عقب خسارة برشلونة بأربعة أهداف نظيفة أمام باريس سان جيرمان الفرنسي في مباراة الذهاب لدور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا، قال نجم برشلونة نيمار: «ما دام أن هناك فرصة بنسبة واحد في المائة، يجب أن نؤمن بأنفسنا بنسبة 99 في المائة». وبالفعل، دخل برشلونة مباراة العودة وفرصه في التأهل للدور التالي ربما أقل من واحد في المائة. وحتى عندما تقدم الفريق بثلاثة أهداف نظيفة وكان بحاجة لهدف واحد فقط لمعادلة نتيجة الذهاب، أحرز إدينسون كافاني هدفا لباريس سان جيرمان صعب الأمور كثيرا على العملاق الكتالوني وجعله بحاجة إلى إحراز ثلاثة أهداف خلال نصف ساعة فقط حتى يمكنه التأهل. ومرت 27 دقيقة من النصف ساعة، ولم يتبق سوى ثلاث دقائق فقط من عمر المباراة الأصلي، وبدا الأمر مستحيلا لعودة برشلونة. وعندما أحرز نيمار الهدف الرائع من ركلة حرة مباشرة في أعلى الزاوية اليمنى لحارس باريس سان جيرمان، كان يبدو أن الهدف ليست له أهمية لأن الفريق ما زال بحاجة إلى هدفين بينما كانت ساعة المباراة تشير إلى الدقيقة 87:22، ولذا أعتقد الجميع أن الأمر بات مستحيلا، لكن كما قال نيمار بعد المباراة: «لا شيء يسمى مستحيلا لأولئك الذين يؤمنون بأنفسهم». كان من السهل الإدلاء بمثل هذه التصريحات بعد المباراة، لكن الحقيقة الآن هي أن النجم البرازيلي قدم أداء رائعا خلال المباراة، التي شهدت أداء متواضعا للغاية من جانب باريس سان جيرمان، ويكفي أن نعرف أن الفريق الفرنسي لم يكمل سوى أربع تمريرات فقط بدءا من الدقيقة 85، من بينها ثلاث تمريرات كركلات البداية بعد كل هدف يحرزه الفريق الإسباني. لقد حقق برشلونة عودة أسطورية وتاريخية للدرجة التي جعلت المدير الفني للفريق لويس إنريكي يقول إنه لا يجد الكلمات المناسبة للتعبير عما حدث، وأضاف: «لن ينسى أحد ما حدث. كرة القدم هي لعبة المجانين، وهي لعبة فريدة من نوعها». لقد حدثت تلك المعجزة نتيجة عدد من العوامل، ولم يكن كل عامل على حدة كافيا لحدوث ذلك، ومن بينها تألق حارس مرمى برشلونة مارك أندريه تير شتيغن وقطعه لكرة حاسمة على بعد 20 ياردة داخل منتصف ملعب باريس سان جيرمان في الوقت القاتل، وسوء حالة الثلاثي الدفاعي لباريس سان جيرمان، بالإضافة إلى الهدف القاتل الذي أحرزه سيرغي روبرتو. ويجب ألا نغفل أيضا الدور الذي لعبه حكم المباراة، الذي لم يحتسب ركلة جزاء صحيحة لنجم باريس سان جيرمان أنخيل دي ماريا، حيث اعترف ماسكيرانو بعد المباراة بأنه ارتكب خطأ ضد دي ماريا ولمس الكرة بيده داخل منطقة الجزاء، علاوة على أن لويس سواريز خدع الحكم وحصل على ركلة جزاء غير صحيحة أحرز منها برشلونة هدفه الخامس. وقبل كل ذلك يجب ألا ننسى الدور الرائع الذي لعبه صاحب القميص رقم «11» في برشلونة، وهو النجم البرازيلي نيمار. لقد سجل برشلونة ثلاثة أهداف في