أمر مُخجل ومُعيب ما حدث يوم الخميس الماضي في سوق المباركية، هذا المعلم التراثي الجميل، عندما قرر أصحاب المحلات والبسطات إغلاق محالهم اعتراضاً على قرار رفع الأسعار عليهم بنسبة تصل إلى أكثر من 400 في المئة. وأمر سعيد ومثلج للصدر، تفاعل الحكومة السريع من خلال إصدار وزير المالية أنس الصالح قرار بوقف أي زيادة للإيجارات على محلات السوق. وبما أن أنس الصالح هو المعني الأول والأخير بالموضوع، فمنا لوزير المالية بخصوص سوق المباركية هذا المقال.وقبل أن نبدأ، نذكر وزير المالية بأن أول عقد لاستثمار السوق تم توقيعه مع شركة مجمعات الأسواق الكويتية في أبريل 1994، وذلك لاستثمار السوق لمدة عشرين سنة، ودخلت مع الشركة شركتان أخريان متضامنتان معها في تنفيذ شروط وبنود العقد، ومن هنا تبدأ الحكاية.هل تعلم يا وزير المالية أن إجمالي ربح السوق في عام 2014 بلغ 1.3 مليون دينار، بينما كانت الدولة تحصل فقط على نحو 81 ألف دينار كويتي كإيجار من الشركة المديرة؟وهل تعلم يا وزير المالية أن الشركة السابقة المديرة للسوق كانت قد رفعت الإيجارات على نسبة كبيرة من المستأجرين، وكان هناك الكثير من القضايا المنظورة وأن عدداً كبيراً منهم كان يسدد مباشرة في المحكمة؟وهل تعلم يا وزير المالية أن الشركة السابقة المديرة للسوق لم تسلم البيانات المالية الخاصة بالسوق لعام 2015 أثناء طرح المزايدة الخاصة بإدارة السوق وهذا سبب ربكة ولبساً للمزايدين، وعلى الرغم من ذلك شاركت تلك الشركة في المزايدة وكان لها الأفضلية بنسبة 10 في المئة بحكم القانون؟وهل تعلم يا وزير المالية أن الجهة الطارحة للمشروع لم توفر عقود الإيجار الحالية الخاصة بالسوق للمزايدين، رغم إلحاحهم المستمر، بحجة أن الشركة المدير السابقة لم تسلمهم تلك العقود؟وهل تعلم يا وزير المالية أن الشركة الفائزة بالمزايدة ستدفع للدولة 3.6 مليون سنوياً بينما كانت الشركة السابقة تدفع فقط 81 ألف؟ ألم يُثر ذلك علامات استفهام لدى معاليكم؟وهل تعلم يا وزير المالية أن إجمالي دخل السوق حسب آخر ميزانية متوفرة هو 1.6 مليون دينار؟ ألم تتساءل كيف ستتمكن الشركة الفائزة من دفع أكثر من ضعف هذا المبلغ للدولة؟ ومن أين سيكون مصدر هذا المبلغ الذي يفوق ضعف الإيراد من دون خصم المصاريف؟وهل تعلم يا وزير المالية أن إجمالي حجم بناء السوق هو 57 ألف متر مربع وأن إجمالي المساحات المؤجرة تبلغ 16.5 ألف متر مربع؟ وإذا ما فرضنا جدلاً أن كل مساحة البناء قابلة للتأجير، أي 57 ألفاً، وأن الشركة الفائزة لن تحقق أي ربح من وراء إدارة المشروع، فإن الشركة الفائزة عليها أن تؤجر المتر المربع الواحد بنحو 63 دينارا لكي تتمكن من سداد المبلغ المتفق عليه لمصلحة خزينة الدولة. ألم تتساءل كيف يمكن أن يتحقق هذا الرقم الخرافي يا معالي الوزير؟وهل تعلم يا وزير المالية أن العقد المبرم مع الشركة الفائزة بخصوص إدارة السوق والمتضمن 19 بنداً، لم يحتو سوى على فقرة واحده فقط تنظم عقود الإيجار، علما بأن السوق يتضمن 530 مرفقا تجاريا؟وهل تعلم يا وزير المالية أن هذه الفقرة لم تتطرق للمستأجرين الحاليين في السوق، حيث انها شملت فقط أن الشركة تضمن أي عقود إيجار وأن عقود الإيجار يجب أن تتضمن الإشارة إلى أن سوق المباركية مملوك للدولة، وأن الشركة تديرها بناءً على العقد المبرم، وأن وزارة المالية هي من لها الحق في تمديد أو تجديد هذا العقد؟ فقط وببساطة!؟ختاماً، لا أعلم كيف اتخذ قرار وقف الزيادة وهناك عقد إدارة واضح وصريح، وهو أمر واقع لا يحتمل اللبس مع الشركة الفائزة بالمشروع، ولكن كل ما أعلمه وباختصار، أننا مستمرون في حالة الضياع والتوهان في كل مشروع يطرح!Email: boadeeb@yahoo.com
مشاركة :