أبو مازن سيصدر مرسومين متزامنين بتشكيل حكومة وإجراء انتخابات». أما الملف الثالث المتعلق بمنظمة التحرير، تصر حماس على تفعيل الإطار القيادي للمنظمة الذي اتفق عليه سابقا، ويضم إلى جانب فصائل منظمة التحرير، كلا من حماس والجهاد الإسلامي. وأكدت المصادر أن «الاتفاق على تنفيذ الاتفاق السابق هو هدف وفد (المنظمة) وليس إجراء مفاوضات جديدة أو التغيير في الاتفاق». ومن غير المعروف كيف ستسير عملية المفاوضات، إذ ثمة تباين كبير بين مواقف الطرفين. وتريد حماس التأكد من تسوية ملف منظمة التحرير، ولا تحبذ انتخابات قريبة وتربطها بالاتفاق على ملف الحريات، لكن فتح تريد الذهاب مباشرة لانتخابات بعد تشكيل حكومة مؤقتة كي يتمكن الفائز في الانتخابات من إدارة شؤون البلاد والعباد في الضفة وغزة. وسألت «الشرق الأوسط» عضو وفد المصالحة إلى غزة بسام الصالحي عن الأسباب التي يمكن أن تجعل المصالحة هذه المرة ممكنة بعد فشل جميع الجولات السابقة، فقال: إنها «المتغيرات المهمة التي حصلت مؤخرا، والتحديات الكبيرة التي تواجهنا جميعا على جميع المستويات». وأضاف: «كما أنه لا يمكن الانتظار على الشرعيات المتآكلة أكثر من ذلك». وأصبحت فتح بحاجة أكثر إلى مصالحة داخلية بسبب انسداد الأفق السياسي وفي ظل معركة مرتقبة مع إسرائيل إذا ما فشلت مفاوضات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة. بدورها، أصبحت حماس بحاجة إلى هذه المصالحة بسبب التغييرات الإقليمية المحيطة التي ساعدت على الحصار السياسي والمالي للحركة مع تراجع الدعم من دول وفقدانها حلفاء مهمين. وقال رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية، أمس، بأن حركته ملتزمة بتفاهمات المصالحة الموقعة في القاهرة والدوحة والعمل والشراكة لتنفيذ ملفاتها الخمسة كرزمة واحدة. وأضاف هنية في بيان صحافي «نؤكد التزامنا بكل ما سبق الاتفاق والتوقيع عليه من وثائق المصالحة، والتزامنا كذلك بالعمل والشراكة معا من أجل تنفيذ جميع ملفات المصالحة الخمسة (الحكومة، والانتخابات، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والحريات العامة، والمصالحة المجتمعية) رزمة واحدة». وإذا نجحت المصالحة فسيعلن الرئيس الفلسطيني فورا تشكيل حكومة جديدة موحدة في الضفة وغزة، وإذا فشلت فإن المجلس المركزي لمنظمة التحرير سيناقش السبت إمكانية إجراء الانتخابات من دون حركة حماس. ومع بث مزيد من الأمل على جبهة المصالحة الداخلية، ارتفع التوتر على جبهة غزة وإسرائيل، بعد أن سقطت خمسة صواريخ أطلقت من غزة على مناطق مفتوحة في النقب، وردت إسرائيل بشن سلسلة غارات أدت إلى إصابة فلسطينيين. وقال الجيش الإسرائيلي بأن طائراته أغارت على أهداف في جنوب وأواسط القطاع ردا على إطلاق صواريخ على منطقة النقب الغربي، إضافة إلى قذيفة أر بي جي أطلقت باتجاه دورية عسكرية قرب السياج الأمني الفاصل. وقالت مصادر طبية بأن عنصرين من أمن حماس أصيبا في قصف نفذته طائرات حربية على موقع «الضبط الميداني» التابع للحكومة المقالة في مخيم النصيرات وسط القطاع.
مشاركة :