البغدادي يترك معركة الموصل للقادة الميدانيين

  • 3/9/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعتقد مسؤولون أميركيون وعراقيون أن زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) أبو بكر البغدادي ترك معركة الموصل لقادة العمليات وأتباعه المخلصين، وأنه يختبئ الآن في الصحراء حيث يتركز اهتمامه على بقائه على قيد الحياة. ومن المستحيل التأكد من مكان اختباء البغدادي الذي نصب نفسه «خليفة» على المسلمين من المسجد الكبير في الموصل بعد أن اجتاح مقاتلوه شمال العراق في العام 2014. غير أن مصادر استخبارات أميركية وعراقية تقول إن غياب أي بيانات رسمية من قيادة التنظيم وفقدان السيطرة على مناطق في مدينة الموصل يوحيان بأنه هجر المدينة التي تعد أكبر مركز سكاني خضع لسيطرة التنظيم. وثبت أن البغدادي هدف مراوغ، فنادراً ما يستخدم وسيلة اتصال يمكن مراقبتها وتقول المصادر إنه يتنقل باستمرار وفي كثير من الأحيان أكثر من مرة خلال اليوم الواحد. وتضيف المصادر أنها تعتقد من خلال الجهود المبذولة لاقتفاء أثره أنه يختبئ في الغالب بين مدنيين من المتعاطفين معه في قرى صحراوية مألوفة له لا بين المقاتلين في ثكناتهم في المناطق الحضرية التي يدور فيها القتال. * معزول وكان التنظيم يحكم في ذروة قوته قبل عامين أكثر من مليوني شخص في المناطق الخاضعة له في شمال سورية وعبر مدن وقرى على امتداد واديي نهر دجلة ونهر الفرات حتى مشارف العاصمة العراقية بغداد. وبدأت القوات العراقية التي تدعمها الولايات المتحدة عملية قبل خمسة أشهر لاستعادة السيطرة على الموصل التي يزيد حجمها أربع مرات على الأقل على أي مدينة أخرى خضعت لسيطرة التنظيم. وتعد هذه العملية أكبر معركة يشهدها العراق منذ اجتياح القوات الأميركية له في 2003 وسارت ببطء، لأسباب منها بقاء مئات الألوف من السكان المدنيين معرضين للأذى. واستطاعت القوة العراقية المؤلفة من 100 ألف مقاتل انتزاع السيطرة الكاملة على الشطر الشرقي من الموصل في كانون الثاني (يناير) وبدأ القادة الشهر الماضي تنفيذ عملية لعبور نهر دجلة والسيطرة على الشطر الغربي. وحققت القوات العراقية تقدماً مطرداً ويقول التحالف الآن إن النصر محتوم ما سيؤدي إلى القضاء على «دولة الخلافة» في العراق. وتشير مصادر الاستخبارات إلى انخفاض حاد فيما ينشره تنظيم «الدولة الإسلامية» على وسائل التواصل الاجتماعي باعتباره دليلاً على أن البغدادي وحاشيته يزدادون عزلة. ولم يصدر البغدادي نفسه رسالة مسجلة منذ أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) بعد أسبوعين من بداية معركة الموصل عندما دعا أنصاره إلى قتال «الكفار» وإراقة دمائهم أنهاراً. ومنذ ذلك الحين تتحدث بيانات متفرقة من التنظيم عن هجمات يشنها مفجرون انتحاريون في مواقع مختلفة في العراق وسورية لكنها لا تعلق أهمية خاصة على الموصل على رغم كون المدينة الساحة الرئيسة للقتال. ولم يصدر عن البغدادي أو أي من مساعديه المقربين تعليق على سقوط الشطر الشرقي من المدينة في كانون الثاني. وتراجع تدريجاً وجود التنظيم على شبكة «تيليغرام» للتواصل الاجتماعي بعد أن أصبحت الشبكة منصته الرئيسة لإطلاق البيانات والخطب. ويقدر التحالف أن نشاط التنظيم على «تويتر» تقلص بنسبة 45 في المئة منذ 2014 مع تجميد حساباته على «تويتر» التي يبلغ عددها 360 ألفاً حتى الآن وإغلاق الحسابات الجديدة خلال يومين في العادة. * «اللعبة انشكفت» فيما يتوقع أن يكون نصراً رمزياً كبيراً للقوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة أصبحت هذه القوات تقترب الآن من المنطقة التي يقع فيها المسجد الكبير على الضفة الغربية لنهر دجلة الذي أعلن البغدادي من على منبره قيام «دولة الخلافة». ويقول هشام الهاشمي مؤلف كتاب «عالم داعش» الذي صدر بالإنكليزية وهو من مستشاري الحكومة العراقية إن أكثر من نصف الستة آلاف من مقاتلي