اختلطت الخلافات حول سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام والاحتجاجات السياسية والنيابية والشعبية التي تصاعدت في الأيام الثلاثة الماضية على تمويلها بالضرائب في الموازنة، بالخلافات على قانون الانتخاب ما زاد المشهد السياسي اللبناني تعقيداً، بعد تعليق جلسة اللجان النيابية المشتركة في البرلمان أول من أمس. واضطر التراشق حول شعبوية المواقف بين المعترضين على الضرائب والمدافعين عن تمويل السلسلة بها، رئيس البرلمان نبيه بري المنشغل بتقبل التعازي بوفاة صهره، إلى إصدار بيان أمس، انتهى إلى وضع جدول أولويات يؤدي إلى تقديم البحث بقانون الانتخاب على السلسلة والموازنة. وقال بري في بيان أصدره ظهر أمس، إن «ما يحصل في حقيقته المخفية عمداً هو حملة منظمة على مجلس النواب والهدف تطيير قانون الانتخاب والانتخابات بدليل أن العمل كان قائماً على قدم وساق للوصول إلى قانون انتخابي وفجأة تحول إلى موضوع السلسلة». وأضاف: «علماً أن السلسلة حق للناس والإداريين والأساتذة و... و... و... منذ أكثر من عشر سنوات وكان يجب الآن إدخالها في الموازنة لا الاكتفاء بتحديد قيمتها الرقمية، مع ذلك مافيات مصرفية ومؤسسات بحرية تحركت في كل اتجاه تماماً كما في عام 2014 في سبيل عدم تمويلها والغريب أنها تحاول أن تستخدم من يجب أن يستفيد منها». وزاد: «نعم واجبات المجلس النيابي إقرار حقوق الناس وعلى الحكومة تأمين الإيرادات من خلال الموازنة لا أن تكون سيوفها على السلسلة وقلوبها على المافيات. لذلك أتوجه إلى كل اللبنانيين وكل القوى لأؤكد على إعادة الأمور إلى نصابها وأن العمل سيكون من الآن فصاعداً على: 1- أولوية قانون الانتخابات. 2- تعيين لجنة تحقيق برلمانية لكشف الفساد والمفسدين ومحاكمتهم. 3- إقرار السلسلة لكل ذوي الحقوق. 4- إقرار الموازنة. وختم بري بالقول: «هذا هو موقف المجلس النيابي وليس أي أمر آخر. وآن الأوان لنضع النقاط على الحروف وسنعمل بمقتضى ما ورد»، مكرراً أن «خلفية كل ما جرى هو سياسي ولعدم الوصول إلى قانون انتخاب». وأوضحت مصادر مقربة من بري أسباب إصداره بيانه أمس الذي رتب فيه الأولويات مجدداً، أن السجال السياسي والنيابي والتراشق السياسي في البلاد يأخذان أبعاداً شعبوية لأسباب انتخابية لأن ليس لدى أي من الفرقاء رؤية واضحة حول الأسس التي ستجرى عليها الانتخابات المقبلة. ولذلك وجب البت بقانون الانتخاب أولاً ثم البحث في الموازنة. واعتبرت المصادر أن البلد مقبل على تاريخ 21 آذار (مارس)، بداية مهلة دعوة الهيئات الناخبة، في وقت لم يحسم أمر السلسلة والموازنة بعد، وهذا يعني بقاء المزايدات في الشارع وفي البرلمان، ولذلك من الأفضل العودة إلى بحث القانون. وفي وقت يعني موقف بري تأجيل البحث بالسلسلة والموازنة لمصلحة البت بقانون الانتخاب، قالت المصادر المطلعة على موقف بري إن المحتجين في الشارع على الضرائب يطالبون أيضاً بتغيير الطبقة السياسية، وهذا يفترض أن يتم إنجاز قانون الانتخاب وإجراء الانتخابات. ولذلك وجب الخروج من هذه الدوامة، خصوصاً أن بري ينتظر أن تبحث الحكومة في القانون لتحيله إلى البرلمان، لأن تضمين الموازنة رقماً حول كلفة سلسلة الرتب والرواتب وترك بحثها للبرلمان لتأمين الموارد هو شأن يقع على عاتق الحكومة. وتردد مصادر بري أنه لو أخذ باقتراحه الصيف الماضي حول الاتفاق على سلة عناوين بدءاً بانتخاب رئيس جمهورية وقانون الانتخاب والحكومة لما كنا وصلنا إلى المأزق الحالي. باسيل: قوى مالية وراء الحملة على السلسلة «القوات»: سنقترح إبقاء