العالم: وداعاً للانكماش وأهلاً بالتضخم

  • 3/17/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

هدأت أشباح الانكماش وبدأ الماضي يطويها بفضل ارتفاع ضغوط الأسعار من جديد على مستوى العالم، ما دفع المستثمرين إلى طلب الحماية متمثلة في السندات المعصومة من شرور التضخم. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، باعت نيوزيلندا أول سندات مرتبطة بالتضخم منذ أكثر من سنتين، في بادرة على ظهور طلب عليها وانتهزت إيطاليا الفرصة الأسبوع الماضي وباعت ما قيمته 3 بلايين يورو من هذه السندات عبر اتحاد مصارف. وقال مصرفي كان له دور في هذه الصفقة، طالباً عدم نشر اسمه: «منذ مطلع السنة ازداد الطلب كثيراً على السندات المرتبطة بالتضخم، لقد تحسن الوضع». وقبل سنة واحدة كان انكماش الأسعار، الذي يحد من إنفاق المستثمرين ومن النمو الاقتصادي، أبرز التحديات في وجه المستثمرين والمصارف المركزية، ما أدى إلى بقاء سياسات التيسير النقدي الشديد التي دفعت تكاليف الاقتراض الحكومي في قطاع كبير من العالم المتقدم، دون الصفر.   تضخم محدود وما زال التسعير في السوق يشير إلى تضخم محدود في الأجل الطويل، ولكن الدلائل على اتجاه ضغوط الأسعار إلى الارتفاع واقترانها بما يتردد عن دفعة مالية أميركية ضخمة، معناها أن المستثمرين تراجعوا عن أشد رهاناتهم على التضخم هبوطاً بعدما قرر الناخبون في بريطانيا العام الماضي الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وارتفع مؤشر «بي سي جي أل أو آي أل» الرئيس، الذي يصدره «باركليز» للسندات الحكومية المرتبطة بالتضخم، نحو اثنين في المئة من أدنى مستوياته منذ 9 أشهر الذي سجله في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، على رغم أنه ما زال بعيداً عن المستويات المرتفعة التي سجلها العام الماضي. وارتفع الفارق بين العائد على السند المرتبط بالتضخم والسند العادي بالأجل ذاته في أوروبا والولايات المتحدة، أو ما يطلق عليه سعر التعادل، على مدار الأشهر الستة الأخيرة ليعكس ارتفاع توقعات التضخم. وأصبح الفارق في الولايات المتحدة نحو اثنين في المئة للسندات التي يبلغ أجلها 10 سنوات، بعدما بلغت في كانون الثاني (يناير) الماضي أعلى مستوياتها منذ أيلول (سبتمبر) 2014. وكان الفارق يبلغ 1.5 في المئة في تموز (يوليو) الماضي عندما راهن المستثمرون على أن هدف مجلس الاحتياط الفيديرالي بالوصول بالتضخم إلى مستوى 2 في المئة على مدار 10 سنوات، لن يتحقق. أما الفارق للسندات الألمانية لأجل 10 سنوات، وهي معيار القياس في منطقة اليورو، فيبلغ 1.41 في المئة، أي أقل من المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي للتضخم وهو الاقتراب من مستوى اثنين في المئة دون بلوغه، مقارنة بأقل من واحد في المئة العام الماضي.   السندات المرتبطة بالتضخم وإذا ارتفع التضخم في المتوسط عن الفارق، فسيكون أداء السندات المرتبطة بالتضخم أفضل من نظيراتها ذات العائد الثابت. وقال رئيس قسم الدخل الثابت في «جيه بي مورغان أسيت مانجمنت» بوب ميشيل: «نحن نشتري السندات المرتبطة بالتضخم الآن، ونعتقد أنه مقوّم بأقل من قيمته الحقيقية سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا أو اليابان، ونرى أن التضخم يتجه نحو الارتفاع في كل هذه الأسواق». وارتفع المؤشر الأساس لأسعار التجزئة، المفضل لدى مجلس الاحتياط لقياس التضخم، مسجلاً الزيادة الشهرية الأكبر في كانون الثاني الماضي، ليصل إلى 1.7 في المئة مقارنة بالشهر ذاته العام الماضي. ورفع المجلس أول من أمس أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية، في خطوة كانت مستبعدة قبل بضعة أسابيع. وسجل التضخم في منطقة اليورو أعلى مستوياته منذ أربع سنوات عند 2 في المئة في شباط (فبراير) الماضي، متجاوزاً هدف البنك المركزي الأوروبي، في حين ارتفع التضخم في سويسرا عن الصفر في كانون الثاني للمرة الأولى في أكثر من سنتين. وفي اليابان، التي تحارب الانكماش منذ سنوات، ارتفع التضخم الأساس في أسعار التجزئة 0.1 في المئة في كانون الأول مقارنة بالعام الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ كانون الأول 2015. وأكد محللون أن التشكك في ارتفاع مطرد للتضخم بعد سنوات من النمو الضعيف، يفسر سبب عودة المستثمرين بخفر إلى السندات المرتبطة بالتضخم بدلاً من الإقبال الشديد عليها. وعلى سبيل المثال، يشير الفارق للسندات الثلاثينية في منطقة اليورو، البالغ 1.60 في المئة، إلى أن توقعات التضخم الطويلة الأجل لا تزال محدودة، لكنها أعلى من المستويات القياسية المتدنية التي سجلتها فوق واحد في المئة بقليل في تموز (يوليو) العام الماضي. وأعلن البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي أنه لم يعد يتوقع خطر الانكماش في منطقة اليورو، ما أدى إلى تردد إشاعات عن احتمال أن يبدأ التراجع عن سياسة الحوافز النقدية هذه السنة. وقال مدير محافظ السندات العالمية لدى «نيوتن إنفستمنت مانجمنت» جون داي: «أوروبا هي أكثر الأماكن استحواذاً على الاهتمام الآن، فالأخطار السياسية تبقي توقعات التضخم منخفضة، لكننا نتوقع العودة إلى التضخم عندما تنقشع تلك الأخطار». وبالنسبة إلى بعض المستثمرين، تمثل المخاوف من مرشحة اليمين المتطرف في انتخابات الرئاسة الفرنسية مارين لوبن سبباً لشراء السندات الفرنسية المرتبطة بالتضخم، إذ في حال وصل الأمر بفرنسا إلى الانسحاب من الوحدة النقدية وتبني عملة وطنية، فإن هذه العملة ستنخفض وسيرتفع التضخم. وتشير مقاييس أخرى في الــسوق، مثل مؤشــرات التضخم الخمسية، إلى ارتفاع توقعات المستثمرين للتضخم على رغم أن هذه المؤشرات انخفضت في الأسابيع الأخيرة لتعكس تحركاً عاماً إلى الأصول المضمونة.

مشاركة :