دونالد ترامب الابن الصورة الجمهورية الودية للمستقبل بقلم: توفيق الحلاق

  • 3/18/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

ترامب الابن الذي واجه مشاكل في إدارة أعماله التجارية الخاصة وجد في السياسة مهرباً من عالم ربما يكون قد أشبع به من خلال حياة والده.العرب توفيق الحلاق [نُشر في 2017/03/18، العدد: 10575، ص(12)]دونالد ترامب الابن شاب يثق به الرئيس أكثر من الجميع ويعينه مبعوثا خاصا واشنطن- كان لافتاً وجاذباً للصحافة العربية والغربية نشاط وحيوية ذلك الشاب الوسيم الابن الأكبر لمرشح الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية وقتها، دونالد ترامب في العاصمة الفرنسية باريس بداية شهر أكتوبر عام 2016. ذلك النشاط كان مترافقاً مع ذروة العراك بين والده وبين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على منصب رئيس الولايات المتحدة. كان الرجل صغير السن قد عقد محادثات خاصة وبالغة الدلالة في العاصمة الفرنسية باريس مع 30 شخصية لها وزنها السياسي والدبلوماسي وبخاصة الرئيس التركي السابق عبدالله غول، والأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان، وجيمس روبين المتحدث السابق باسم الخارجية الأميركية، وعدد من مسؤولي الحكومة الأميركية السابقين والحاليين وقادة منظمات متعددة الأطراف. وبقي الصحافيون يتساءلون: بأيّ صفةٍ يعقد نجل الرئيس المحتمل مثل تلك اللقاءات؟ وما الذي دفع تلك الشخصيات التاريخية لقبول الدعوة؟ مهنة العائلة دونالد ترامب الابن قدم الشكر للشعب الأميركي بعد انتخاب والده رئيسا مؤكدا أن والده لن يخذلهم. وكتب ترامب الابن عبر حسابه الرسمي على إنستغرام “شكرا أميركا وشعبها. والدي لن يخذلكم”. دونالد جون “دون” ترامب الابن من مواليد نيويورك في 31 ديسمبر 1977 وهو الابن البكر لترامب من زوجته عارضة الأزياء السابقة إيفانا ويعمل حاليًا مع شقيقته إيفانكا وأخيه إريك الذي يشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي في منظمة ترامب. صحيفة وول ستريت حورنال تقول إن جونيور ترامب برز باعتباره “مبعوثاً” محتملاً لوالده. وأنه تصدى لمهمة بالغة الأهمية وهي قضية إطفاء الحريق المشتعل في سوريا منذ ست سنوات. وهو إلى ذلك كان يبحث عن سبلٍ لتعاون الرئاسة الأميركية الجديدة المحتملة مع الكرملين. مثل تلك المهمات لا يمكن لترامب الابن أن يتولاها لولا أنه يتمتع بتوكيل قوي من والده الرئيس المحتمل آنذاك. وبحسب أشخاص شاركوا في لقاءات باريس فإن أولئك الأشخاص التقوا في فندق ريتز باريس يوم 11 أكتوبر 2016 بدعوة من مركز الشؤون السياسية والخارجية وهو مركز أبحاث فرنسي أسسه فابيان بوسارت وزوجته رندة قسيس تلك السيدة السورية المحسوبة ضمن شخصيات المعارضة الناعمة للنظام السوري والتي تعمل بشكل وثيق مع روسيا لإنهاء الصراع في سوريا. حملة والده الرئاسية أتاحت لترامب الابن فرصة جديدة لاستكشاف دور محتمل له في السياسة وفي لقاء جمهور كبير والتحدث إليه من موقع مسؤول في الحملة مثل إلقائه خطابا بصورة منفردة دعما لوالده في ولاية نيفادا وظهوره في مقابلات تلفزيونية ممثلا جيدا عن والده، وبذلك أصبح معروفا على المستوى الوطني وحظي بتقريظ على بلاغته في الكلام ترامب الابن وروسيا بات من المعروف أن قسيس تتزعم مجموعة سورية مدعومة من الكرملين بحسب صحيفة وول ستريت جورنال. وهذه المجموعة تسعى إلى انتقال سياسي في سوريا بالتعاون مع الرئيس بشار الأسد الحليف المقرّب من موسكو. الكشف عن اللقاء الذي جمع نجل ترامب وشخصيات موالية لروسيا حتى وإن لم يكن من ضمنها مسؤولون روس يطرح أسئلة جديدة بشأن الاتصالات بين الرئيس المنتخب وعائلته مع القوى الأجنبية. كما يسلط الضوء على رغبة ترامب الأب بالتعاون مع الكرملين بمجرد تسلمه الحكم رسمياً حسبما تقول الصحيفة. قسيس قالت في لقاء صحافي من موسكو إنها ضغطت على نجل ترامب للتأكيد على أهمية التعاون مع الروس في الشرق الأوسط. وأضافت “علينا أن نكون واقعيين. من الذي على أرض الواقع في سوريا؟ ليست الولايات المتحدة وليست فرنسا. فدون روسيا لا يمكن أن يكون هناك حل في سوريا”. ووصفت قسيس ترامب الابن بأنه واقعي للغاية ومرن. ولكن هل يكفي جونيور ترامب أن يكون الابن الأكبر لعائلة المرشح الرئاسي وحتى لو كان مندوباً عنه كي يحظى بذلك الاهتمام من المركز ومن تلك الشخصيات؟ وأن يعولَ عليه في تقريب وجهات النظر بين بلاده وروسيا حيال قضية خطيرة مثل قضية الحرب في سوريا؟ بالعودة إلى السيرة الذاتية للجنيور ترامب نجد أنه رجل أعمال يشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي في منظمة ترامب التجارية العملاقة وله أخوان شقيقان أصغر منه هما إريك وإيفانكا، وأخوان غير شقيقين هما تيفاني وبارون. جونيور ترامب يجيد اللغة التشيكية وحاصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة وارتون في ولاية بنسلفانيا. ترامب الابن ركّز في مسيرته المهنية على قطاع العقارات التي هي مهنة العائلة. وقد تولّى إلى جانب أشقائه مناصب كبار المديرين في مؤسسة ترامب، بيد أن حملة والده الرئاسية أتاحت له فرصة جديدة لاستكشاف دورٍ له في السياسة وفي لقاء جمهور كبير والتحدث إليه من موقع مسؤول في الحملة مثل إلقائه خطاباً بصورة منفردة دعماً لوالده في ولاية نيفادا وظهوره في مقابلات تلفزيونية ممثّلاً جيداً عن والده، وبذلك أصبح معروفاً على المستوى الوطني وحظيَ بتقريظٍ على بلاغته في الكلام.القاسم المشترك بينه وبين والده هو غياب الخبرة السياسية وفي حال قرّر ترامب الابن خوض غمار السياسة بنفسه فهو قد قدّم اليوم للجمهوريين في الكونغرس نسخة أكثر ودّية عن الصورة التي رسمها والده لنفسه في الدورة الانتخابية. وفي فعاليات وول ستريت جورنال الانتخابية بدا مرتاحاً وإيجابياً وتفاعَل مع الجمهور بإطلاق الدعابات والانتقاص من أهميته الشخصية من حين إلى آخر. وفي حين شنّ والده هجوماً عنيفاً على وسائل الإعلام وعلى الجمهوريين المتحفّظين تجاهلهم ترامب الابن مستخدماً روح الدعابة. القاسم المشترك بينه وبين والده هو غياب الخبرة في السياسة والحكم وهو عامل يعتبره ترامب الابن، شأنه في ذلك شأن والده، أمراً إيجابياً. كما أنه لم يُظهر نزعة إلى ادّعاء الخبرة وهو لم يتردد بالإقرار بأنه ليس ضليعاً في السياسة. ومع ذلك فقد تصدى للبحث في أخطر قضيةٍ سياسيةٍ مختلف عليها بين بلاده وروسيا الاتحادية وهي القضية السورية كما حدث في لقاءات باريس. إلى ذلك فقد اتخذ الشاب موقفاً وصفته الصحافة بالعنصرية حيال اللاجئين السوريين في أميركا عندما أثار ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن شبّه اللاجئين السوريين بقطع من حلوى “سكيتلز” في تغريدة له على موقع تويتر، وذلك في محاولة منه للتأكيد على أنه ينبغي على الولايات المتحدة عدم قبول لاجئين سوريين، وقد بث ترامب الابن صورة حملت السؤال التالي “إذا كان معي وعاء من حلوى سكيتلز وقلت لك: إنّ ثلاثا منها فقط ستقتلك، فهل ستأخذ حفنة منها؟ هذه هي مشكلة اللاجئين السوريين لدينا، دعونا ننهي جدول أعمال السياسة اللائقة التي لا تصنع أميركا”. وقد رد عليه دينيس يونغ نائب رئيس قسم علاقات الشركات في “شركة ريغلي أميركا المنتجة لحلوى سكيتلز” إن “سكيتلز هي حلوى واللاجئون هم بشر. إننا لا نعتقد بأن هذا تشبيه مناسب”. ولم يصدر عن حملة المرشح الرئاسي أيّ تعليق على تغريدة ترامب الابن في حين علق نيك ميريل السكرتير الصحافي لمرشحة الحزب الديمقراطي كلينتون “إن تعليق ترامب الابن عن السوريين مثير للاشمئزاز”. وبث مغردون غاضبون من تعليق ترامب الابن صوراً لأطفالٍ لاجئين على موقع التواصل الاجتماعي كتبوا أعلاها عبارة “لسنا حلوى سكيتلز”. دون والمشكلات يبدو أن ترامب الابن الذي واجه مشاكل في إدارة أعماله التجارية الخاصة قد وجد في السياسة مهرباً من عالم ربما يكون قد أشبع به من خلال حياة والده وأسرته. إذ سبق له وأن دخل في شراكة تجارية مع رجل أعمال انتهت إلى إفلاس شركاتهما وتراكمت عليهما الضرائب غير المسددة وبدأت الملاحقات القضائية تحوم حوله بناء على تقرير للواشنطن بوست. خبرة دون في العلاقات العامة وقعت تحت الاختبار حين تعرف على رجل الأعمال جيريمي بلاكبيرن، من ولاية يوتا الأميركية قبل عشرين عاماً، وبدأ الاثنان شراكة قالا إنها ستُحدث ثورة في ما يتعلق بالسكن منخفض الكلفة من خلال استخدام كتل خرسانية لعمل منازل مسبقة الصنع أو كما يشار إليها بـ”البيوت الجاهزة” في تشارلستون. ولكن وبعد خمس سنوات فشلت تلك الخطة وتم استبدال المشروع الكبير بمشاريع صغيرة تحت إشراف بلاكبيرن. وعلَّق ألان دارتن المستشار العام لمنظمة ترامب الأب أن دون الابن له أسهم في شركتين فقط مع بلاكبيرن، متابعًا “أنا متأكد أنه تمنى لو لم يفعل ذلك فقد نظر إليها كشركات مبتدئة وعزم النية على النجاح، ولكنها فشلت تمامًا”. أفكار الأبالجمهوريون لديهم اليوم نسخة أكثر ليونة عن الصورة التي رسمها ترامب الأب لنفسه في الدورة الانتخابية في مقال ساخر ذَكَر فيليب بامب الصحافي في جريدة الواشنطن بوست ببيانات أظهرت أن احتمال مقتل مواطن أميركي سنويا على يد شخص يوصف بأنه إرهابي أجنبي كانت واحدا بين كل ثلاثة ملايين و609 آلاف و709 من الأشخاص، وبناء على هذه العملية الحسابية لفيليب بامب فإن رفض اللاجئين يمكن أن ينسحب أيضا على الجنس البشري كله. إذ يقول المثل “لا تلد الذئبة إلا ذئبًا، والولد سر أبيه” فهل أفكار دونالد ترامب الابن عن معاداة المهاجرين مقتبسة عن والده الذي قال “إن الدواعش أصبحوا بيننا في إشارة إلى احتمال وجود بعضهم بين اللاجئين السوريين”. كما وصف المهاجرين المكسيكيين بالمغتصبين. في تاريخ عائلة ترامب يمكن للمتتبع أن يطلع على مواقف مزعومة لترامب الجَد ضدَّ السود فقد كان يمتنع عن تأجيرهم العقارات التي يمتلكها كما قالت بعض التقارير الصحافية القديمة. كما يبدو موقف الرئيس دونالد ترامب جلياً من المهاجرين المكسيكيين ورغبته في إعادة الملايين منهم إلى بلادهم وفي إقامة جدارٍ هائل على حدود المكسيك، وكذلك في إصراره على منع وصول اللاجئين الجدد والذين كانت وافقت حكومة أوباما على استقبالهم، وصولاً إلى ترامب الابن الذي يرى في بعضهم قتلة محتملين دونما أيّ ذريعة مثبتة قانونياً. لكن دونالد ترامب الابن كان قد طمأن الشعب الأميركي حول مستقبل البلاد بعد فوز والده. مؤكدا أنه مستقبل عظيم. وكتب عبر حسابه على إنستغرام “سنكون أمة واحدة، سنكون شعبا واحدا، سنتقاسم معا لنكون شعبا واحدا لمستقبل عظيم”. وبحسب فريق ريل كلير بولييكس في المونيتور فإنه ولدى سؤال ترامب الابن عن قانون غلاس-ستيغول الذي دعّم والده إعادة العمل به في خطوة مثيرة للجدل لم يتردد بالإقرار بعدم اطلاعه على المسألة وعدم معرفته بذلك القانون لا من قريب ولا من بعيد. بل اكتفى بالقول “لا أعرف الكثير عنه. لست ضليعاً بالسياسات”.

مشاركة :