التنظيم الذين تركوا للدفاع عن المدينة قتلوا. ويبدي القادة الأميركيون تفاؤلهم ويقولون إن معركة تحرير المدينة أصبحت الآن في مرحلة متقدمة. إذ قال البريغادير جنرال ماثيو آيلر من سلاح الجو الأميركي في مطار غرب القيارة جنوب الموصل «انكشفت اللعبة». وأضاف أن بعض مقاتلي التنظيم من الأجانب يحاولون مغادرة المدينة. وقال إن من تركوا لمواصلة القتال وغالبيتهم من العراقيين يبدون «مقاومة عنيفة للغاية» على المستوى التكتيكي لكنهم لا يشكلون الآن قوة متكاملة إذ دمرت ضربات التحالف الجوية مراكز القيادة والسيطرة والسيارات المفخخة ومخابئ الأسلحة. وأضاف «خسروا هذه المعركة وما تشهدونه الآن عملية تأخير (لحسمها)». وعلى رغم أن فقد السيطرة على الموصل ستضع نهاية فعلية لحكم التنظيم في الأراضي العراقية، فإن المسؤولين الأميركيين والعراقيين يستعدون لتحول التنظيم إلى العمل السري وخوض تمرد مثل تلك التي أعقبت غزو العراق. وسينتهي وجود «دولة الخلافة» ككيان دولة بسقوط الرقة التي تعد العاصمة الفعلية للتنظيم في سورية ربما في وقت لاحق من العام الحالي. ومدينة الرقة أصغر كثيراً من الموصل، غير أن شن عمليات عسكرية تستهدف التنظيم في سورية أكثر صعوبة منه في العراق لأن أعداء التنظيم الكثيرين في سورية انشغلوا بقتال بعضهم بعضاً في الحرب القائمة منذ العام 2011. ومع ذلك واجه التنظيم انتكاسات في سورية خلال العام الأخير في مواجهة خصومه الثلاثة الرئيسين الفصائل المسلحة العربية والكردية المدعومة من الولايات المتحدة وقوات النظام السوري الذي تدعمه روسيا والمعارضة السورية التي تدعمها تركيا. وقال الميجر جنرال روبرت جونز نائب قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم إن «حتمية تدميرهم أصبحت في الواقع مسألة وقت». وأضاف أن قيادة التنظيم تركز الآن على البقاء في الأساس. وكان آخر تقرير رسمي عن البغدادي من الجيش العراقي في 13 شباط (فبراير) عندما قال الجيش إن طائراته الحربية من طراز «أف-16» نفذت غارة على منزل من المعتقد أنه كان يجتمع فيه مع قادة آخرين في غرب العراق قرب الحدود السورية. ويقول الهاشمي إن البغدادي، العراقي الجنسية واسمه الحقيقي إبراهيم السامرائي، يتنقل في منطقة نائية صحراوية تقطنها عشائر إلى الشمال من نهر الفرات. وتمتد المنطقة من مدينة البعاج في شمال غربي العراق إلى مدينة البوكمال السورية الحدودية على نهر الفرات. وقال الهاشمي «هذه منطقتهم التاريخية وهم يعرفون الناس هناك وتضاريس الأرض ومن السهل الحصول على الطعام والماء والبنزين كما أن رصد الجواسيس أسهل» منه في المناطق المزدحمة. وشكلت الحكومة الأميركية قوة مشتركة لاقتفاء أثر البغدادي تضم أفراداً من قوات العمليات الخاصة و«وكالة الاستخبارات المركزية» وغيرها من وكالات الاستخبارات الأميركية بالإضافة إلى الاستعانة بأقمار تجسس. غير أن مصادر استخبارات أميركية تقول إن البغدادي وعى فيما يبدو الدرس من عملية قتل أسامة بن لادن في 2011 وأصبح يعتمد على نقل الرسائل باستخدام عدة مبعوثين لا مبعوثاً واحداً على عكس ما كان يفعله بن لادن مؤسس تنظيم «القاعدة». كما أنه يبدل السيارات خلال رحلاته وهو درس تعلمه من الهجوم الذي وقع بطائرة من دون طيار في 2011 وقتل فيه أنور العولقي أحد قيادات التنظيم في اليمن. ولم يعلن البغدادي على الملأ تعيين من يخلفه غير أن مصادر استخبارات عراقية تقول إن من المعروف أن إياد العبيدي الشهير أيضاً باسم (فاضل حيفا) ضابط الأمن من عهد صدام حسين هو النائب الفعلي للبغدادي. ويقول خبراء أمنيون عراقيون إن أكثر من 40 من قيادات التنظيم قتلوا في ضربات جوية للتحالف لكن من المرجح أن يستمر التمرد حتى إذا تمت السيطرة على الموصل وقتل البغدادي ومعاونوه. وقال الخبير الأمني العراقي المتخصص في شؤون التنظيم فاضل أبو رغيف «سيظهر قادة آخرون لأن هيكل التنظيم ما زال قائماً».

مشاركة :