الموازنة السابقة أحدث التراشق الحاصل حول سبل تمويل سلسلة الرتب والرواتب للموظفين والقطاع التعليمي والعسكريين في لبنان المعلق البت بها، إن كان على المستوى السياسي أو في الشارع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، المزيد من الإرباك الذي فاقمته الإشاعات التي مهما حاول القيمون على السلسلة تكذيبها، لا تجد مواقفهم «طريقاً صادقاً» إلى آذان الناس. فكثر الحديث عن زيادات على الأقساط المدرسية بنسب مرتفعة وزيادات على السلع الغذائية والاستهلاكية التي لا تشملها الضرائب، ما دفع نقابة أصحاب السوبرماركت أمس إلى رفض «اتهامات لهم برفع الأسعار»، وأن تكون «كبش فداء السياسات الاقتصادية والضرائبية الخاطئة». وكان «تكتل القوات اللبنانية» قرر بعد اجتماع ليل أول من أمس، برئاسة رئيس الحزب سمير جعجع «رفض كل المعالجات المتخذة حتى هذه اللحظة». وأكد أنه «ضد أي زيادة للضرائب في المبدأ، وسينقل وزراؤنا إلى مجلس الوزراء اقتراحات تتعلق بالإبقاء على موازنة الدولة كما كانت عليه في العام الماضي إذ لسنا في وضعية تتيح لنا زيادة سنوية بالإنفاق بين ألفين و4 آلاف بليون ليرة». وطالب بـ «تقليص المصروف في الدولة لكي تتجنب فرض ضرائب جديدة». وأكد رئيس «تكـــتل التغيير والإصلاح» النيابي الوزير جبران باســيل بعد اجتماع استثنائي للكتلة «أننا لن نسمح بتطيير إنجازاتنا، نجحنا بفرض ضرائب على مجالات كانت محرمة ســـابقاً مثل الربح العقاري». ورأى أن سبب احتجاج الرأي العام إلى هذه الدرجة «هو في اللائحة الخطأ التي نشرت، مثلاً الزيادات على ربطة الخبز وصفيحة البنزين، إضافة إلى معاشات الوزراء والنواب، كلها أمور غير صحيحة. كذلك لائحة إعفاء الشركات، يجب ألا ينجر الشعب في موجة أكاذيب واستغلال وضعه لتحريضه على شيء غير حقيقي». ودعا إلى «مقاربة الملف بجرأة، فالدولة لا تستطيع إعطاء الناس زيادات من دون تأمين إيرادات، لا نقبل بالـ tva إلا إذا جاءت ضمن سلة ضريبية متكاملة تطاول الشركات الكبرى والمصارف». ولفت إلى أن «في المرفأ مداخيل كبيرة، فتحنا هذا الموضوع والبارحة وزع علينا وللمرة الأولى تقرير تقر فيه إدارة المرفأ بما حولته من أموال من 1991 وحتى اليوم وكان المبلغ أكثر من 900 بليون ليرة بقليل. وهذا برأينا رقم صغير جداً مقابل ما يجب أن يعطي المرفأ». وقال: «قمنا بتعيينات جديدة في الجمارك وأعطينا الأشخاص المعنيين فرصة سنة واحدة، فإذا لم نر مداخيل كبيرة ونوعية سنقيل المعنيين داخل مجلس الوزراء». ورأى أن «الحملة التي حصلت في الإعلام ووسائل التواصل هي أكبر بكثير من فريق سياسي أو شخص، نحن واعون لكل من يقف وراءها من قوى مالية، عن معرفة أو غير معرفة، فهناك أشخاص يستعملون في بعض الأحيان، لأن الحملة التي نقوم بها تستهدف الجيوب الكبيرة التي استهدفناها للمرة الأولى في تاريخ لبنان (في العقار والمصارف والأملاك البحرية والمخالفات الكبيرة وكبار المودعين والشركات الكبرى)». وتوقعت النائب بهية الحريري أمام منسقية «تيار المستقبل» في صيدا والجنوب «أن يتم إقرار السلسلة في أول جلسة مقبلة للمجلس النيابي، لأن الموضوع بات أكثر من ملحّ، ورئيس الحكومة سعد الحريري كان واضحاً في هذا الشأن، وكل ما تم تناقله من معلومات وأرقام عن ضرائب على المواد الأساسية غير صحيح». وشددت على ضرورة «التوصل إلى حلول تخرج بقانون انتخاب يرضي الجميع والذهاب إلى الانتخابات». ورأى عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النيابية نواف الموسوي أن «المصارف اللبنانية تهدد وتمنّن في الوقت