«الشللية».. طوق يلف الدراما ويهدد الإبداع

  • 3/3/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: محمد شبانة «الشللية» مصطلح يقصد به سيطرة مجموعة معينة على مكان ما في كل المجالات، أما في الفن، وتحديداً الدراما، فتطل هذه القضية برأسها بوضوح، وتفاقمت في السنوات الأخيرة، حيث تجد نفس المؤلف ونفس شركات الإنتاج ونفس فريق العمل، والنتيجة أعمال متشابهة لا مذاق لها، ينصرف عنها الجمهور سريعاً، وفي الوقت نفسه تقتل العملية الإبداعية لأنها تمنع ظهور مبدعين جدد، لأن السوق محجوز مقدماً ولسنوات مقبلة. «الخليج» رصدت هذه الظاهرة التي تهدد الدراما المصرية من خلال السطور التالية.. في البداية يقول السيناريست عبد الرحيم كمال، إن ثمة فارقاً جوهرياً بين تكرار التعاون في أعمال متميزة، وبين الشللية بأعمال مكررة مملة.. الشللية عبارة عن جماعة وليست بين اثنين فقط، فأنا قدمت مع العبقري يحيى الفخراني أربعة مسلسلات ناجحة، بفارق عامين بين كل مسلسل والآخر، وهي على الترتيب: «شيخ العرب همام» و«الخواجة عبد القادر» و«دهشة» و«ونوس»، كل مسلسل بفريق عمل مختلف، لذا لا يمكن أن نطلق على هذا التعاون صفة الشللية، أما أن تتعاون شركة إنتاج مع نفس المؤلف ونفس الممثل ونفس القناة الفضائية، فهذا هو مكمن الخطر، لأن الدراما من الطبيعي أن تتعرض لأزمة والوضع هكذا، فلن يكون هناك جديد، والمؤلف مهما كان عبقرياً، لا بد أن تجد خيطاً يربط أعماله ببعضها.بدوره يشير المنتج محمود شميس إلى أن الشللية واقع لا مفر منه في السنوات العشر المقبلة، وضررها أكثر من نفعها، ويقول: المنتج يتخوف من التعامل مع مؤلف جديد، ويفضل الأمان من منطق «اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش».. كوَّنت فريق عمل مع المؤلف محمد صلاح العزب والنجمة مي عز الدين، في مسلسلين هما «دلع البنات»، و«حالة عشق»، ونالا استحسان الجمهور، ثم ذهبت مي عز الدين لشركة إنتاج أخرى، وهذا حقها، كان من الممكن أن نستمر نحن الثلاثة معاً بشكل متواصل، كما تفعل شركات أخرى، لكننا كنا سنقع في فخ النمطية والتكرار، وهذا ما أحرص على تحاشيه.المخرج أحمد خالد موسى يقول: مسألة ظهور مبدعين جدد في الدراما صعب لكنه ليس مستحيلاً، سوق الدراما محجوز لسنوات مقبلة، ولمن يتحجج بكثرة الفضائيات، أقول إنها لم تحل المشكلة، بل زادتها سوءاً، لأن القنوات تتصارع على نجوم بأعينهم، ولم تترك للباقي إلا أوقات عرض غير مناسبة.. النجم عادل إمام يتعامل حصرياً مع يوسف معاطي، والمسلسل يعرض حصرياً على mbc مصر، فكيف يمكن الحديث عن المنافسة في ظل جمود ثابت لا يتغير؟ الشركات تتعامل مع عدد محدود جداً من المؤلفين المحترفين، وتتغاضى عن سيناريوهات لمؤلفين جدد لا يقلون احترافاً.. السوق لا يرحم ولا يعرف المثالية، ومن يدفع الثمن هو الفن نفسه.الناقدة خيرية البشلاوي، تؤكد: «مسلسلات الأجزاء هي أكبر مثال للشللية التي تسيطر على الدراما في السنوات الخمس الأخيرة، وكلها تعتمد على المط والتطويل، ولا هدف من تعدد الأجزاء إلا الربح المادي فقط، دون أي ضرورة درامية، وهي مسلسلات اجتماعية مع احترامي لهذا اللون، تقدم أفكاراً مستهلكة، تم تقديمها من قبل ألف مرة، وزاد عدد الحلقات في الجزء الواحد من 30 إلى 60 حلقة. ما سيقوله المؤلف في كل هذه الحلقات والأجزاء، ليس سوى ثرثرة وتضيع وقت المشاهد، ثم نشتكي من ضعف وندرة المسلسلات القوية. الدراما تحتاج لضخ دماء جديدة بإتاحة الفرصة لمؤلفين جدد، وهم موجودون بالفعل، لكن الطريق إلى شركات الإنتاج مغلق أمامهم فالسيناريوهات القديمة العقيمة متوافرة». الناقد نادر عدلي يقول: مسلسل «سلسال الدم» أذيع منه ثلاثة أجزاء بنفس الأبطال، على نفس القناة، وهي قصة لا جديد فيها، وفي كل جزء يضاف ممثل أو اثنان من باب ذر الرماد في العيون.. الكعكة الإعلانية وراء تعدد أجزائه، ولولا عنوانه المثير لمر الجزء الأول مرور الكرام، ولما انتبه إليه أحد، فمثل هذه المسلسلات لا تهدف إلا إلى إلهاء الناس، ومعظم كتاب السيناريو إن لم يكن كلهم بدؤوا في التلفزيون المصري، أين هم الآن؟ أصبحوا يهربون منه إلى شركات الإنتاج الخاصة، وهي بدورها تبحث عن الأسماء فقط، ويأتي المحتوى في المرتبة الثانية والثالثة، كلها عوامل تعوق تقدم الدراما. ويشير الناقد مجدي الطيب إلى أن المؤلف أصبح ألعوبة في يد شركات الإنتاج، يكتب السيناريو بالأمر، والنجم يتدخل أحياناً بالرفض، والمؤلف الذي من المفترض أنه المبدع الأول للعمل لم يعد حراً في إبداعه، وأصبح المال والنجم وصيين عليه، ياسمين عبد العزيز لا يعجبها السيناريو، إذن فلنبحث عن مؤلف آخر وبسرعة من أجل أن نلحق التصوير، استعداداً لرمضان. عمرو دياب لم يعجبه سيناريو «الشهرة» إذن فليكتب مؤلف آخر العمل.. أين الإبداع؟ منذ متى كان يتحرك المؤلف بريموت كنترول؟ إذا كان المؤلف الشهير يعاني بهذا الشكل، فما بالنا بالمؤلف الجديد؟ هذا اضطهاد صريح للإبداع التلفزيوني في مصر، الشركات تضطهد المؤلفين والقنوات تضطهد الشركات والإعلانات تضطهد الجميع! لو تم فك الارتباط بين المسلسلات والإعلانات لوضح المشهد الحقيقي للدراما.. اتحاد النقابات الفنية، وجمعية مؤلفي الدراما وجها إنذاراً مشتركاً لعدد من القنوات الفضائية، ولا أدري لماذا لم يوجهوا الإنذار للقنوات كلها، لمنع بث الإعلانات أثناء العرض، وذلك طبقاً للقانون رقم 82 لسنة 2002 والذي ينص على حماية حقوق الملكية الفكرية، ويمنح المؤلف حق الاعتراض على أي تعديلات على العمل الفني بعد تسليمه، بما في ذلك عدم حذف المقدمة والنهاية، أنا متأكد أن القنوات ستتجاهل هذا الإنذار لأن الإعلانات هي مصدر الدخل الأساسي. المنتج أمير شوقي يؤكد أن «التكلفة الفلكية للمسلسل الواحد هي سبب قلق شركات الإنتاج من التعامل مع مؤلفين جدد. لقد أنفقت حتى الآن ما يزيد على 20 مليون جنيه على مسلسل"شقة فيصل"والكل يعلم العقبات التي واجهته وما زال المبلغ قابلاً للزيادة، لكنني متفائل أنه في الفترة المقبلة قد يجد شباب المؤلفين فرصة التواجد، بشكل ما عن طريق السينما، بعد انتشار الأفلام قليلة التكلفة، التي يلجأ إليها نجوم الصف الثاني، وهي تجربة أثبتت نجاحها، وأنصح السيناريست الشاب أن ينضم لورشة كتابة لأي مؤلف شهير، أو أن يحاول تجربة حظه مع شركة الإنتاج السينمائي الصغيرة مؤقتاً، إلى أن يجد فرصة في التلفزيون». المنتج جمال العدل يقول: نكرر في رمضان المقبل التعامل مع النجمتين يسرا ونيللي كريم في أعمال متميزة دون النظر لأي عامل آخر قد يعرضنا للضغوط، مثل القناة التي سيعرض عليها المسلسلان، أو سعرهما، هذا التعاون ليس من باب الجمود أو اجترار الأعمال السابقة، وإنما بشكل جديد تماماً، نحن لا نعرف الشللية لأننا نتعامل مع السيناريو الجيد فقط، أما أن نقول إن السيناريست فلان يكتب للنجمة فلانة ويعرض على قناة كذا، فهذا ليس وارداً في تعاملاتنا، لأننا ننظر للفن كعملية إبداعية، قبل أن يكون مهنة، والدليل أننا نتعامل مع اثنين من كتاب السيناريو الشباب، أمين جمال وعبد الله حسن. ماجدة موريس: نجم محجوز حتى 2020 بسيناريوهات جاهزة الناقدة ماجدة موريس تعلّق: الفنان محمد رمضان محجوز حتى عام 2020 بسيناريوهات متفق عليها مسبقاً قبل كتابتها، والمعلن عن مسلسلات رمضان المقبل أنها بنفس المؤلفين والأبطال وشركات الإنتاج، الذين شاهدناهم في المواسم الأخيرة. استمرار التكرار ووأد المؤلفين الجدد، شيء طبيعي، لأنه نتيجة تراكمات قديمة، «التربيطات» بدأت مع تراجع قطاعات الدولة الثلاثة عن الإنتاج، والسيطرة الكاملة للقطاع الخاص على صناعة الدراما في مصر، حتى إن شركة عملاقة مثل «صوت القاهرة» تعجز عن إيجاد شريك لعمل مسلسلات جديدة. بالإضافة إلى «التربيطات» والعلاقات الشخصية، فإن إعادة تناول نفس الفكرة مع تغيير بسيط، وتكرار تقديم الأعمال التراثية بسيناريوهات مستنسخة من العمل الأعلى، أغرى حتى كبار الكتاب بالاستسهال، كاتب كبير مثل مصطفى محرم كتب «عائلة الحاج متولي» و«العطار والسبع بنات» و«زهرة وأزواجها الخمسة» وكلها تنويع على فكرة واحدة، أيضاً أعاد كتابة أعمال قديمة مثل «سمارة» و«رد قلبي» و«الباطنية» دون ضرورة لذلك.

مشاركة :