الازدحام المروري وأنظمة التخطيط العمراني

  • 3/7/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الازدحام المروري إحدى أكبر المشاكل التي تواجهها المدن الكبرى اليوم وخصوصاً الرياض وجدة، والحمدلله أننا لم نصل بعد لما وصل إليه الحال في مدينة بكين بجمهورية الصين، حيث كانت زيارتي لبكين من أقسى التجارب التي خضتها، فلك عزيزي القارئ الكريم أن تتخيل حجم المعاناة في هدر الوقت والجهد جراء طول الانتظار والازدحام عند استخدام أي وسيلة نقل في المدينة وعلى الرغم من أن الجهات المسؤولة بمدينة بكين قامت ببحث وتنفيذ حلول عدة لمواجهة هذه المشكلة من خلال اكتمال منظومة النقل (مترو، حافلات، طرق سريعة) وتمديد خطوط النقل والمواصلات للمركبات والحافلات والأتوبيسات وزيادة خطوط المترو الجديدة إلى ضواحي المدينة وتعزيز إدارة المرور والسيارات ورفع مستوى خدمات المرور مع تشديد التعليمات والقواعد للنقل وارتفاع ضريبة المرور وزيادة رسم الازدحام ورسوم الطرق السريعة وشراء السيارات الجديدة بطريقة سحب القرعة لوضع حد لتزايد عدد السيارات إلا أن أياً من تلك الحلول لم ينهِ مشكلة الازدحام المروري. ما يعاب على المدن الكبرى هو ضعف التنفيذ لأنظمة وسياسات التخطيط العمراني الصحيحة على أرض الواقع، ولعلي هنا أتناول بعض الجوانب التي تغفل تلك المدن في التعامل معها ولعل من أبرزها: اتساع المساحات المخصصة للتوسع المستقبلي في تلك المدن مما تسبب في زيادة التكدس السكاني واستمرار الهجرة والنزوح من القرى لتوفر الخدمات والأنشطة الاقتصادية. أنظمة البناء التي تعتمد على نشر الأشرطة التجارية في كافة أنحاء المدينة حتى أصبحت تغزو الأحياء السكنية وتعارض حركة المشاة. وأخيراً عدم الربط بين قضايا التخطيط العمراني وقضايا الحركة والنقل والمرور في تلك المدن، ففي المدن الأوربية وتحديداً في بريطانيا تم تبني قانون الازدحام المروري (P.G.T.U) الذي يركز على أهمية التكامل بين سياسات النقل وسياسات استخدامات الأراضي، وتقليص استحداث الشوارع الجديدة إلى أعلى حد ممكن واستخدام أفضل للشوارع القائمة وتقليص الحاجة للحركة بالسيارات الخاصة، أما في إيطاليا تم إقرار خطة التنظيم المروري (PUT) التي تستهدف تحسين ظروف الحركة على الطرق والسيطرة على حركة السيارات في كافة المدن التي يزيد عدد سكانها عن ثلاثين ألف نسمة حيث ترتكز الخطة على محاور رئيسية كتحسين الظروف المرورية، الأمان على الطرق، محاربة التلوث، توفير الطاقة، واحترام معايير البيئة الحضرية. ومما يجب التنبه إليه هو أن التوسع في إنشاء الطرق أو تحسين القائم منها لن ينهي مشاكل الازدحام ما لم تكتمل منظومة التخطيط العمراني لتلك المدن، ولا أريد أن أكون متشائماً إذا قلت أن مشروعات المترو والحافلات القادمة والتي نعول عليها كثيراً في الحد من مشاكل الازدحام المروري قد لاتنهي معاناتنا مع الازدحام لأنني أخشى من تكرار تجربة بكين.متخصص في التخطيط العمراني والتنمية

مشاركة :