هدأت أشباح الانكماش، وبدأ الماضي يطويها بفضل ارتفاع ضغوط الأسعار من جديد على مستوى العالم، ما دفع المستثمرين لطلب الحماية متمثلة في السندات المعصومة من شرور التضخم. في وقت سابق من الشهر الجاري باعت نيوزيلندا أول سندات مرتبطة بالتضخم منذ أكثر من عامين، في بادرة على ظهور طلب عليها وانتهزت ايطاليا الفرصة في الأسبوع الماضي وباعت ما قيمته 3 مليارات يورو من هذه السندات عن طريق اتحاد بنوك. وقال مصرفي ممن كان لهم دور في هذه الصفقة، طالبا عدم نشر اسمه، “منذ بداية السنة ازداد الطلب كثيرا على السندات المرتبطة بالتضخم، لقد تحسن الوضع”. وأضاف أن مناخ السندات المرتبطة بالتضخم “تغير بالكامل”. قبل عام واحد كان انكماش الأسعار، الذي يحد من إنفاق المستثمرين ومن النمو الاقتصادي، هو الذي ابتلي به المستثمرون والبنوك المركزية ما أدى إلى بقاء سياسات التيسير النقدي الشديد التي دفعت تكاليف الاقتراض الحكومي في قطاع كبير من العالم المتقدم دون الصفر. ومازال التسعير في السوق يشير إلى تضخم محدود في الأجل الطويل لكن الدلائل على اتجاه ضغوط الأسعار للارتفاع واقترانها بما يتردد عن دفعة مالية أمريكية ضخمة معناها أن المستثمرين تراجعوا عن أشد رهاناتهم على التضخم هبوطا بعد أن قرر الناخبون في بريطانيا العام الماضي الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وارتفع مؤشر BCGLOIL الرئيسي الذي يصدره باركليز للسندات الحكومية المرتبطة بالتضخم نحو اثنين في المئة من أدنى مستوياته منذ تسعة أشهر الذي سجله في ديسمبر/ كانون الأول رغم أنه مازال بعيدا عن المستويات المرتفعة التي سجلها العام الماضي. من ناحية أخرى، ارتفع الفارق بين العائد على السند المرتبط بالتضخم والسند العادي بذات الأجل في أوروبا والولايات المتحدة، أو ما يطلق عليه سعر التعادل، على مدار الأشهر الستة الأخيرة ليعكس ارتفاع التوقعات الخاصة بالتضخم. وأصبح الفارق في الولايات المتحدة نحو 2% للسندات التي يبلغ أجلها عشرة أعوام بعد أن بلغت في يناير كانون الثاني أعلى مستوياتها منذ سبتمبر/ أيلول عام 2014. وكان الفارق يبلغ 1.5% في يوليو/ تموز الماضي عندما راهن المستثمرون على أن هدف مجلس الاحتياطي الاتحادي بالوصول إلى التضخم إلى مستوى 2% على مدار 10 سنوات لن يتحقق. أما الفارق للسندات الألمانية لأجل 10 سنوات، وهي معيار القياس في منطقة اليورو، فيبلغ 1.41%، أي أقل من المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي للتضخم، وهو الاقتراب من مستوى اثنين في المئة دون بلوغه وذلك بالمقارنة مع أقل من 1% العام الماضي. وإذا ارتفع التضخم في المتوسط عن الفارق فسيكون أداء السندات المرتبطة بالتضخم أفضل من نظيراتها ذات العائد الثابت. وقال بوب ميشيل رئيس قسم الدخل الثابت في جيه.بي. مورجان اسيت مانجمنت “نحن نشتري السندات المرتبطة بالتضخم الآن. فنحن نعتقد أن التضخم مقوم بأقل من قيمته الحقيقية سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا أو اليابان ونحن نرى أن التضخم يتجه للارتفاع في كل هذه الأسواق”. وقد ارتفع المؤشر الأساسي لأسعار المستهلكين، المفضل لدى مجلس الاحتياطي الاتحادي لقياس التضخم، مسجلا أكبر زيادة شهرية في يناير كانون الثاني ليصل إلى 1.7% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وأمس الأربعاء رفع المجلس أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية في خطوة كانت مستبعدة قبل بضعة أسابيع. وسجل التضخم في منطقة اليورو أعلى مستوى منذ 4 سنوات فبلغ 2% في فبراير/ شباط متجاوزا هدف البنك المركزي الأوروبي في حين ارتفع التضخم في سويسرا عن الصفر في يناير/ كانون الثاني للمرة الأولى منذ أكثر من عامين. وفي اليابان التي تحارب الانكماش منذ سنوات ارتفع التضخم الأساسي في أسعار المستهلكين بنسبة 0.1 % في يناير/ كانون الثاني عما كان عليه قبل عام وذلك للمرة الأولى منذ ديسمبر كانون الأول 2015. ويقول محللون، إن التشكك في ارتفاع مطرد للتضخم بعد سنوات من النمو الاقتصادي الضعيف يفسر سبب عودة المستثمرين على استحياء إلى السندات المرتبطة بالتضخم بدلا من الإقبال الشديد عليها. وعلى سبيل المثال يشير الفارق للسندات الثلاثينية في منطقة اليورو، البالغ 1.60%، إلى أن توقعات التضخم طويلة الأجل لا تزال محدودة، لكنها أعلى من المستويات القياسية المتدنية التي سجلتها فوق 1% بالكاد في يوليو تموز من العام الماضي. وفي الأسبوع الماضي، قال البنك المركزي الأوروبي، إنه لم يعد يتوقع خطر الانكماش في منطقة اليورو، الأمر الذي أدى لتردد شائعات عن احتمال أن يبدأ التراجع عن سياسة التحفيز النقدي هذا العام. وقال جون داي مدير محافظ السندات العالمية لدى نيوتن انفستمنت مانجمنت “اوروبا هي أكثر الأماكن استحواذا على الاهتمام الآن. فالمخاطر السياسية تبقي توقعات التضخم منخفضة لكننا نتوقع العودة إلى التضخم عندما تنقشع تلك المخاطر”. وبالنسبة لبعض المستثمرين تمثل المخاوف من مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف في انتخابات الرئاسة الفرنسية سببا لشراء السندات الفرنسية المرتبطة بالتضخم لأنه إذا وصل الأمر بفرنسا للانسحاب من الوحدة النقدية وتبني عملة وطنية فإن هذه العملة ستنخفض وسيرتفع التضخم. كذلك تشير مقاييس أخرى في السوق مثل مؤشرات التضخم الخمسية إلى ارتفاع توقعات المستثمرين للتضخم رغم أن هذه المؤشرات انخفضت في الأسابيع الأخيرة لتعكس تحركا عاما إلى الأصول المضمونة فيما يتصل بالتوترات الناجمة عن الانتخابات الفرنسية.أخبار ذات صلةمعدل البطالة في بريطانيا ينخفض لأدنى مستوى منذ 2005التضخم في السودان يرتفع إلى 33.53% في فبراير الماضيانخفاض معدل التضخم في الأردن إلى 0.81% في فبرايرشارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :