اتهمت وزارة الخارجية الروسية «الهيئة العليا للمفاوضات» السورية أمس الخميس بإفساد محادثات السلام في جنيف، في تأكيد لعمق الاختلاف في موقف الطرفين من الخطوة المقبلة المطلوبة في العملية السياسية التي يرعاها المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا. وقال أبرز مفاوضي المعارضة السورية في جنيف إنه يأمل بأن يصحح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخطاء «الكارثية» لسلفه باراك أوباما لكي يصبح شريكاً يعوّل عليه في مواجهة ايران «الشيطانية». وأعربت الخارجية الروسية الخميس عن تشكيكها في قدرة المعارضة السورية على التفاوض حول السلام مع نظام دمشق في جنيف حيث يتواجد الوفدان منذ اسبوع في اطار مفاوضات غير مباشرة لحل للنزاع. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا للصحافيين: «نلاحظ بأسف بعد الأيام الأولى للحوار بين الأطراف السورية أن قدرة المعارضة على التفاوض تثير تساؤلات». وأوضحت أن «الهيئة العليا للمفاوضات ترفض التعاون على مستوى متساو مع منصة موسكو ومنصة القاهرة وتقوّض بحكم الأمر الواقع الحوار تارة مع وفد النظام وطوراً مع مجموعات المعارضة الأخرى». ومنصتا القاهرة وموسكو تضمان معارضين سوريين يعتبرون مقربين من روسيا. وأعلنت زاخاروفا أيضاً أن روسيا مستعدة لتوسيع برنامج محادثات آستانة الذي يعطي الأولوية لحوار بين موفدين عن الحكومة وعن الفصائل المقاتلة وتعطي المعارضة مجرد دور استشاري. وكانت محادثات السلام السورية في جنيف تقدّمت قليلاً الأربعاء، إذ رأى كل جانب بادرة أمل في صوغ جدول الأعمال وفقاً لما يريد. وقالت المعارضة إن مفاوضي الرئيس بشار الأسد تعرضوا لضغوط من حلفائه الروس للتطرق إلى مسألة الانتقال السياسي الذي يقول المعارضون إنه يجب أن يشمل تنحيه عن السلطة. وذكر مصدر قريب من وفد الحكومة السورية أن هناك اتفاقاً على أن يشمل جدول الأعمال مناقشة «الإرهاب» وهي كلمة فضفاضة تستخدمها دمشق لوصف كل المعارضة السورية المسلحة. ولم يتضح بعد إن كان الهدفان في انسجام أم أن الجانبين يسيران في مسار تصادمي مثلما كانت الحال في جولات التفاوض السابقة قبل عام. لكنّ ديبلوماسيين يقولون إن لقاء المعارضة بغينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي قد يمثل علامة فارقة تزعج الأسد الذي يصف معارضيه بأنهم إرهابيون. لكنّ ديبلوماسياً قال إن المعارضة أصيبت بخيبة أمل لأن الروس التزموا بمواقفهم الراسخة بأن مقاتلي المعارضة منقسمون لدرجة تحول دون التفاوض معهم. وجاء ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص على نحو غير متوقع إلى الفندق الذي يقيم فيه أعضاء وفد المعارضة في وقت متقدم من المساء بعد لقائهم مع غاتيلوف، لكنه أحجم عن التعليق. وقال نصر الحريري وهو مفاوض من المعارضة للصحافيين: «نلاحظ الآن أن موضوع الانتقال السياسي أصبح الموضوع الرئيس على الطاولة». وتريد المعارضة مناقشة «الانتقال السياسي» وقالت بعدما استمعت إلى دي ميستورا إنها تعتقد أن روسيا أقنعت مفاوضي الحكومة السورية بأن المسألة يجب أن تكون على جدول أعمال المحادثات. ولم يقبل بشار الجعفري كبير مفاوضي الحكومة السورية مناقشة المسألة قط من قبل. ويريد دي ميستورا تقسيم موضوعات المفاوضات في ثلاث نقاط. وقال ديبلوماسيان غربيان إن الحكومة السورية وافقت على درس النقاط، لكنها ذكرت أنه يجب أن تكون هناك نقطة رابعة وهي قضية «الإرهاب». وقال مصدر قريب من وفد الحكومة إن المحادثات كانت بناءة وقادت إلى «اتفاق على أربع نقاط متساوية في الأهمية» تشمل الإرهاب. لكنّ مفاوضاً من المعارضة قال إن القرار 2254 لا يتضمن «نقطة الإرهاب» وإن المحادثات يجب أن تبدأ بالانتقال السياسي لأنه النقطة الأساسية. في غضون ذلك، قال نصر الحريري في إفادة صحافية عقب الاجتماع مع دي ميستورا إن الشعب السوري دفع ثمناً باهظاً بسبب الأخطاء التي وصفها بالكارثية التي ارتكبتها إدارة أوباما. وأضاف أن أوباما كذب ولم يف بأي من وعوده للشعب السوري وأنه رسم خطوطاً حمراً محاها بنفسه وظل صامتاً على «الجرائم التي ارتكبها (الرئيس) بشار الأسد». وقال الحريري رداً على سؤال عما قاله للمسؤولين الروس خلال الاجتماع معهم أول من أمس إن وفد المعارضة شدد على الدور «الشيطاني» الذي تلعبه إيران من خلال وجود «مئات الآلاف من المقاتلين على التراب السوري». وقال الحريري إن المعارضة لديها أرضية مشتركة مع إدارة الرئيس ترامب لأن الطرفين يريدان محاربة الإرهاب والحد من نفوذ إيران. وأضاف أن على واشنطن أن تدعم المعارضة. وأضاف أن المعارضة تريد أن تبني الولايات المتحدة مواقفها على معلومات حقيقية وأن يكون لها دور نشط في المنطقة ولتصحيح الأخطاء «الجسيمة» التي ارتكبتها إدارة أوباما.
مشاركة :