أبقى أركان الدولة العبرية الباب مفتوحاً أمام احتمال استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، معولين على تراجع الرئيس محمود عباس (أبو مازن) عن اتفاق المصالحة مع حركة «حماس»، أو عدم نجاح الاتفاق في تشكيل حكومة وحدة وطنية. وتجنب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو التصعيد الكلامي ضد الرئيس الفلسطيني، وأبقاه لوزراء اليمين المتطرف ونواب الصف الثاني، لكنه دعاه إلى «الانصراف عن هذا الاتفاق»، فيما اعتبرت رئيسة الطاقم الإسرائيلي المفاوض، وزيرة القضاء تسيبي ليفني أن الفترة المتبقية لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية هي «فترة انتظار» لا ينبغي الحديث فيها عن نعي عملية المفاوضات معهم. ورد نتانياهو على خطاب عباس عن «الهولوكست» باعتبارها «أبشع الجرائم ضد الإنسانية في التاريخ الحديث»، بدعوته إلى فك التحالف مع «حماس» بداعي أن هذه الحركة «تنكر وقوع المحرقة النازية، وتسعى في الوقت نفسه إلى إحداث كارثة جديدة من خلال إبادة دولة إسرائيل»، مشيراً إلى أنه «اختار التحالف مع حماس، هذه المنظمة الإرهابية، بدلاً من أن يحاول إطلاق تصريحات لإرضاء المجتمع الدولي». وأعرب عن أمله في أن ينصرف عباس عن هذا التحالف ويعود إلى مسار السلام. وتابع نتانياهو في تصريحاته لوسائل الإعلام في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته الذي كرسه لـ «الذكرى السنوية للهولوكوست» التي تحييها إسرائيل اليوم، أن ثمة فارقاً كبيراً بين «قلة حيلة اليهود إبان المحرقة النازية وبين وضعهم اليوم يتلخص في أننا اليوم لدينا دولة قوية وجيش قوي يحمينا في وجه الباحثين عن أرواحنا، وعلى رأس هؤلاء إيران التي تواصل، في موازاة محاولتها التزود أسلحة نووية، إمداد حماس ومنظمات إرهابية أخرى على حدودنا بالمال والسلاح». من جهتها، انتقدت ليفني اعتبار «أوساط سياسية رفيعة» خطاب الرئيس الفلسطيني مساء السبت «إطلاق رصاصة الرحمة على عملية السلام»، وقالت إنها لا تستسيغ استخدام هذا المصطلح في السياق السياسي (وهو المصطلح الذي يحب العسكر الإسرائيليون استخدامه عند الحديث عن اغتيال فلسطيني). وأضافت أنها ليست معنية بأن تكون شريكة في مراسم «دفن أمر هو مصلحة مهمة بالنسبة إلينا لا أقل من مصلحة الفلسطينيين فيه». وزادت أنه بدلاً من الإعلان عن الوفاة «يجدر بنا الاهتمام بكيفية حياتنا هنا... بالتأكيد أنني لن أجري أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع حماس، لكن علينا إيجاد الطريق أو الحل معهم... علينا الانتظار، فالحكومة الفلسطينية الجديدة لم تشكَّل بعد، ويجب علينا اتخاذ القرارات المناسبة». بينيت و «الخطة البديلة» ورأى زعيم حزب «البيت اليهودي» الذي يمثل غلاة المستوطنين وزير الاقتصاد نفتالي بينيت في «غضب» نتانياهو وقادة الأحزاب الأخرى المشاركة في الائتلاف الحكومي من الاتفاق فرصة ليدعو الحكومة إلى ضرورة إيجاد «خطة بديلة» في التعامل مع المسألة الفلسطينية في أعقاب فشل محاولات التفاوض، مثل فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، «إذ انه بعد أن سرنا سنوات كثيرة في الخط ذاته، علينا تعزيز الحكم الذاتي الفلسطيني، وأن نشرع في فرض السيادة الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية التي يحظى ضمها إلى إسرائيل بإجماع عندنا (في إشارة إلى المستوطنات الكبرى)». وأضاف في حديث للإذاعة العامة أمس: «مثلما اتخذ الفلسطينيون خطوات دراماتيكية أحادية الجانب، لنا الحق في أن نفعل الأمر نفسه». وزاد مستهزئاً أنه في حال قبلت «حماس» بشروط الرباعية الدولية، فإنه «لن يبقى لها وجود، وستصبح راقصة باليه مع أغصان الزيتون». وأضاف إن المفاوضات لم تفشل «لأنه لم تكن هناك مفاوضات إنما كانت هذه تسعة أشهر من ابتزاز إسرائيل بلا توقف... وآخر ما علينا أن نقوم به هو أن نفرج عن المزيد من المخربين». وختم متعجرفاً: «أدرنا الصراع 66 عاماً، وسنواصل بناء دولة رائعة حتى إذا تعاونت فتح مع حماس». ويتوقع أن يكون بينيت نقل هذا الموقف لممثلي وسائل الإعلام الأجنبية في إسرائيل بعد أن بادر لالتقائهم مساء أمس في إطار «حملة إعلامية» قرر القيام بها «لشرح الخطوات العقابية» التي اتخذتها إسرائيل ضد السلطة في أعقاب المصالحة، معتبراً أن «حماس» لا تختلف عن تنظيم «القاعدة»، ومحذراً أوروبا من خطر وصول الحركة إلى بلدانها. ورأى النائب من «ليكود» القريب من رئيس الحكومة تساحي هنغبي أن «رئيس السلطة الفلسطينية أنهى عملياً مسيرته السياسية بتوقيعه الاتفاق مع حماس». من جانبه، استبعد زعيم حزب «يش عتيد» الوسطي، وزير المال يئير لبيد أن تقبل «حماس» بشروط الرباعية الدولية، لكنه أضاف أنه لا ينبغي على إسرائيل «إغلاق الباب» بل إعادة ترتيب أوراقها والبدء من جديد «لأن من مصلحتها الكبيرة الانفصال عن الفلسطينيين». وغرّدت خارج السرب زعيمة حركة «ميرتس اليسارية النائب زهافه غالؤون التي اتهمت الحكومة الإسرائيلية بعرقلة المفاوضات مع الفلسطينيين من خلال رفضها الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى وتجميد البناء في المستوطنات. ورأت أن على الحكومة انتظار ما إذا كانت حكومة الوحدة الفلسطينية تقر شروط «الرباعية» الدولية. إسرائيلفلسطين
مشاركة :