مع استمرار تقدم قوات النظام في مناطق ريف حلب الشرقي، تُسجّل حركة نزوح وصفتها مواقع معارضة بـ«غير المسبوقة» في وقت تغادر فيه عائلات قيادات «داعش» الرقة ويعمد في المقابل إلى استقدام مزيد من التعزيزات والمقاتلين إلى المدينة استعداداً منه للمعركة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عوائل أكثر من 300 قيادي ومقاتلين في التنظيم غادروا الرقة خلال الـ36 ساعة الأخيرة، عبر زوارق مائية وعبَّارات نقلتهم من المدينة إلى الضفة الجنوبية لنهر الفرات، ومن ثم توجهوا باتجاهين متغايرين، حيث فر قسم منهم إلى محافظة دير الزور، فيما انتقل القسم الآخر إلى ريف حماة الشرقي، «في وقت يقوم فيه التنظيم باستقدام مزيد من المقاتلين عبر نهر الفرات». وبحسب معلومات استخباراتية أميركية، فإن قياديي تنظيم داعش بدأوا بمغادرة الرقة إلى مناطق أكثر أمناً بالنسبة إليهم. ولفت المرصد إلى قيام «الشرعيين» وأئمة المساجد بمخاطبة المواطنين في المدينة، بأن «كل من لا يحمل السلاح ويدافع عن أرضه وعرضه، فهو ديوث، لأن الأميركيين سيغتصبون عرضه بعد أن يحتلوا أرضه». وأتى هذا الفرار من الرقة، بعد تمكُّن «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بطائرات التحالف الدولي في معركة «غضب الفرات» من محاصرة المدينة وأجزاء من ريفها، عبر قطع طريق الرقة - دير الزور، والتقدم نحو الرقة، بحيث سيطرت خلال الـ48 ساعة الماضية على منطقة الجزرات الثلاث وقرى الحجاج والمطب والمشهوري ومزارع قربها عند الحدود الإدارية لدير الزور مع ريف الرقة الشرقي، كما جاءت بعد استقدام تعزيزات من عناصر التنظيم من ريف حماه الشرقي ومحافظة دير الزور. وفيما وصفت «شبكة شام» المعارضة حركة النزوح في «ريف حلب الشرقي» بـ«الأكبر» منذ بدء الأزمة السورية، اعتبر «تجمع الرقة تذبح بصمت» أن ما يحصل هو كارثة إنسانية، لافتاً إلى أن حركة نزوح المدنيين من قرى ريف حلب الشرقي وريف الرقة الغربي بدأت تزداد بشكل كبير عقب تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» من الشمال وقوات النظام السوري من الجنوب والجنوب الغربي، حيث شهدت كل من مسكنة ودير حافر في ريف حلب الشرقي وقرية الخفسة في ريف الرقة الغربي حركة نزوح كبيرة نحو الرقة وريفها. وقالت «الشبكة»: «آلاف العائلات تواجه المصير المجهول بعد رفض تنظيم داعش السماح للعائلات الراغبة في التوجه لمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ومنعها من اجتياز سد الرشيد، ولو نجحت في اجتيازه فمواجهة أخرى تلاقيها العائلات مع منع (قوات سوريا) لآلاف المهجرين من دخول المناطق التي تسيطر عليها». وفي هذا الإطار، قال أبو محمد الرقاوي، من «تجمع الرقة تذبح بصمت» إن الدخول إلى مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» يتطلب كفيلاً، كما أن الشباب عندها سيكونون عرضة للتجنيد الإجباري. وقال «التجمع»: «اختار النازحون مدينة الرقة، على الرغم من كونها تعاني من سوء الخدمات حالياً، إضافة للازدحام السكاني الكبير في المدينة عقب حركات النزوح المتواصلة من الموصل في العراق ونزوح عدد من مدنيي مدينة تدمر عقب سيطرة قوات النظام السوري عليها، وما شهده ريف الرقة من تغير في السيطرة لصالح (قوات سوريا الديمقراطية)، مما دفع الأهالي للنزوح نحو الرقة المدينة، الأمر الذي انعكس سلباً على الوافدين الجدد في سعيهم لتأمين مساكن تؤويهم، مما دفعهم لافتراش الطرقات والحدائق، مع التخوف الكبير من المكوث مؤقتاً في المدارس خوفاً من استهدافها بغارات التحالف الدولي والطيران الروسي». وناشد «التجمع» التنظيمات الدولية للتدخل، مضيفاً: «مع غياب وجود أي منظمة إنسانية في الرقة أو ريفها، إضافة لقلة توفر المنازل في المدينة، سنواجه أزمة احتواء للعائلات النازحة، في وقت لا يزال فيه الآلاف من النازحين عالقين على الطريق الدولي (حلب - الرقة)». وفي هذا الإطار، يصف أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» ما يحصل بـ«الوضع المأساوي»، قائلاً: «ليس هناك أي وجهة آمنة للنازحين، فهم معرضون للاعتقال، إما على يد (داعش) أو على يد قوات النظام، كما أنّهم خائفون أيضاً من انتقام (قوات سوريا الديمقراطية) منهم»، مؤكداً «حصول عمليات تعفيش وسرقات، إضافة إلى اغتصاب فتيات من قبل قوات النظام في المناطق التي تقدموا وسيطروا عليها». وهو ما أشار إليه «تجمع الرقة تذبح بصمت»، قائلاً: «الأخبار التي تصل من ريف حلب، حيث قوات النظام قد تكون أهم أسباب نزوح السكان، فالقصف لا يتوقف على منازل المدنيين والاعتقالات في صفوف الشباب لتجنيدهم إجبارياً ونهب المنازل والأملاك، وفي تسجيلات صوتية لبعض الأهالي تحدثوا عن عمليات اغتصاب ممنهجة يقوم بها عناصر النظام السوري دون أي رادع». وقالت «شبكة شام»: «ما إن دخل النظام إلى قرى وبلدات ريف حلب الشرقي بعد انسحاب عناصر تنظيم داعش منها قامت قواته والميليشيات المساندة لها بعمليات تعفيش لمنازل المدنيين بشكل كبير، إضافة لعمليات تصفية ميدانية لعدد المدنيين في المناطق التي دخلت إليها». ونقلت عن مصادر ميدانية قولها إن قوات النظام قامت بتصفية العشرات من المدنيين في القرى والبلدات التي دخلتها أخيراً بريف حلب الشرقي، بحجة تعاملهم مع التنظيم.
مشاركة :