أكتب لك يا حواء

  • 3/14/2017
  • 00:00
  • 53
  • 0
  • 0
news-picture

رسالتي هذه إلى حواء بشكل عام، أتمنى أن تقرأها وأن تتمعن فيها، أن تدرك معانيها، أن تشعر بالمقصود تعيشه أو تتصنعه أو تبحث عنه، هناك نساء سيلامس هذا الكلام واقعهن، وهناك أخريات ربما يرونه موجها إليهن، لكن جميعا أكتب هذه الرسالة لعلكن تجدن فيها ما يتلاقى مع ما في نفوسكن. عندما خلق الله آدم عليه السلام أدرك بعلمه وإحاطته أنه خلق رجلا، لا يمكن أن يعيش منفردا، وهو بحاجة لوجود المرأة أو الأنثى التي يتكامل في حياته معها، خلق الله من ضلعه حواء. ومن تلك اللحظة الإلهية لخلق الإنسان استقر الأمر على أن حياة الرجل لا تستقيم إلا بوجود المرأة، تماما كما لا تستقيم حياة المرأة إلا بوجود الرجل. فلتستيقن المرأة أنها شطر الحياة التي لا يمكن أن تستقر من دونها، وقد أودعت المرأة مجموعة من المكونات التي تميزها عن الرجل ولا تنتقص من قدرها عنه، وتماثلت معه في مكونات أخرى تضعه في ركابه لا يفضلها إلا فيما خصه الله بها من مهام ومسؤوليات منحته قوامة معنوية قد يتجرد منها إن فقد شروطها لتحظى بها المرأة بدلا منه. أما المكونات التي اختصت بها المرأة فيمكن المرور عليها بعجالة وهي ٦ مكونات. فالمرأة هي محضن الطفل حملا ومخاضا وولادة، ولذا فهي شريان مد الإنسان بالحياة وهو قاصر عليها، وتتابع خاصيتها تلك في تكوينها كمرضعة، وقد نتج عن ذلك قدرتها على الصبر والتحمل وأن تفهم الألم والأمل معا، لذا فإن إرضاءها أما مقدم على إرضاء الأب. وتولد عن ذلك مكونها الثاني وهو كونها تملك عاطفة جياشة وحنانا ملحا تملكه هي وتستطيع أن تغذي الآخرين عليه، فإذا كان الرجل حنونا ورقيق المعاملة فلا بد من أنه تلقى ذلك من امرأة أغدقت عليه ذلك، ألا وهي أمه أو من قام مقامها، لذا لا بديل عن حنانها ولا غنى عنه أما أو أختا أو زوجة أو بنتا أو حبيبة. أما مكونها الثالث فهو دهاؤها ومكرها الفريد، وذاك هو ما وصفها ربنا في القرآن «إنه من كيدهن إن كيدهن عظيم»، ولا تلازم بين هذا الدهاء والكيد وبين الخبث، إذ إنه ربما يكون خبيثا تماما كما أنه يمكن أن يكون حميدا، وهو قدرة طبيعية لتمكينها من شق سبل الحياة بسلاسة ويسر كما هو من جهة أخرى مكنة للدفاع عن نفسها والذود عن وجودها وحياتها ومن تحب أو تعز ممن حولها. أما المكون الرابع فهو قدرتها على الجدل، لذا تثير الآخر رجلا أو امرأة بعباراتها «ينكرن العشير» وتملك القدرة على الإثارة اللفظية وتغير الحال والنفسية من السكون والهدوء إلى القلق والحيرة. أما المكون الخامس فهو إخلاصها وتضحيتها، فهي حينما تحب أو ترتبط كزوجة فإنها تعطي بلا حدود وبإخلاص، تنتظر المقابل ويكفيها المقابل المعنوي تقديرا وشكرا وعرفانا وتحفيزا. فإن رافقه مقابل مادي كان ذلك زيادة وتأكيدا، ومن الصعوبة حرف المرأة عن إخلاصها، وعندما يتمكن الحب من قلبها فإن إخلاصها يندر وجوده عند الرجل، الذي يمكن أن يتعدد ويكذب ويتفلت بإخلاصه العاطفي خلافا للمرأة التي تضحي بحياتها متفانية بإخلاصها. وتتماثل المرأة في مكوناتها الأخرى مع الرجل، لذا فهي تستطيع أن تتولى كل ما يتولاه الرجل من مهام، ما عدا أمورا قليلة تتوافق مع تكوينها النفسي والجسدي ومن ذلك ترددها العاطفي، الذي لا يعطيها حزم الرجل أو القيام بأعمال العضلات، مما لا تستطيع أن تتولاه المرأة، ولا جدل أن الدور المنوط بالرجل في تكوينه الذكوري أو في المرأة بتكوينها الأنثوي، لا يستطيع أن يقوم به أي منهما عوضا عن الآخر مثل الحمل والرضاعة تحديدا. أ.د. محمد عبد المحسن المقاطعdralmoqatei@almoqatei.netal_moqatei@

مشاركة :