ذاته، بحيث إنها تقول أنها هي التي تصنع الاستقرار المالي، وأن سعر صرف الدولار الآن ثابت مقابل الليرة لأنها تعمل بالطريقة المناسبة، ونعلم أننا سنكون أمام عملية صعبة للتوصل إلى انتزاع أرباح ضرائب على أرباح المصارف. وليس وارداً على الإطلاق أن نقبل بتهرّب المصارف من تحمّل مسؤولياتها الوطنية في تمويل السلسلة، وضريبة أرباح المصارف لا تؤخذ من المودع اللبناني، وأي عملية سيقوم بها المصرف لأخذ هذه الضريبة من المودع، ستكون موضع ملاحقة». وسأل: «لماذا يتمكن لوبي المصارف من مدّ أيديه إلى كثر يتولّون الشراكة في القرار السياسي، ونحن مختلفون في الموضوع مع قوى سياسية داخل الحكومة، ومن عطل السلسلة منذ سنتين، كان المصارف». ولفت عضو «اللقاء الديموقراطي» النيابي ايلي عون إلى دعوة رئيس «اللقاء» وليد جنبلاط «إلى الذهاب إلى مكامن الهدر والفساد ومعالجتها، فهي كفيلة بتمويل السلسلة»، مشيراً في حديث إلى «صوت لبنان» إلى أن «الضريبة على الأملاك البحرية مهمة وتتصل بالفساد». وأعرب عون عن خشيته من «تفاقم الأزمة النيابية نتيجة عدم الاتفاق على قانون للانتخاب لتنتقل إلى أزمة دستورية». وقال الأمين العام لـ «تيار المستقبل» أحمد الحريري من إقليم الخروب: «حذرنا سابقاً عبر خطاب عاقل وهادئ في موضوع السلسلة، انطلاقاً من كونها حقاً لكل موظفي الدولة، وعلى رأسهم الجيش والقوى الأمنية، وقلنا أن هذا الأمر إذا تم سيحتم على الحكومة أن تفرض الضرائب، لكن الغريب أن الفريق نفسه الذي يقوم ضدنا اليوم، قام علينا من قبل، على اعتبار أننا ضد حقوق الموظفين والناس. واليوم، بعدما سلكت السلسلة طريقها، يقوم ضدنا على المنوال نفسه، وهو يناقض نفسه. السلسلة أصبحت أمراً واقعاً، ويجب على كل الكتل النيابية أن تتحمل مسؤولياتها، ولا سيما المشاركة في الحكومة». واعتبر أن «الأسبوع المقبل سيكون حاسماً، والحل يكون بخطة إصلاح واضحة لمكامن الهدر، عبر خصخصة بعض القطاعات التي اهترأت نهائياً». وتطرق إلى قانون الانتخاب وقال: «سنرفض أي قانون يمس بالشراكة الوطنية. طرحت مقترحات عدة لقانون الانتخاب، ولكن من دون نتيجة حتى اللحظة. الذهاب إلى الفراغ جربناه وكان دماراً على البلد، والذهاب إلى فراغ في المجلس النيابي سيكون وبالاً على البلد، لذلك يجب علينا في هذه اللحظة التاريخية، أن نكرم الناس، ونقول لهم أننا على جاهزية لنتفق على مصلحتكم». نصرالله: سنقدم بدائل لتمويل السلسلة واللعب على حافة الهاوية انتخابياً خطير دعا الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله عبر شاشة أطل من خلالها على أربعة تجمعات نسائية في ضاحية بيروت الجنوبية والنبطية وحناويه وبعلبك أمس، احتفالاً بذكرى ولادة فاطمة الزهراء، إلى وجوب مقاربة ملف سلسلة الرتب والرواتب والضرائب التي ستُفرض لتمويلها «بعيداً من المزايدات وتصفية الحسابات»، واصفاً ما حصل خلال الأيام القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي بأن «جزءاً منه أكاذيب». ونبه إلى أن «الشعبوية في هذا الملف لا تؤدي إلى نتيجة ولا يربح فيها أحد». وقال: «تجب مقاربة الملف الذي يطاول 260 ألف عائلة، أي مليون لبناني ينتظرون السلسلة، بأخلاقية وإنصاف ومصلحة وطنية». وأكد تأييد «حزب الله» السلسلة و «دعمها بقوة، وما هو مطروح أمام المجلس النيابي نحاول تحسينه، ونحن صادقون ولا نجامل، ونعتبر أن تطيير التمويل سيطير السلسلة». وقال: «هناك نوعان من الضرائب على الأملاك البحرية والكماليات والأغنياء والشركات الكبرى، فما هي المشكلة؟ هي في كل دول العالم موجودة ويجب ألا تزاد على الفقراء وذوي الدخل المحدود. وهناك خيارات واضحة تحتاج إلى قرار وجرأة وتنازل عن نفقات لا طعم لها. نريد أكل العنب لا قتل الناطور ولا نريد استخدام الملف لتصفية حسابات سياسية مع أحد». وكشف عن «اتفاق على اجتماع مصغر للكتل النيابية الأساسية سيتم لإعادة النظر والنقاش، وسنقدم طرحنا لبدائل لن أكشف عنها الآن، ويجب اتخاذ قرارات جريئة بزيادة ضرائب في مجالات تتحمل أكثر، وان يحصل تقشف، خذوا مواقف جريئة ممن يكدسون الذهب والفضة على حساب الناس. وأطالب جميع القوى السياسية الرافضة زيادة الضرائب بأن تفي بوعودها وهي قادرة». قانون الانتخاب ورأى نصر الله أن «الوقت ضاق كثيراً بالنسبة إلى وضع قانون جديد للانتخاب، واللعب على حافة الهاوية بات خطيراً. واليوم الخيارات المتاحة: الفراغ أو التمديد أو قانون الستين، وهي خيارات سيئة جداً وخطيرة على البلد، والوقت انتهى، لذلك تجب خلال ما تبقى من أيام مقاربة القانون بطريقة مختلفة، وموقفنا الدائم أننا لا نقترح قانوناً على قياسنا أو قياس حلفائنا، نفتش عن قانون دائم وليس لمرة واحدة، وعلى أساس عادل ويمثل الجميع، وعندما تحدثنا عن النسبية أو المحافظات الخمس أو أكثر أو صوت تفضيلي، فكل الأمور قابلة للنقاش. النسبية الكاملة تنقص من حصتنا وعلى غيرنا أن يقبل بأن تنزل حصته ويعود كل واحد إلى حجمه الطبيعي. والحل الآن أن ندخل من باب المعالجة إلى الاتفاق على تسوية وكل القوى السياسية معنية بأن تقدم تنازلات، ولا أحد يستهين بالمصير الذي سنذهب إليه ما لم تحسم القوى والكتل أمرها». وحض على «العمل ليلاً ونهاراً للتوصل إلى القانون، وقبل الموازنة والسلسلة، مع أهمية هذين الملفين، لأنها تتحمل أسبوعاً وأسبوعين، أما قانون الانتخاب فهو مصير دولة. ولنقبل بتقديم تنازلات ما». هشاشة الأمم المتحدة وتوقف نصر الله أمام تقديم الأمينة التنفيذية للجنة «إسكوا» ريما خلف استقالتها للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على خلفية تقرير وضعته الدول العربية المشاركة في اللجنة ويتهم إسرائيل بالعنصرية تجاه الفلسطينيين، وقبوله الاستقالة، معتبراً ان ما حصل «دليل على هشاشة المنظمة الدولية وضعفها وخضوعها أمام التهديدات الأميركية والإسرائيلية لسحب التقرير». وإذ حيّا خلف، طالب «جامعة الدول العربية ومنظمة العمل الإسلامي بعدم الخضوع ومتابعة تثبيت التقرير في الأمم المتحدة». سورية وتوقف عند دخول الحرب في سورية سنتها السابعة، معتبراً «أن القوى الكبرى التي اجتمعت منذ البداية على سورية لإخراجها من محور المقاومة والسيطرة على قرارها وسيادتها وموقعها الاستراتيجي في الصراع مع العدو الإسرائيلي حصدت الخيبة والفشل». ورأى أن المجموعات الإرهابية من «قاعدة» و «داعش» و «جبهة النصرة» هي إلى نهاياتها في العراق وسورية، قد تبقى مجموعات سرية تنفذ عمليات انتحارية ضد المدنيين وهذا يعبر عن فشلها الاستراتيجي، لأنه انتقام». وأشار إلى إسرائيل «التي تتدخل كل يوم بحجة ضرب سلاح حزب الله كما ادَّعوا بالأمس، وضرب مواقع الجيش السوري لمساندة الفصائل الإرهابية، إلا أن سورية انتصرت وتنتظر الانتصار الكبير والحاسم والمسألة مسألة وقت». ورأى أن «بقية فصائل المعارضة بلا قائد ولا قيادة ولا توحد ولا مشروع وطني، بل تشتت وضياع بين السفارات وأجهزة المخابرات، والرهان على أطر وطنية في المعارضة لتكون شريكة في الحل السياسي لإعادة بناء سورية من جديد. أدعوهم إلى إلقاء السلاح والخروج من جبهة النفاق إلى جبهة الأمة، والأمر متاح، تداركوا آخرتكم».
مشاركة :