سبع دقائق و17 ثانية، وكان نيمار هو العامل المشترك فيها جميعا. وقال اللاعب البرازيلي بعد المباراة: «هذه أفضل مباراة لعبتها في حياتي». لقد تعرض نيمار لانتقادات كثيرة بسبب قلة أهدافه مع برشلونة هذا الموسم ولعبه الفردي بطريقة زائدة في بعض الأحيان، وتجاهل البعض شجاعة اللاعب وروحه العالية في المنافسة واحتفاظه بالكرة والركض بها بالشكل الذي يمنح فريقه وقتا كافيا لالتقاط الأنفاس. في الحقيقة، يمكن وصف نيمار بأنه «لاعب أناني جماعي»، وهو الوصف الذي كان يطلق أيضا على لاعب نادي ريال مدريد في خمسينات القرن الماضي ريموند كوبا. كان نيمار يعود إلى مركز الظهير الأيسر في فترات كثيرة من المباراة، وكان المشاهد يشعر بأنه يشغل تلك الجبهة بمفرده بفضل نشاطه الكبير وتمريراته التي وصلت إلى 60 تمريرة، وواجباته الدفاعية التي ظهرت في أربعة مواقف كان يراقب فيها لاعب الفريق المنافس ويمنعه من المرور منه حتى والكرة في الجهة الأخرى من الملعب. وفضلا على ذلك، أحرز نيمار هدفين وحصل على ركلة جزاء وصنع الهدف القاتل الذي أهل فريقه للدور القادم من المسابقة. ويمتلك نيمار رقما قياسيا وهو صناعة ثمانية أهداف في نسخة واحدة من دوري أبطال أوروبا، وكانت جميعها من اللعب المباشر. وقال نيمار: «لقد لعبنا من دون خوف وبسعادة». في الحقيقة، لم يقدم برشلونة الأداء الممتع والقوي خلال تلك العودة الملحمية والتاريخية، ولكن كان نيمار هو السبب الأول والرئيسي في تلك العودة بفضل هدوئه وثقته في نفسه. لم يتألق نيمار في السبع دقائق الأخيرة فحسب، لكنه لعب بشكل رائع طوال المباراة وكان اللاعب الأكثر تأثيرا داخل المستطيل الأخضر. لقد انطلق نيمار للأمام ثلاث مرات، وكان في كل مرة يحول المستحيل إلى ممكن، حتى صنع الهدف القاتل قبل نهاية المباراة بثوان معدودة. ويمكننا القول بكل تأكيد إن نيمار كان يتقدم للأمام عندما يكون فريقه في حاجة إلى ذلك. وعندما أحرز برشلونة الهدف السادس، ركض نجم الفريق ليونيل ميسي نحو الجمهور وهو يضرب على صدره ويصرخ بكل قوة، لكن لم يكن ميسي هو منقذ برشلونة هذه المرة، لكنه كان اللاعب البرازيلي صاحب الخمسة وعشرين ربيعا. وبعد المباراة، زف نيمار خبرا سعيدا لجمهور برشلونة وأخبرهم بأنه لا ينبغي أن يقلقوا لأن ميسي لن يرحل عن الفريق، فكان اللاعب البرازيلي حاملا للسعادة سواء بسبب الفوز التاريخي والتأهل أو لطمأنته جمهور النادي على بقاء معشوق الجماهير ليونيل ميسي. وعلاوة على ذلك، يتسم نيمار بأنه لاعب ماكر ومشاكس، وخير مثال على ذلك ما حدث عندما نشر لاعبو باريس سان جيرمان صورة على موقع إنستغرام يشير فيها أدريان رابيو بأصابعه الأربعة - في إشارة إلى فوز فريقه بأربعة أهداف على برشلونة - في حين يشير لايفين كورزاوا بعلامة النصر بإصبعين، حيث أعاد نيمار نشر الصورة بعد فوز فريقه بالسداسية