منذ يومين كتبت صحيفة "الاندبندت" البريطانية مقالا تحدثت فيه عن زيادة منسوب الكراهية ضد المسلمين وخاصة في لندن، حيث ارتفعت جرائم الكراهية من 251 جريمة سنة 2015 الى 800 في 2016. كما ارتفعت الجرائم على أساس ديني او عرقي بنسبة 20% نتيجة بركست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي). واستغرب الكثير من بني جلدتنا من تصرفات الغربين عامة والبريطانيين خاصة، من همجيتهم ومن طبائعهم اللاإنسانية، في عالم تحتم فيه تساوي البشر مهما كانت جنسياتهم او الوانهم او دياناتهم، فكيف يكرهون المسلمين. والحقيقة اننا كعرب ومسلمين نستحق كل الكراهية التي نتعرض لها، فليس غيرنا من أسس لها، وأجازها، وجعلها المنحة التي نستحق، بسبب أفعالنا المشينة التي نقترفها كل يوم داخل اوطاننا وخارجها. حتى ان اليمين الغربي المتطرف استفاق من قمقمه، بكل قوة، وهو على حق، لمجابهة هذا الخطر الداهم عليه، وقريبا سيغير ملامح المستقبل في العالم كله وعلى حساب العرب والمسلمين. ماذا سوقت "داعش" والقاعدة للعالم؟ الم يسوقا غير الذبح والرعب، غير الدعوات الواثقة من ضرورة الكره والحقد لكل ما هو عربي وإسلامي؟ ماذا كان ينتظر هؤلاء بأفعالهم الاجرامية؟ اكانوا ينتظرون بأن يأخذهم الآخر بالحضن، يطبطب عليهم ويمنحهم قلبه بسلام. أفراد هذ الحركات وحوش لا بد من كرهها، وهذه هي المعادلة الصحيحة. قتلت امرأة هرة بمنعها من شرب الماء، ولم تكن تقصد القتل في حد ذاته، فدخلت النار. وهؤلاء يعدمون العشرات بحزام ناسف، وبسيارة مفخخة، وبقنبلة مزروعة في تجمع بشري، يعدمونهم بدم بارد ويحتفلون بإنجازهم الجبان، اليس هذا دافع قوي لمزيد من الحقد والكره؟ والمصيبة التي لحقت بالعرب والمسلمين من جراء هؤلاء، هي انها خلطت الحابل بالنابل، ولم نعد نفرق ما بين الفرد الصالح والفرد الطالح. لذلك أصبح كل لاجئ مشبوها الى أن يأتي ما يخالف ذلك. فتحرك الرئيس ترامب وأمر بمنع اللاجئين من دخول أراضي بلاده، وها هو فيلدرز في هولندا يعد بطرد المسلمين، وبسحب القرآن من المنازل الهولندية. وكذلك ستفعل ماري لوبان في فرنسا، والقائمة تطول من زعماء اليمين الذي يكبرون كل يوم ويتكاثرون، باسم الكراهية للمسلمين والعرب، وليس غيرنا من يدفعهم الى ذلك. والعرب والمسلمون أصبحوا خطرا على أنفسهم، فأضاعوا أوطانهم وقتلوا إخوانهم، واستحقوا بذلك مزيدا من الكراهية، من أنفسهم ومن الآخر. العراق وسوريا واليمن وليبيا دول تحتضر، ولن تعود ابدا كما كانت، انتهكت حدودها وقتل ابناءها، واليد الفاعلة واحدة، العرب والمسلمون، ولا أحد غيرهم أجرم بهذا الشكل، مهما صدقت نبوءة التآمر الخارجي. وحده كان المجرم الزرقاوي يقطع رقاب اخوانه مباشرة على الهواء. فهل طلبت منه المخابرات الأميركية او الفرنسية او أي طرف آخر بأن يفعل مثلما فعل، وان يسوق للعالم بان العربي والمسلم ليس سوى قاتل، لا عقل ولا قلب له. والمصيبة ان هذا الزرقاوي خلف بعده آلاف القتلة والوحوش، اختبأوا بين كل المسلمين والعرب، فأصبحت الشبهة عامة، والتمييز صعب، بين المجرم والبريء. ولا يبدو باننا سنتخلص من شبهة العنف والجريمة في المنظور القريب، فنتحرر من عقدة الكراهية التي أصبحت تلاحقنا في اوطاننا وفي كل بلاد العالم. لسبب واضح هو اننا نعيش أزمة ثقافية وحضارية لا يمكن تصحيحها بهذا الرؤوس العربية والإسلامية التي تعيش حاليا. والمستقبل الذي تؤسس له هذي العقول الفاسدة، التي تحيا حاليا، سوف لن يوكن الا مدخلا آخر لمزيد من الكراهية والحقد. ان زمن العرب والمسلمين الاسوياء لا يزال بعيد المنال. د. محجوب احمد قاهري drkahri@gmail.com
مشاركة :