لا تعكروا مزاج رئيس الحكومة بقلم: محمد بن امحمد العلوي

  • 3/14/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عبدالإله بن كيران يمكنه إزعاج خصومه وحلفائه وأبناء حزبه وكل من يحاول الاقتراب منه، هو فقط المسموح له بأن يتهم الصحافة.العرب محمد بن امحمد العلوي [نُشر في 2017/03/14، العدد: 10571، ص(4)] السيد عبدالإله بن كيران لا يريد من الصحافة أن تزعجه، هو فقط، باعتباره رئيس الحكومة المكلف، يمكنه إزعاج خصومه وحلفائه وأبناء حزبه وكل من يحاول الاقتراب منه دون أن يرمش له جفن، هو فقط المسموح له بأن يتهم الصحافة في العام 2014 بأنها تخدم أجندات سوداء ويصفها بالبهتان لأن منها ما يتمتع بحماية وصفها بالغريبة. فأن يذهب صحافي إلى ملتقى شبيبة حزب العدالة والتنمية لتغطية النشاط الذي حضره بن كيران، فهذا من صميم واجباته الإعلامية، وأن يطرح سؤالا يهم المتابعين للشأن السياسي بالمغرب فهذا من صميم رسالته. لكن عندما يسأل أين وصلت مشاورات تشكيل الحكومة؟ يجيبه بن كيران “عيب عليك تعكير صفو مزاجي بالأسئلة حول الحكومة”، فهذا قمة في العجرفة واللا مسؤولية. سؤال الصحافي كان واضحا ومباشرا وسهلا، لا يتطلب من رئيس الحكومة المكلف سوى كلمتين أو ثلاث على الأقل. كان عليه ببساطة أن يقول لا تزال دار لقمان على حالها، بدل أن يصعق الصحافي برد جاف وحارق أحرجه أمام الملأ. صحيح أن رئيس الحكومة المكلف يمر بظروف نفسية قاسية لاعتبارات متعددة وعلى رأسها آثار الانسداد الحكومي الذي شارف على الستة أشهر، لكن هذا يدخل في طبيعة عمله. ليس هناك مبرر للتعامل الجاف مع أسئلة الصحافيين أو اعتبارهم أعداء يجب قمعهم، أو أنهم تلك الأعضاء الزائدة على الحاجة يجب استباحة كرامتهم وتهميشهم حتى لا يكونوا شهودا يدونون ما يرون وينقلونه إلى مائدة المواطنين المتلهفين إلى أخبار حكومتهم ومآلها. لقد تصرف المسؤول الثاني في الدولة المغرية دون مراعاة التعددية في الآراء، ودون اعتبار أن التضييق على حرية الرأي هو انتهاك للدستور. فهل أمين عام حزب العدالة والتنمية يريد فعلا التعامل مع هذا المحدد الأساسي برحابة صدر؟ وقال عبدالله حمودي عالم الأنثروبولوجيا المغربي “لا أظن أن التيارات المهيمنة داخل حزب العدالة والتنمية ستغير مواقفها في ما يتعلق باحترام التعددية وحق الآخرين، بل ستعتمد دائما على شكل أو آخر من الشعبوية الإسلامية”. ويرى حمودي أن السلم الاجتماعي يقتضي من مسؤولي الحزب الالتزام بتطوير أدائه ومراجعة سلوكياته، باعتبار أن العدالة والتنمية يقدم نفسه كحزب له الفضل في التماسك الاجتماعي، لكن الطريقة التي يدير بها صراعاته السياسية والفكرية “تناقض تماما ادعاءاته”. ولا يمكن الحديث عن التماسك الاجتماعي بمعزل عن طريقة إدارة الدولة، للآثار الناجمة عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة. لقد بنى العدالة والتنمية شعبيته على شعارات أكبر من حجمه الحقيقي، وعندما تكشف الصحافة عن البعض من الأخطاء في تدبير الشأن العام ينزعج رئيس الحزب وأعضاؤه. عندما يقول الحزب بأنه جاء لمحاربة الفساد والتسيب فهذا يعني أنه يجب أن نلمس ولو نسبة معينة من آثار هذه الحرب، ونرى مفعول الكفاءة المؤسسية داخل الإدارة والحزب والمدرسة والجامعة والجمعيات وكل المرافق، وإلا فأي حديث جاد عن كفاءة مؤسسية سنرى مفعوله في الاهتمام الأكيد بالتجديد على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية والرفع من قيمة الديمقراطية والمحاسبة، فلا إصلاح دون محاسبة. لا تقل لنا إن حرية الإعلام مكون أساسي في التطور الديمقراطي والمؤسساتي للبلدان، ثم تتواصل معه بتهكم أو استهجان. لا تنتظر من الصحافي أن يقدم لك قائمة طويلة بمعتقداته الدينية وميولاته السياسية وحسن نيته كي تجيبه على سؤال هو في الأصل سؤال أغلبية الناس. الصحافي الممارس لمهنته بشغف وحب غايته البحث عن الحقائق ولا ضير أن يكون مزعجا ولحوحا وصبورا، وعندما يتعامل رئيس السلطة التنفيذية بتعال وفظاظة مع الصحافة فهذا يعني أن الحقائق تزعجه وتقض مضجعه ولا تترك مزاجه رائقا. الصحافة جزء من المجتمع وتعبير صارخ عنه وعما يعتمل بداخله، وإذا كان هناك تجاوز من أي صحافي فهناك آليات لمحاسبته. إنه السلوك الأمثل في دولة تريد أن يكون القانون عمودها الفقري والمحافظة على حقوق المواطنين من أهم مسؤوليتها. وأخيرا مزاجك عبدالإله بن كيران ملكك عندما تكون داخل منزلك، آنذاك لا تسمح لأي كان بتعكير صفوك، لكنك الآن رئيس حكومة مكلف تمثل جزءا من الدولة والمجتمع، فيجب أن تتحمل مسؤوليتك في الإخبار وتنوير الرأي العام في حدود ما تسمح به الظروف دون استعلاء.كاتب من المغربمحمد بن امحمد العلوي

مشاركة :