نشاط إنساني ضامن للحقوق والحريات بقلم: سمير الشحات

  • 3/7/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

معظم التنظيمات الحقوقية لا تقتصر إنجازاتها على مجرد ترديد نصائح عامة وشعارات برّاقة أو إكليشيهات محفوظة بل تلجأ كثيرا إلى تقارير موثقة.العرب سمير الشحات [نُشر في 2017/03/07، العدد: 10564، ص(12)]دور حقوقي إنساني لا يمكن نفيه لا يمكن لأحد أن يشكك في أن عالم ما قبل ظهور المنظمات الحقوقية الدولية، ليس هو العالم نفسه الذي أعقب ظهورها، حيث باتت تلك المنظمات والجمعيات حائط صدّ، ورقيبا لا يستهان به أمام طغيان الطغاة، وجبروت المتجبرين، وما أكثرهم. العنوان الرئيس لنشاط هذه المنظمات، هو الحفاظ على الكرامة الإنسانية، ومواجهة الانتهاكات التي طالما تعرضت -ومازالت تتعرض- لها، وتحت هذا العنوان الكبير، تقع عناوين فرعية كثيرة، منها حماية حقوق الإنسان، والسعي إلى تحقيق العدالة والمساواة، وحماية حقوق الطفل والمرأة والمعوقين واللاجئين، ومعارضة التعذيب، وحماية حرية الرأي والاعتقاد والتجمع، علاوة على مكافحة التمييز بكل صوره وأشكاله. ورغم الانتقادات والملاحقات الأمنية الهائلة التي تتعرض لها تلك المنظمات، من جانب بعض الحكومات والأنظمة، إلا أن الجانب الأعظم من تقارير هذه المنظمات، يحمل الكثير من المصداقية والواقعية والشفافية، بدليل أن الحكومات تهرع مذعورة -كلما صدر واحد من هذه التقارير- إلى نفيه وتكذيبه. السؤال الأساس الذي يدور في أذهان الكثيرين هو: هل صحيح أن تلك المنظمات نصير للمظلومين في البلدان الفقيرة، ووسيلة ضغط فعّالة على الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان، أم أنها مجرد ذراع يتخفى وراءها البعض في الغرب لتحقيق أهداف خفية تستهدف تدمير الدول، والقضاء على الجيوش، وهدم الدولة الوطنية؟ الواقع يشير إلى أن معظم هذه التنظيمات الحقوقية، يقدم بالفعل خدمات جليلة، ولا تقتصر إنجازاتها على مجرد ترديد نصائح عامة، وشعارات برّاقة، أو “إكليشيهات” محفوظة، بل تلجأ كثيرا إلى تقارير موثقة، ومزودة بالصوت والصورة والأرقام والشهادات الحيّة على ألسنة هؤلاء المظلومين. القضايا التي فجرتها بعض التقارير أدت إلى تسليط الأضواء عليها إلى درجة أضحى فيها كل مسؤول يخشى الإقدام على أي تجاوز ولو بسيط وقد يكون في هذا الصدد من الضروري الإشارة إلى البعض من الأمثلة على نجاحات حققتها هذه المنظمات، فعلى سبيل المثال، وفي ما يتعلق بالانتهاكات التي تتعرض لها النساء، ألقت التقارير الضوء على المئات من المآسي التي ترزح النساء تحت وطأتها في غالبية البلدان النامية، من اغتصاب، وزواج مبكر، وختان، واستغلال من جانب الأزواج، وغيرها، ما أدى في النهاية إلى لفت الانتباه إلى هؤلاء النسوة، والمسارعة إلى نجدتهن، ومن ثم فقد شهدت مناطق كثيرة تحسنا لأوضاع المرأة ولظروف معيشتها. ولعل واحدا من آخر تلك النجاحات، ما كشفته تقارير المنظمات من فظائع تتعرض لها اللاجئات السوريات والأطفال، على حدود البعض من الدول، الأمر الذي اكتظت به وسائل الإعلام العالمية، فارتفعت الأصوات المطالبة بتوفير الحماية لهن ولأطفالهن. التنبيه إلى الآلاف من سجناء الرأي القابعين في سجون الدكتاتوريات في العالم الثالث، كان كذلك أحد إنجازات الجمعيات الحقوقية، ولا تكاد تخلو مطبوعة صحافية أو موقع للتواصل الاجتماعي، في دول العالم، من نقل تقارير هذه المنظمات في هذا الشأن، ما أوجد حركة دولية تتسع يوما بعد يوم، للمطالبة بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، وتوفير الحماية القانونية لهم. علاوة على ذلك، فإن “مكافحة الفساد”، صارت جزءا من إنجازات هذه الجمعيات والتنظيمات الحقوقية، وعلى سبيل المثال، فإن منظمة الشفافية العالمية “تي آي” (تأسست عام 1993 ومقرها برلين)، كان لها الفضل في فضح الأساليب الخفية لممارسة الفساد من قبل حكومات متعددة، ما أدى إلى تحسين مستوى الوعي الجماهيري بظاهرة الفساد. وقال تقرير لمنظمة العفو الدولية 2016 /2017، إن الكثير من الدول في العالم، باتت تتجرأ على حقوق الإنسان، وتغض الطرف عن جرائم حرب، وانتهكت الحق في التعبير، وتوسعت في السلطات الممنوحة للشرطة، وبررت ممارسات التعذيب في سجونها. الذريعة التي تستند إليها حكومات العالم الثالث، بأن المنظمات الحقوقية تتدخل في شؤون الدول الداخلية، أصبحت مكشوفة ولا يصدقها الكثيرون، وهو ما يجعل تلك الحكومات التي تمارس الانتهاك تستشيط غضبا، ولا يبدو أن الصراع بين الحقوقيين وتلك الحكومات سينتهي قريبا. القضايا التي فجرتها بعض التقارير أحدثت صداها فعليا، وأدت إلى تسليط الأضواء عليها، إلى الدرجة التي أضحى فيها كل مسؤول أمني يخشى الإقدام على أي تجاوز، ولو بسيط، ويدرك أن تصرفاته أصبحت تحت مجهر العديد من المنظمات الحقوقية.

مشاركة :