الأربعاء الماضي، وكتب تحتها 4+2=6. وقالت إحدى المحطات الإذاعية قبل اللقاء إن الطريقة الوحيدة التي يستطيع من خلالها برشلونة العودة في النتيجة تتمثل في تألق ميسي وإنقاذه للفريق، لكن الحقيقة هي أن نيمار هو من فعلها هذه المرة. لا يتعلق الأمر فقط بتسجيل ركلة حرة وركلة جزاء، ولكنه يتعلق بتنفيذ نيمار لهذه الركلات الثابتة في ظل وجود ميسي على أرض الملعب، علاوة على الضغط الرهيب الذي يتعرض له من يقوم بتنفيذ ركلة جزاء في مباراة بتلك الظروف، وهو الأمر الذي جعل نيمار يقول إنه كان بحاجة إلى «تجميع نفسه» قبل التسديد. وعلاوة على ذلك، عندما جاءت الكرة إلى نيمار في الدقيقة الأخيرة من عمر اللقاء، فإنه لم يرسل الكرة بشكل عشوائي إلى منطقة الجزاء، لكنه انتظر قليلا ونظر للأمام ومرر الكرة إلى روبرتو الذي أحرز هدف التأهل. وكان نيمار قد طلب من روبرتو أن يتقدم، لذا عندما وصلت إليه الكرة كان يبحث عنه هو شخصيا، وليس عن بيكيه أو صامويل أومتيتي أو سواريز. كان نيمار يقول إن هناك فرصة، حتى لو كانت لا تتجاوز واحدا في المائة، لكن لم يصدقه أحد، لذا أثبت لهم بنفسه صحة ما كان يقوله. وأشاد إنريكي بالانتصار الكبير لفريقه على باريس سان جيرمان وأرجعه للإرادة الجماعية للاعبين لكنه يرى أن الفريق مدين بالفضل لتألق نيمار الذي وصف المباراة بالأفضل في مسيرته. وأفادت تقارير على نطاق واسع بأن نيمار، الذي انضم إلى برشلونة من سانتوس عام 2013، دخل في مفاوضات مع النادي الفرنسي الصيف الماضي قبل توقيعه عقدا جديدا يبقيه في النادي الكتالوني حتى عام 2021، وحصل حامل لقب الدوري الفرنسي على ذكرى مؤلمة مقابل محاولته ضم نيمار، الذي فاق تألقه خلال المباراة زميله ليونيل ميسي، وقاد فريقه لدور الثمانية بالمساهمة في أربعة بين ستة أهداف سجلها برشلونة. وقال الدولي البرازيلي: «هذه أفضل مباراة في حياتي بسبب كل ما جاء بها سواء من حيث الأهداف أو ما تعنيه للفريق». وأضاف نيمار: «شيء كهذا يحدث مرة واحدة في العمر. لم يصدق أحد أنه يمكننا أن نسجل ستة أهداف، لكننا فعلناها». وأضاف اللاعب: «عندما نؤمن بأنفسنا ونؤدي بهذا الشكل لا يمكن أن توقف برشلونة. هذا الفوز بطولة في حد ذاتها، كانت مباراة نهائية». وقال اللاعب: «بدا لنا أننا فقدنا فرصة التأهل، إلا أننا لعبنا لا ضغوط، بفرح، وقدمنا كل ما لدينا للتسجيل». وعلى مر الأعوام الماضية، كان لكوكبة المهاجمين البرازيليين الذين دافعوا عن ألوان برشلونة، لمسة خاصة على المستطيل الأخضر، من روماريو إلى ريفالدو ورونالدو ورونالدينيو. أما الآن، فنيمار دا سيلفا سانتوس جونيور هو البرازيلي الذي دون اسمه كمهندس «ريمونتادا» تاريخية غير مسبوقة في أبرز بطولة أوروبية على مستوى الأندية. وقال نيمار «أدرك تماما أننا كتبنا التاريخ. فريق كهذا قادر على فعل أي شيء».
مشاركة :