عنف الملاعب ينخر جسد كرة القدم الجزائريةدق مختصون وفاعلون في المجتمع المدني، أجراس الإنذار من أجل وضع أحداث العنف في ميادين الكرة المستديرة تحت مجهر التشريح والعلاج، قبل أن يعصف باللعبة وبالمجتمع عموما، لا سيما في ظل توسع رقعته، واتخاذه منعرجات خطيرة.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/03/13، العدد: 10570، ص(22)]الشغب يجتاح الملاعب والسلطات عاجزة الجزائر - يقترب الدوري الجزائري تدريجيا من نهايته، وحمى التتويج والسقوط تشهد مؤشرات قياسية، ما قد يزيد من احتمالات توريط الجمهور أكثر، والدفع به إلى المزيد من العنف والخسائر بغية فرض الأمر على نظام اللعبة. وعجزت الهيئات المشرفة على الدوري الجزائري، عن احتواء تفاقم ظاهرة العنف في مباريات الدوري بمختلف أقسامه، فرغم عقوبة اللعب بدون جمهور، ومبادرات الصلح التي جسدها فاعلون وعقلاء في بعض النوادي، كما هو الشأن بين أولمبي الشلف ومولودية وهران، إلا أن أحداث العنف لا زالت تعصف بالكرة الجزائرية وتلحق المزيد من الخسائر. وكان تقرير للأمن الجزائري، قد كشف أرقاما وإحصائيات عن ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية، خلال الموسم الحالي، أطلقت من خلاله رسائل محذرة من استشراء الظاهرة، ونبه إلى دور الهيئات المسيرة وإدارات النوادي وكل الفاعلين في اللعبة بما فيهم وسائل الإعلام، في توعية الجمهور وتحسيسه بالطابع “الفرجوي للعبة” وتحدث عن العشرات من الإصابات والأحداث، والمئات من الموقوفين بجنحة ممارسة العنف. وأوضح التقرير أن الجمهور لا يتحمل المسؤولية وحده، وإنما هناك جهات في محيط اللعبة تحرض على العنف، وتعمل على استفزازه لتحقيق أغراض داخلية أو التأثير على مجريات اللعبة، واستدل على ذلك بحالات الأسلحة البيضاء والألعاب النارية، التي ضبطت في عدة مرات لدى مسؤولين ولاعبين وأعوان أمن الملاعب، ليتم استعمالها في المدرجات. وكانت مديرية الأمن الجزائري، قد قررت مطلع الموسم الكروي الجاري، الانسحاب من عملية تأمين مباريات الدوري، وفسح المجال أمام النوادي لتوظيف وإسناد المهمة الى أعوان مدنيين مختصين، ما أثار حينها جدلا في الساحة الكروية، وطالب عدد من رؤساء نوادي القسم الأول كعمر غريب من مولودية العاصمة، وحسان حمار من وفاق سطيف، ومحمد شريف حناشي من شبيبة القبائل، بإبقاء جهاز الأمن في الميادين خشية الانفلات وغياب الخبرة لدى الأعوان الجدد.عنف الملاعب تحول إلى مصدر قلق لمسؤولي هيئات الرابطة والاتحاد، بعد وقوعهما تحت تهديدات قارية وعالمية وحولت أحداث العنف المستشري في ملاعب كرة القدم الجزائرية، جمهور اللعبة إلى ضحية وجلاد في آن واحد، في ظل تضارب المقاربات التحليلية لأسباب ونتائج الظاهرة وطرق العلاج، ففيما يذهب البعض إلى تفسير العنف بكونه وجها من أوجه الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، وأن مدرجات الملاعب هي الفضاء المناسب لهؤلاء للتعبير بطريقتهم الخاصة عن رفضهم لظروف البطالة والإقصاء والمشاكل الاجتماعية المختلفة، هناك من يوجه أصابع الاتهام إلى محيط النوادي الجزائرية، معتبرا أنها تعمل على توظيف الجمهور في تصفية الحسابات الكروية والتجاذبات داخل وبين النوادي، ويرجع استشراء العنف إلى المحيط المتعفن للكرة المستديرة، وانتشار الفساد والممارسات المشبوهة، ما يعتبر نوعا من الاستفزاز الجماهيري وأرضية خصبة لنمو عنف أساء للكرة الجزائرية، وأفقدها بريقها وجاذبيتها كلعبة أولى في البلاد. وعزا اللاعب السابق للمنتخب الجزائري ونادي مولودية الجزائر علي بن شيخ، توسع رقع العنف في الملاعب الجزائرية، إلى السياسة المنتهجة في تسيير اللعبة من طرف الهيئات الرسمية وغياب العقاب والردع، واستشراء الفساد في محيط اللعبة، بعد هيمنة حتمية النتائج والأموال والتحكيم وتغلغل الانتهازيين والوصوليين. وتحول عنف المدرجات إلى مصدر قلق حقيقي لمسؤولي هيئات الرابطة والاتحاد، بعد وقوعهما تحت طائلة تهديدات قارية وعالمية، هددت بإقصاء منتخبات ونواد جزائرية، كان آخرها إقصاء نادي وفاق سطيف، من دوري الكاف في موسمه الأخير، بسبب اجتياح جمهوره لأرضية الميدان في الثامن من مايو بمدينة سطيف. وذكر العضو السابق للمكتب الفيدرالي في الاتحاد الجزائري محمد بوكاروم، أن “العنف في الملاعب الجزائرية مشكلة ثقافية بالدرجة الأولى، ولم يكن هذا العنف معروفا سابقا”. وأضاف “إن الملاعب الجزائرية كانت سابقا للترويح عن النفس والتسلية والمشاهدة، لكن مع هذا الجيل تغيرت الأمور كثيرا، شباب اليوم يتوجهون إلى الملعب لتفريغ كل شيء عندهم هناك، مع ما يصاحب ذلك من كوارث، وأن العقوبات الحالية الممثلة في اللعب من دون جمهور والغرامات المالية، لن تأتي بأي نتيجة وسيستمر الوضع على حاله”. ويرى أن الحل يكمن “في أخذ زمام المبادرة واتخاذ قرارات صارمة والضرب بيد من حديد ضد المشاغبين، وتحديد هوياتهم عن طريق الفيديو، واعتماد نظام إبعادهم عن الملاعب وحرمانهم من متابعة مباريات فريقهم المحلية، أو التنقل معه خارج الديار، إضافة إلى فرض نظام رقابة قضائية عليهم، وضرورة توقيعهم بصفة منتظمة في مراكز الشرطة، مع الإبقاء على ورقة الصفح مفتوحة للذين يثبتون توبتهم وعزوفهم عن العنف”. ومن جهته يرى الإعلامي الرياضي يوسف تازير، أن “العنف في الملاعب أصبح خطرا يهدد مستقبل كرة القدم في الجزائر، فرغم الإجراءات المتخذة إلا أن الظاهرة في تصاعد مستمر ومخيف”. وقال” إن أسباب العنف متعلقة بالمجتمع ككل وليس فقط بتعصب المناصرين والفرق الرياضية، العنف في الملاعب يعكس حقيقة ما يجري في المجتم“.
مشاركة :