تقييم يظهر أن الولايات المتحدة تواجه خطر نشوب حرب أهلية بنسبة 60 بالمئة في غضون فترة تتراوح بين الأعوام العشرة والخمسة عشر المقبلة.العرب توفيق الحلاق [نُشر في 2017/08/27، العدد: 10735، ص(7)]أميركيون يهددّون مستقبل السلم الأهلي في أميركا واشنطن - ظاهرة تحول السيارة الصغيرة إلى أداة قتل تحصد المشاة في عواصم الغرب وضعت حكومات تلك الدول أمام معضلة أمنية تحتاج حلولاً عبقرية سريعة لمواجهتها قبل أن تقتل المزيد من الأبرياء على الأرصفة. وذات مرة قال المحامي السوري هائل اليوسفي في برنامجه الحقوقي الإذاعي “يمكن لأيّ سيارة أن يحوّلها سائقها من وسيلة نقل إلى وسيلة قتل”. يومها علق صحافي ساخراً “ما شاء الله على هذا الاكتشاف العبقري” وأضاف “إن طفلاً في الثالثة يدرك بفطرته خطر السيارة المسرعة، فلا يتجاوز الشارع أمامها”. مشكلة السيارات المسرعة التي يقودها شباب متهوّرون كانت هاجس الشرطة حول العالم ولا تزال، وقد استصدر القضاء لمواجهتها قوانين السير الصارمة. لكن استخدام السيارة عن قصد وسابق تخطيط لقتل المدنيين على الأرصفة كان ابتكاراً إرهابياً مستحدثاً خلق حالاً من الرعب عند الناس والحكومات على حدّ سواء. في العالم العربي اجترحت الأنظمة فكرة إقامة جدران قصيرة من الإسمنت المسلح الثقيل حول المنشآت ذات الأهمية الأمنية، بحيث أصبح من المستحيل على سيارة عادية تجاوزها، حدث ذلك مطلع الثمانينات من القرن الماضي حيث كانت السيارات المفخخة تنعطف بصورة مفاجئة نحو مداخل أبنية الأمن والجيش وتنفجر موقعة العشرات من القتلى والجرحى، ولم يكن النظام العربي حينها مهتماً بأرصفة المشاة. قال لي أحد كبار الجنرالات من الذين عملوا في القصور الجمهورية “لا تنتقد رجال الأمن فقد تصعد سيارة صغيرة إليك على الرصيف وتقتلك، وتسجل الشرطة الحادث على أنه بفعل شخص مجهول”. فهل كانت أجهزة الأمن العربية تخطط لمثل تلك العمليات منذ ذلك التاريخ؟ وهل هي من تدفع عناصر داعش لارتكاب تلك الجرائم؟ الأمن والحريات أمن المشاة في الغرب مهمّ أكثر من المنشآت، لكن إقامة جدران من الإسمنت المسلح على مسافة آلاف الكيلومترات لتأمين الأرصفة من سيارات الإرهابيين يبدو مشروعاً خيالياً غير قابل للتحقيق. والأسهل منه تجفيف منابع الإرهابيين الموصومين غالباً بالإسلاميين المتطرفين. لكن الأحداث المتلاحقة أظهرت أن هناك متطرفين عنصريين لا علاقة لهم بالإسلاميين الدواعش، بل إنهم يعلنون كراهيتهم لهم ويدعون لإبادتهم. فالقومي الأميركي المتطرف للعنصر الأبيض ديفيد ديوك يقول اليوم بملء فمه “الموت لداعش وجميع مؤيديه”.الأحداث المتلاحقة تظهر أن هناك متطرفين عنصريين لا علاقة لهم بالإسلاميين الدواعش، بل إنهم يعلنون كراهيتهم لهم ويدعون لإبادتهم ديوك نفسه كان من أبرز الداعمين لمظاهرة القوميين البيض في مدينة تشارلوتسفيل بولاية فرجينيا الأميركية بتاريخ الـ12 من أغسطس الجاري، وذلك لكونها حسب رأيه محطة تاريخية للتيار الأبيض المتشدد. أثناء تلك المظاهرة قتلت امرأة تبلغ من العمر 32 عاما دهساً بسيارة اخترقت مظاهرة أخرى لمجموعة مناوئة من النشطاء خرجت للاحتجاج على مظاهرة القوميين البيض كانت تقودها جماعات يمينية مثل جماعة “وحدوا اليمين” وجماعات أخرى كانت تطلق شعارات مؤيدة للبيض ضد كل مكونات الشعب الأميركي الأخرى. يوجز الكاتب المغربي ماجد حشاد المشهد في مقال قال فيه “بعد يومٍ من الاشتباكات والوحشية العنصرية وحالات الوفاة في ولاية فرجينيا الأميركية تساءل حاكم الولاية تيري ماكوليف: كيف وصلنا إلى هذا الحد؟ يكمن السؤال الأكثر أهميةً بعد أحداث مدينة تشارلوتسفيل الأميركية وغيرها من الأحداث القاتلة في مدن فيرغسون وتشارلستون ودالاس وسانت بول وبالتيمور وباتون روغ والإسكندرية الأميركية في المصير الذي تُساق إليه الولايات المتحدة”. البلاد الهشة أما الكاتبة الأميركية روبن رايت فقد تساءلت في مقال لها بمجلة “ذا نيويوركر” التي تكتب فيها منذ العام 1988 عن مدى هشاشة ذلك البلد الذي لطالما اعتُبِر الديمقراطية الأكثر استقراراً في العالم بعدما أصبحت الأخطار الآن أكبر من مجرد مجموعة حوادث عنف.. لقد حقق اليمين المُتطرِّف نجاحاتٍ في دخول التيار العام السياسي في السنة الماضية أكثر مما حقَّقه على مدار نصف قرن. إذ يوثّق مركز “قانون” أكثر من 900 مجموعة كراهية (والعدد يتزايد) في الولايات المتحدة. وتؤكد رايت أن الاستقرار الأميركي صار يتخفّى على نحوٍ متزايد في الخطاب السياسي. مضيفة أنه “في وقتٍ سابق من العام الجاري بدأتُ محادثةً مع كيث ماينز حول اضطرابات أميركا، وماينز له مسيرته المهنية المميزة، سواء حين كان يخدم في القوات الخاصة التابعة للجيش الأميركي، أو في منظمة الأمم المتحدة، أو في منصبه الحالي بوزارة الخارجية، وهو ساهم في إجراء أبحاثٍ عن حروبٍ أهلية في بلدان أخرى وعاد إلى واشنطن بعد 16 عاماً ليجد أنَّ الظروف التي كان يراها تؤجج نزاعاتٍ في الدول الأخرى ظاهرةٌ الآن في وطنه. وصار هذا هاجساً يطارده”.زعيم منظمة "كوك كلوكس كلان" العنصرية ديفيد ديوك يعلن في تصريحات تلفزيونية أن تظاهرة تشارلوتسفيل هي مبايعة جديدة من قبل مجموعات اليمين المتطرف للرئيس دونالد ترامب، وتأكيد الالتزام بالأجندة اليمينية التي انتخب ترامب على أساسها رئيسا للولايات المتحدة في مارس الماضي كان ماينز واحداً من العديد من الخبراء في الأمن الوطني طلبت منهم مجلة فورين بوليسي الأميركية تقييم مخاطر نشوب حرب أهلية ثانية بالنسب المئوية، واستنتج مايز أن الولايات المتحدة تواجه خطر نشوب حرب أهلية بنسبة 60 بالمئة في غضون فترة تتراوح بين الأعوام العشرة والخمسة عشر المقبلة. وتراوحت توقعات خبراء آخرين بين 5 بالمئة و95 بالمئة. وبلغت نسبة الإجماع الواقعي 35 بالمئة. وكان ذلك قبل 5 أشهرٍ من حادثة تشارلوتسفيل. وبالعودة إلى تلك الحادثة فقد كشفت السلطات الأميركية عن هوية المشتبه به بارتكاب حادث الدهس الذي وقع خلال مظاهرة مدينة تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا. قناة “سي إن إن” الأميركية تنقل عن مارتين كومر من سجن مقاطعة ألبير مارلي- تشارلوتسفيل، حيث يحتجز المشتبه به بدهس المتظاهرين، قوله إن”اسم المشتبه به هو جيمس أليكس فيلدز (20 عاما)، من مدينة ماومي بأوهايو”. وأضاف أنه تم توجيه تهم القتل من الدرجة الثانية والتسبب بإصابات وعدم التوقف بعد حادث أدّى إلى قتل امرأة (32 عامًا) وأصيب 19 آخرون إثر إقدام سيارة على دهس حشد من المشاركين في تظاهرة مناوئة لمظاهرة اليمين المتطرف بمدينة تشارلوتسفيل. وفي وقت سابق، قالت قناة “سي بي إس نيوز” الأميركية نقلًا عن شرطة المدينة “إن الحادث وقع أثناء احتشاد مئات المنتمين لمجموعات من اليمين المتطرف بشارعين في تشارلوتسفيل للتظاهر تحت عنوان ‘وحّدوا اليمين’، دون أن تقدم توضيحات عن هوية منفذ عملية الدهس أو دوافعه. وخلال التظاهرة أيضًا أصيب نحو ثمانية أشخاص واعتقل شخص آخر إثر اشتباكات بين مجموعات من اليمين المتطرف وعدد من المناهضين لهم، وفق بيان للشرطة”. وعقب الحادث قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة على تويتر “يتعين علينا أن نتحد وندين الكراهية، إذ أنه لا مكان لهذا النوع من العنف في أميركا”.