ليلاس سويدان | ضمن الموسم الثقافي الثالث لمركز مؤرخ أقيمت محاضرة «العثمنة والقومية.. قصة انهيار امبراطورية» في المكتبة الوطنية، وأدارها خالد الشداد المدير التنفيذي للمركز، الذي أشار إلى أن المركز ارتأى إقامة محاضرات في هذا الشأن بعدما أصبح هناك تعطش لقراء التاريخ العثماني لدى الكثيرين، ولفت النظر إلى أن هذه الحاضرة تشارك في مسابقتي العطاء الثانية للأعمال والمشاريع التطوعية. إرث مؤثر بداية تحدث د. خالد الباطني-استاذ تاريخ في جامعة الكويت، وباحث متخصص بالعلاقات الخارجية الأميركية مع الشرق الأوسط-عن علاقة الولايات المتحدة مع الدولة العثمانية وبالتحديد علاقة الإرساليات البروتستانتية التبشيرية ودورها في المنطقة، والإرث المؤثر في الدولة العثمانية. وشرح التصور البروتستانتي، للدولة العثمانية الذي بدأ في القرن السادس عشر مع مارتن لوثر واستمر في كل أوروبا، وورثه الأميركان عنها، فقد كان البروتستانت يرون الدولة العثمانية جزءا من نهاية الزمان، بمعنى أن العثمانيين يلعبون دورا في هذه النهاية. فطبقا للعقيدة الألفية البروتستانتية، سيأتي النبي عيسى إلى الدنيا ويقيم مملكة السماء في هذه الأرض، وشرط ذلك ان يعود اليهود إلى فلسطين ونشر المسيحية قدر المستطاع بين الناس. وأشار إلى أنه تم تفسير بعض الدلالات الدينية البروتستناتية، كقدوم الجراد في آخر الزمان، على أنه الجيش العثماني. وتحدث عن محفز آخر للإرساليات التبشيرية وهو ضرب التجارة الأميركية بعد الاستقلال بشكل كبير جدا في البحر المتوسط أو دول شمال أفريقيا التابعة للدولة العثمانية بسبب عدم دفعها إتاوات. وقال إن هذه التجربة أثرت بعمق في المجتمع الأميركي وشكلت لديه صورة سيئة للعربي والعثماني والبربري، إضافة بالطبع الى فكرة البروتستانتية، فبدأ عدد من المتدينين الأميركان أو المجتمع المسيحي التفكير بنشر المسيحية في الدولة العثمانية، وتطبيق العقيدة الألفية ونقل اليهود إلى فلسطين لإنهاء الشيطان الأعظم «العثمانيين»، وبعضهم كان مدفوعا بفكرة أن الدين الإسلامي هو «دين تخلف» ونشر المسيحية هو «تنوير» للمسلمين. إحياء لغات القوميات 1820 بدأت الإرساليات التبشيرية، كما قال د.الباطني، ولكن الاشكالية التي واجهت التبشيريين هي إخراج المسلمين من دينهم في دولة إسلامية يعتبر الخارج فيها عن دينه مرتدا شرعا. فتوجهوا إلى أقليات غير مسلمة. ووصف خارطة عمل تلك الجماعات التبشيرية والبلاد التي تمركزوا فيها وأقاموا مدارسهم. محاولات إنقاذ من الانهيار أ. طلال الجويعد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصرفي كلية الآداب بجامعة الكويت تحدث عن بدايات انهيار الأمبراطورية العثمانية ومحاولات الإصلاح وأسبابه. وقال إن بعض المؤرخين يرون أنها بدأت مع وفاة السلطان سليمان القانوني 1566، ثم تتابعت الأحداث فزاد الضعف بعد ذلك وأصبحت الدولة العثمانية تسير نحو التغريب. وشرح محاولات الدولة العثمانية لرأب صدع الانهيار بدءا من حركة الاصلاح العثماني التي بدأت في وقت مبكر بداية من محاولات الإصلاح التقليدي، بمعنى العودة إلى الإسلام الصحيح ونشر العدل والتمسك بأحكام الشريعة الإسلامية، ثم تغيرت هذه الطريقة في منتصف القرن الثامن عشر، عندما توجه الإصلاح إلى إصلاح أوروبي، أخذ من أوروبا وسائل التطور بعد أن أرسلت الدولة العثمانية سفراءها إلى العواصم الأوروبية فيينا ولندن وباريس، حيث أخذ العثمانيون من الغرب وسائل الإصلاح المدني والعسكري، إلا أن هذه المحاولات أخذت وقتا طويلا ولم تؤت ثمارها ومضت الدولة العثمانية نحو الانهيار، حتى بدأت الحرب العالمية الأولى التي كانت الرصاصة الأخيرة في حياة الدولة العثمانية التي أنهتها عام 1924. أسباب السقوط وقد لخص الجويعد أسباب سقوط الدولة العثمانية وانهيارها بأنه رغم عمرها الطويل، لم تقتبس من الغرب لأنها كانت تنظر نظرة سلبية إلى أوروبا وما يأتي منها، لذلك طيلة قرون عديدة ظلت مقفلة أمام الأوروبيين وتعيش على نمط العصور الوسطى مما مكن أوروبا من التغلب عليها عسكريا. من العيوب التي ساعدت على انهيار الدولة العثمانية كما قال الجويعد، تلك الثقة الزائدة بالنفس والنظرة الاستعلائية لأوروبا، التي سهلت للأوروبيين بعد ذلك السيطرة والنصر العسكري على العثمانيين في حروبهم. إضافة الى ذلك الحروب المستمرة التي خاضها العثمانيون ضد الأوروبيين .
مشاركة :