لم تتمكن مؤسسة حقوقية استعادة المبنى الذي اشترته بمليون دينار من المستأجر الذي أجره لها من الباطن، وذلك بتقديم دعوى تطلب فيها الحكم بصورية العقد بين المالك الأصلي للمبنى والمستأجر. وقضت المحكمة الكبرى المدنية الخامسة برئاسة القاضي مانع البوفلاسة وعضوية القاضيين، رائد العدوان وخالد مراد برفض الدعوى وإلزام المؤسسة المصاريف البالغة 12 ألف دينار، وبهذا الحكم تكون المؤسسة الحقوقية قد دفعت مليون دينار ثمناً للمبنى الذي تدفع إيجاراً شهرياً له بقيمة 6500 دينار، وعليها حكم بدفع 45 ألف دينار إيجارات متأخرة، وبأن تخلي المبنى، وليصدر هذا الحكم الأخير برفض دعواها وإلزامها بدفع 12 ألف دينار أخرى مصروفات الدعوى. الدعوى أقامتها المؤسسة الحقوقية ضد المدعى عليه وهو مستأجر للمبنى الذي اشترته بعقد حتى عام 2060، تم إبرامه مع المالك الذي اشترت منه، وقالت في لائحة الدعوى التي تقدم بها ممثل جهاز قضايا الدولة ضد المستأجر، وذكرت أنه وبتاريخ 1يونيو/ حزيران 2011 أبرم المدعى عليه مع المدعية عقد إيجار للمبنى، لمدة 5 سنوات بأجرة شهرية 6500 دينار، ووضع في ديباجة العقد أنه مالك العقار، كما أرسل رسالة للمدعية باقتراح تعديل العقد مؤكداً أنه مالك العقار. وقد نما لعلم المدعية أنه سيتم بيع العقار لدى محكمة التنفيذ بالمزاد العلني، فقامت بشرائه وتم تسجيل العقار باسم حكومة مملكة البحرين، لكن المدعى عليه أظهر عقداً يزعم إبرامه بينه وبين مالك العقار الأصلي وأن مدة العقد منذ عام 2010 وحتى 2060. وقالت المدعية إن المدعى عليه قد أوهم المدعية بأنه مالك العقار باستعمال وسائل تدليسية ولم يظهر هذا العقد إلا في مرحلة تالية على شراء المدعية للعقار، والتمست المدعية الحكم لها أولاً: وأصلياً، بصورية عقد الإيجار المبرم بين المدعى عليه كمستأجر وبين المالك الأصلي كمؤجر، وما يترتب على ذلك من آثار، وثانياً: واحتياطياً ندب خبير عقاري لتقدير قيمة أجرة المثل للعقار محل التداعي مع مراعاة مدته المحددة بخمسين عاماً، وتقدير التعويض المستحق للمدعية وإلزامه بالرسوم والمصاريف. وقدم وكيل المدعى عليه المحامي عادل المتروك دفعاً بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، حيث أن المدعى عليه سبق وأن أقام دعوى مؤيدة بالاستئناف، بإلزام المدعية بمبلغ 45500 دينار، أجرة العقار وبإخلائه، وقد حكمت المحكمة له بذلك. وقالت المحكمة عن موضوع الدعوى أنه من المقرر أن لكل حكم قضائي صادر من جهة ذات ولاية، حجية الشيء المحكوم به، وهذه الحجية تمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بادعاء يناقض ما قضى به هذا الحكم، ولا يجوز معه للمحكمة التي أصدرته ولا لمحكمة غيرها أن تعيد النظر فيما قضي به، ولا توقف هذه الحجية إلا برفع استئناف، عن هذا الحكم والتي تظل موقوفة مؤقتاً إلى أن يقضى في الاستئناف، فإذا تأيد الحكم عادت الحجية من جديد، وإذا ألغي زالت هذه الحجية. ولما كان الثابت أن المدعى عليه قضي له بإلزام المدعية بمبلغ 45500 دينار، أجرة العقار وبإخلائه، وقد جاء في أسباب الحكم أن المؤسسة بشرائها العقار المستأجر، إنما حلت محل المالك الذي كان قد أجر العقار للمدعى عليه «المستأجر الأصلي»، ولم تحل محل المستأجر الأصلي الذي أجرها العقار من الباطن، ويكون العقد بين المالك السابق والمستأجر الأصلي نافذاً، في حقها لعلمها به، سيما وأنها تعاقدت معه ثم اشترت العقار من مالكه السابق عند طرحه للبيع بالمزاد. وحيث أن الدعوى قضت بمفهوم المخالفة بصحة عقد الإيجار المبرم بين المدعية والمدعى عليه، وأنه قد أصبح نافذاً في حقها، ما يكون معه موضوع تلك الدعوى «صورية العقد» قائماً على غير ذي سند صحيح من الواقع والقانون ومن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
مشاركة :