تشهد سوريا منذ 15 مارس (آذار) 2011 نزاعاً تحول من احتجاجات مناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد إلى حرب مدمرة. وتعقد النزاع الدائر في سوريا مع بروز دور المقاتلين الذين يقاتلون مجموعات المعارضة وقوات النظام السوري على حد سواء، وكذلك بسبب تدخل قوى إقليمية ودولية. وأسفر النزاع عن مقتل أكثر من 320 ألف شخص، وتسبب في تشريد ملايين النازحين واللاجئين. في هذا اليوم، انطلقت في سوريا احتجاجات غير مسبوقة في سياق بدء «الربيع العربي» في المنطقة، ثم تحولت لاحقا إلى مظاهرات مطالبة بسقوط نظام بشار الأسد. وفي حين تم تفريق مظاهرات صغيرة في دمشق، شكلت درعا مهد الانتفاضة الشعبية المطالبة بإصلاحات، خصوصا بعدما أقدمت السلطات على اعتقال وتعذيب فتية إثر اشتباهها بكتابتهم شعارات مناهضة للنظام على الجدران. وفي أبريل (نيسان)، توسعت دائرة الاحتجاجات وتصاعدت لهجتها لتطالب بإسقاط النظام. في يوليو (تموز)، أعلن ضابط منشق عن الجيش السوري من تركيا إنشاء الجيش السوري الحر من جنود وضباط منشقين عن قوات النظام ومدنيين حملوا السلاح ضد النظام. لكن هذا الجيش لم ينجح في تنظيم نفسه وتأسيس هيكليته الخاصة. في الأول من مارس 2012، سيطر جيش النظام على حي باب عمرو في مدينة حمص الذي كان يشكل رمزا لـ«الثورة السورية». وقمعت قوات النظام مظاهرات حاشدة خصوصا في حماه (وسط البلاد). في 17 يوليو 2012، أطلقت فصائل الجيش الحر معركة دمشق. ونجحت قوات النظام في الاحتفاظ بالسيطرة على العاصمة، فيما سيطرت الفصائل على بعض المناطق في الضواحي. اعتبارا من عام 2013، بدأت مروحيات وطائرات السلاح الجوي التابعة للنظام تلقي بانتظام البراميل المتفجرة على الأحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة في حلب ومناطق أخرى في البلاد. في أبريل 2013، تحدث الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله للمرة الأولى عن مشاركة عناصره في القتال إلى جانب قوات النظام في سوريا. وحظي النظام منذ بدء النزاع بدعم مالي وسياسي ثم عسكري من إيران، حليفته الإقليمية الأساسية. في 21 أغسطس (آب) 2013، تسبب هجوم بغاز السارين على معقلين للمعارضة المسلحة في منطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق بمقتل المئات. واتهمت الولايات المتحدة التي أشارت إلى سقوط 1429 قتيلا بينهم 426 طفلا، دمشق بالوقوف وراء الهجوم. في سبتمبر (أيلول)، أبرمت الولايات المتحدة وروسيا اتفاقا حول تفكيك الترسانة الكيماوية السورية. وتم التوصل إلى الاتفاق بعد تهديد واشنطن بشن ضربات على دمشق. في 2013، أعلنت القوات الكردية إقامة إدارة ذاتية في مناطق بشمال سوريا، ونجحت بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة أميركية في استعادة مناطق أساسية من تنظيم داعش بينها كوباني (عين العرب) الحدودية مع تركيا عام 2015. منذ عام 2013، عزز المتشددون وخصوصا جبهة النصرة، التي أصبحت جبهة فتح الشام لاحقا بعد أن أعلنت فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة»، حضورها الميداني في سوريا وتحديدا في شمال البلاد. في عام 2014، سيطر تنظيم داعش على مناطق شاسعة في شمال سوريا وحول الرقة إلى معقله الرئيسي. وفي سبتمبر، شكل الرئيس الأميركي باراك أوباما تحالفا دوليا لمحاربة «داعش»، ونفذ التحالف أولى غاراته في الـ23 من ذلك الشهر في سوريا. في 30 سبتمبر 2015، بدأت روسيا حملة جوية في سوريا قالت إنها تستهدف تنظيم داعش ومجموعات «إرهابية» أخرى. لكن دول الغرب والفصائل المعارضة اتهمتها باستهداف المجموعات المقاتلة «المعتدلة» أكثر من تركيزها على الجهاديين. وهذه الضربات ساعدت النظام الذي كان يواجه صعوبات، على تحقيق مكاسب ميدانية. في 24 أغسطس 2016، بدأت تركيا عملية «درع الفرات» في محافظة حلب ضد الأكراد وتنظيم داعش. في 22 ديسمبر (كانون الأول)، أعلن النظام السوري استعادة السيطرة الكاملة على الأحياء الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في حلب بعد حصار استمر شهورا عدة. وجاء إعلان النظام بعد إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين بموجب اتفاق برعاية روسيا وإيران وتركيا. في 30 ديسمبر، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بموجب اتفاق روسي - تركي من دون الولايات المتحدة. وتشن قوات سوريا الديمقراطية، (تحالف فصائل عربية وكردية)، بدعم أميركي منذ مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) هجوما على الرقة، المعقل الرئيسي لتنظيم داعش في سوريا. وأعلنت تركيا رغبتها في التوجه نحو الرقة، رافضة أي دور لقوات سوريا الديمقراطية في تحرير المنطقة. كما أعلن النظام السوري أن استعادة الرقة تشكل أولوية بالنسبة إليه.
مشاركة :