بيروت (أ ف ب) - يجد النظام السوري والاكراد أنفسهم بحكم الامر الواقع في موضع تعاون في شمال سوريا لفرملة تقدم القوات التركية والفصائل المعارضة التي باتت عاجزة عن المضي قدماً من دون مواجهة مع الطرفين. وبعد سيطرتها على مدينة الباب التي كانت آخر أبرز معقل لتنظيم الدولة الاسلامية في محافظة حلب، أكدت تركيا عزمها العمل مع فصائل مقاتلة مدعومة منها على طرد الجهاديين من الرقة (شمال)، معقلهم الرئيسي في سوريا، لكن من دون مشاركة الاكراد الذين تصنفهم بـ"الارهابيين". وشملت العملية العسكرية التي بدأتها قبل اشهر تنظيم الدولة الاسلامية من جهة والاكراد على جبهة أخرى موازية. وتعد دمشق الهجوم غير المسبوق الذي بدأته أنقرة والفصائل القريبة منها في شمال سوريا لطرد الجهاديين والاكراد من المنطقة الحدودية، بمثابة "اعتداء" على سيادتها. ويقول رئيس تحرير صحيفة "الوطن" السورية القريبة من دمشق وضاح عبد ربه لوكالة فرانس برس "بالنسبة الى الحكومة السورية كما الاكراد، (الرئيس رجب طيب) اردوغان هو العدو. يتعلق الأمر بالتصدي لمشروع غزوه للمناطق الحدودية". ويضيف "من الطبيعي جداً ان تتحالف القوات الموجودة على الأرض لصد أي تقدم تركي داخل الأراضي السورية"، متابعا "حالياً باتت القوات التركية محاصرة من الجهات كافة". ويقول مصدر امني سوري لوكالة فرانس برس "صرحت دمشق مراراً بأن الوجود التركي هو تدخل سافر على اراضيها"، مؤكداً أن "من مهام الجيش دستورياً حماية الاراضي السورية والدفاع عنها ضد اي جهة". - طريق الرقة "مقطوعة"- وبعد وقف تقدم وحداته باتجاه مدينة الباب بإيعاز من حليفته روسيا التي ترعى مع تركيا وقفاً لاطلاق النار في سوريا منذ نهاية كانون الأول/ديسمبر، اتبع الجيش السوري تكتيكاً جديداً من خلال الالتفاف على الجيش التركي والفصائل شرق مدينة الباب، ما خوله وصل مناطق سيطرته بمناطق سيطرة الاكراد جنوب مدينة منبج. وتسيطر قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية عربية يحظى بدعم اميركي، منذ آب/أغسطس على مدينة منبج بعد طرد الجهاديين منها. ويقول الباحث والخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش لوكالة فرانس برس "تقدم الجيش السوري عشرات الكيلومترات وبشكل سريع الاثنين على حساب تنظيم الدولة الاسلامية والتقى مع المناطق الكردية (جنوب غرب منبج). وقطع بذلك الطريق شرقاً امام الفصائل المدعومة من تركيا". ويوضح "باتت الطريق الى الرقة انطلاقا من الباب مقطوعة أمام الأتراك الذين لم يعد بإمكانهم بالتالي مهاجمة منبج من جهة الجنوب". ويقول المصدر الامني السوري "لا تعترف دمشق بقوات سوريا الديموقراطية، لان الدستور ينص على ان الوجود المسلح الوحيد هو للجيش، رغم ان النزاع السوري تدخلت فيه تنظيمات كثيرة بشكل شرعي او غير شرعي". ويرى بالانش ان "النظام يعارض الحكم الذاتي للأكراد، لكن في الوقت ذاته لا يملك الوسائل لاستعادة الاراضي التي يسيطرون عليها" في شمال وشمال شرق سوريا. ويقول مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديموقراطية ناصر حاج منصور لفرانس برس "النظام ما زال نفسه ولم يتغير، وكلما سمحت له الظروف سيهاجم مناطقنا لكن الظروف الدولية او المحلية لا تسمح له بذلك". - "لا اشتباكات ولا اتفاق"- ويوضح "اذا كان ما من اشتباكات بيننا وبين النظام، فهذا لا يعني أن هناك اتفاقاً أو تعاوناً لان الحكومة السورية تعارض مشروع الفدرالية" الكردي. وعانى اكراد سوريا على مدى عقود من سياسة تهميش، قبل ان يتصاعد نفوذهم مع اتساع رقعة النزاع في العام 2012 ومن ثم انسحاب قوات النظام تدريجيا من المناطق ذات الغالبية الكردية. ويسعى الاكراد الذين اعلنوا اقامة ادارة ذاتية موقتة في شمال البلاد الى ربط مقاطعاتهم الثلاث، الجزيرة (الحسكة) وعفرين (ريف حلب الغربي) وكوباني (ريف حلب الشمالي)، من اجل انشاء حكم ذاتي عليها على غرار كردستان العراق. ويثير الحلم الكردي امتعاض ومخاوف أنقرة. ويشرح مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لفرانس برس "الأتراك وفصائل درع الفرات ميدانياً مطوقون من الجهات كافة: الاكراد من الجهة الشرقية والجنوبية الشرقية والغربية وقوات النظام السوري من جهة الجنوب". ويضيف "لا يمكنهم الوصول الى الرقة دون المرور في المناطق تحت سيطرة الاكراد او قوات النظام"، مضيفاً "اذا رغبوا بذلك، امامهم خياران لا ثالث لهما: إما الدخول في مواجهة عسكرية مع الطرفين أو التوصل الى اتفاق مع أحدهما للسماح بمرورهم".سامي كيتز © 2017 AFP
مشاركة :