القومي الأميركي المتطرف للعنصر الأبيض ديفيد ديوك يقول اليوم بملء فمه “الموت لداعش وجميع مؤيديه” الاتحاد ضد اليمين المتحد تيرى ماكاوليف حاكم ولاية فرجينيا فأعلن حالة الطوارئ المحلية بالولاية لمواجهة أعمال شغب متوقّعة بعد تصاعد أعداد المتظاهرين. وتنصّ حالة الطوارئ المحلية، وفق بيان رسمي لشرطة تشارلوتسفيل، على السماح للمسؤولين المحليين بطلب موارد إضافية لمواجهة الأحداث الجارية، فضلًا عن منع التجمعات غير القانونية. تجدر الإشارة إلى أن احتشاد مجموعات اليمين المتطرف بدأ احتجاجًا على عزم بلدية تشارلوتسفيل تحطيم تمثال الجنرال الجنوبي روبرت إي لي الذي كان يؤيد العبودية. لم يشرف السياسي الأميركي المثير للجدل ديفيد ديوك على تنظيم مظاهرة القوميين البيض في مدينة تشارلوتسفيل بولاية فرجينيا الأميركية، بحسب ما أعلن، لكنه كان من أبرز الداعمين لها والداعين إلى ضرورة المشاركة فيها، وفي الوقت الذي كانت الشرطة الأميركية تحاول فض الاشتباكات وإنهاء التظاهرة خرج ديوك الذي سبق له وأن قاد تنظيم “كوك كلوكس كلان” والذي يؤمن بالتفوق الأبيض، بحماية رجاله من ساحة التظاهرة. ومن الميدان إلى العالم الافتراضي أطلق ديوك عنان تغريداته وفيديوهاته المصوّرة التي ظهر خلالها برفقة عدد من مؤيديه، ولم يسلم ترامب من انتقادات الرجل الذي تقلب بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في ثمانينات القرن الماضي. ويعرف عن ديوك توقه الشديد للوصول إلى المناصب الرسمية العليا في الولايات المتحدة الأميركية، حيث نجح مرة واحدة فقط بعد تمكنه من نيل تمثيل ولاية لويزيانا في مجلس النواب بمقابل فشله في الانتخابات الرئاسية التمهيدية في كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إضافة إلى انتخابات مجلس الشيوخ في لويزيانا ومجلس الشيوخ في الولايات المتحدة، كما فشل أيضا في الحصول على منصب حاكم الولاية. ديوك بدأ إصداراته المصوّرة أثناء قيادته لسيارته عائدًا من ساحة التظاهرة التي تحوّلت إلى ميدان حرب بين القوميين البيض ومناوئيهم، فصبّ جام غضبه على الشرطة التي اتهمها بالانحياز إلى الطرف الآخر، وعلى حاكم فيرجينيا الديمقراطي تيري ماكاوليف الذي أعلن حالة الطوارئ قائلا إنها ضرورية لمساعدة الولاية على مواجهة عنف مسيرة اليمين المتطرف في تشارلوتسفيل.اليمين الأميركي المتطرف حقق نجاحات في دخول التيار العام السياسي في السنة الماضية أكثر مما حققه على مدار نصف قرن. وفقا لمركز “قانون” ترامب كانت له حصة كبيرة من انتقادات ديوك الذي لم يعجبه خطاب الرئيس الداعي إلى الوحدة وإدانة كل أشكال الكراهية فتوجه إليه على حسابه على تويتر يقول “أود أن أنصحك بالنظر إلى المرآة بشكل جيّد، وتذكر أن الأميركيين البيض هم من أوصلوك إلى الرئاسة لا اليساريين الراديكاليين”. وأضاف “بعد عقود من استهداف الأميركيين البيض، نريد أن نقف معًا كشعب واحد”. الرواد الأوائل ينتمي الشاب الأميركي جايمس ألكس فيلدز منفذ عملية الدهس خلال المواجهات التي شهدتها مدينة تشارلوتسفيل في فرجينيا، إلى مجموعة دينية متشددة تطلق على نفسها اسم “Vanguard America” أو “أميركا الروّاد الأوائل” وهي منظمة عنصرية نازية تعتقد بتفوّق الأصول الأوروبية وترفع شعارات معادية لسلطة الحكومة الفيدرالية. كذلك تشير سجلاّت الجيش الأميركي إلى أن الشاب الأميركي الأبيض، الذي توفّي والده قبل ولادته في ولاية كنتاكي ثم انتقل مع والدته للعيش في ولاية أوهايو، كان قد تطوع للخدمة العسكرية بتاريخ 18 أغسطس عام 2015 إلا أنه عاد وترك الخدمة فعليا في شهر ديسمبر أي بعد أربعة أشهر دون أن يوضح الأسباب الحقيقية لمغادرته المؤسسة العسكرية. هذا الشاب هو واحد من آلاف الشبان المنتمين إلى عدة مجموعات يمينية متطرفة من النازيين الجدد واليمين البديل، توافدوا قبل أيام من الولايات الأميركية البعيدة والقريبة إلى مدينة تشارلوتسفيل التاريخية في فرجينيا مسقط رأس توماس جيفرسون كاتب إعلان الاستقلال الأميركي عام 1776. وكان في طليعة هؤلاء زعيم منظمة “كوك كلوكس كلان” العنصرية ديفيد ديوك الذي أعلن في تصريحات تلفزيونية أن تظاهرة تشارلوتسفيل هي مبايعة جديدة من قبل مجموعات اليمين المتطرف للرئيس دونالد ترامب وتأكيد للالتزام بالأجندة اليمينية التي انتخب ترامب على أساسها رئيسا للولايات المتحدة.
مشاركة :