عميد المصريين بالدوحة: قطر تعرف قدر الرجال

  • 3/19/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يختصر «دبوس» معدني مرسوم بداخله علما «مصر وقطر» معلق فوق صدر جاكيت كاجوال «فاخر» تفاصيل الحكاية والخبرة المصرية والإمكانيات والأجواء القطرية، ويجسدان تكاملا رائعا بين البلدين على مدار 38 عاما، مكتب فخم يحوي صورا لشيوخ وزعماء وعسكريين عرب، وساسة كبار، ملامح منحوتة جادة رسمتها معارك الحياة، قصة نجاح كللت بالتميز وإن كانت البدايات تختلف عن النهايات. «في قطر رجال تعرف قدر الرجال»، «بناء الإنسان أعظم مجالات العمل الإنساني»، «بنيت أبراجا من البشر».. كلمات خرجت بحماس تعبر عن رضا وسلام وفرحة بما تحقق على الأرض من إنجاز. الحوار مع الدكتور ميسر صديق عميد الجالية المصرية في الدوحة، ورجل الأعمال، والشريك والرئيس التنفيذي لمجموعة إبهار للمشاريع، والخبير العقاري الدولي، إلى جانب ما سبق من عناوين، يقدم خلاصة تجربة حياة، يطرحها الرجل بسخاء كبير لمن يريد سبر أغوار الحياة والسير علي درب النجاح. قال عميد المصريين في الدوحة لـ «العرب»: «إن النجاح لا يأتي صدفة، وإنه لولا فراسة القطريين ودعمهم المخلص له في مسيرته لكان قد «طاحت» به أكبر محنة في حياته العملية بعد أن خسر كل شيء، ولكنه عاد مجددا متوجا مسيرة 38 عاما من العمل في قطر». يعكف الدكتور ميسر صديق الذي حصل على الدكتوراه من هولندا كونه حالة وتجربة إنسانية وعملية رائدة ومثالا يحتذى في التحدي والصمود، يعكف حاليا على كتابة مذكراته حتى تكون مرجعا لمن أراد أن يعي، فإلى الحوار.. بداية من حيث وضعك الحالي، ما خلاصة 38 سنة من العمل خارج الوطن؟ - يجب أن يؤسس العمل على حسن الأداء والفهم والإخلاص في العمل، ومن يغادر وطنه عليه أن يلتزم التزاما كاملا بأن يحمل رسالة بلده بجانب أمانته وخبرته وطموحه الشخصي، ولدينا كفاءات مصرية بكافة المجالات بقطر، وهم بالفعل السفراء الحقيقيون لبلدهم، وأنا مؤمن بما سبق، وطبقته منذ مجيئي قبل 38 عاما، وكل ما تم تحقيقه من نجاح اجتماعي وتجاري عبر العمل الجاد والمتطور جزء من رد الجميل إلى قطر. يبدو أنك استفدت من خبراتك السابقة في العمل بمصر قبل القدوم إلى الدوحة؟ - تركت التدريس بأكاديمية الشرطة بكلية الشرطة، وجئت إلى الدوحة في إجازة بدون مرتب، مدتها 4 سنوات، وبحكم خلفيتي الرياضية إلى جانب كوني عسكريا، حققت دفعة قوية في مجال التدريب والتربية بالنسبة للشباب القطريين، مستفيدا من خبرتي كرئيس مادة الدفاع عن النفس بكلية الشرطة، ما جعلني أقدم مسيرة طيبة في المسار الرياضي والتربوي والانضباطي هنا في الدوحة، بعطاء وحب كبير، خاصة أن الأجيال التي تعاملت معها كطلبة صار منهم متفوقون في كافة المجالات، وحينما ألتقي أحدهم بالصدفة يقابلني بترحاب كبير يشعرني بالرضا والفخر لكوني نجحت في بناء أبراج شامخة من البشر، وقمم تتبوأ أعلى المراكز المرموقة. وساهم عملي في قطاع رعاية الشباب والتعليم بقطر في القيام بهذا الدور التربوي التعليمي والرياضي، وسبق أن قدمت هذه المهمة للأبناء القطريين أثناء عملي بالقاهرة. هل كنت تتوقع يوما أن تتحول من مجال بناء البشر إلى قطاع بناء الأبراج وقطاع الأعمال؟ - بترتيب المقادير ودون أن أدري التحقت بكلية التجارة جامعة عين شمس القريبة من عملي الشرطي لدراسة إدارة أعمال وحصلت على درجة البكالوريوس، وحصلت على الامتياز في بحوث التسويق عام 1979، وأدركت أن التسويق الصادق القائم على الأسس العلمية هو القناة الشرعية، للنجاح، وأي شيء لا يتم التسويق السليم له، سيبقى في مكانه، ومن هذا المنطلق كانت لي أعمال أخرى في الجانب التجاري. منذ متى قررت التخلي عن الدور التربوي بقطاع التعليم إلى العمل التجاري الخاص؟ - عام 1991 تقريبا، رغم تمسك المسؤولين بي وقتها بشدة وأبدوا امتنانا كبيرا لجهود كانت محل تقدير لديهم طوال 13 عاما متواصلة. ماذا كان يدور في ذهنك وقتها؟ ألم تشعر بالقلق من هذا التحول المفاجئ؟ - لا، حددت هدفي وانطلقت من رؤية تعدد الأنشطة المجتمعية والتجارية وبدأت بشركة لتنظيم المعارض مباشرة، وساهمت في فتح السوق القطري للأفكار والمشروعات والشركات العقارية المصرية، وحققت السبق الكبير وقتها، وتحركنا في مجموعة المعارض للشركات المصرية، وأنشأت مركز تدريب لقطاع التدريب الإداري المتخصص، وانتقلنا إلى مرحلة التوسع في مجال الاستثمار العقاري داخل الدوحة وخارجها، وتم الاستحواذ على العلامة الأميركية التي أعطتنا دافعا كبيرا للتوسع في كافة أسواق العالم، وبفضل الله استطاع فريق العمل معي على اختلاف جنسياتهم بشركات المجموعة، تحقيق ما وصلنا إليه من تطور، انطلاقا من قاعدة «العطاء» الذي قدمته الدوحة لنا، وتوفير كافة الوسائل الكفيلة لتحقيق النجاح، وقد وفرت لنا كافة السبل لأن ننطلق وأن نتطور، وأن نحقق التميز، بفضل الدعم المقدم لنا من أعلى مستويات الدولة. بناء على ما سبق هل ترى أن قطر بيئة حاضنة ومشجعة للاستثمار الآمن والناجح؟ - حقيقة أثبتتها الأيام منذ وقت طويل وليس فيما تراه الآن، وكانت سببا في الانطلاقة الهائلة لقطر في كافة المجالات وليس في مجال بعينه، وللحقيقة وبحكم خبراتي السابقة، هذه الدولة تعطي فرصا حقيقية لمن يرغب في العمل بجد، خاصة أن الاستثمار مفتوح للجميع، ومن يثبت الجدية ينجح، ومن يمضي في مسار مغاير لن يستمر، لأن القوانين القطرية والتشريعات تضبط سوق العمل، وتحمي وتعطي المناخ الملائم للإبداع والتطوير وكل من لديه فكر جاد لتحقيق النجاح. ألا ترى أن العلاقة تبدو بعيدة نسبيا بين مجالك السابق القائم على التدريبات البدنية المعتمدة على المجهود العضلي وبين قطاع الأعمال الاستثماري المعتمد أساسا على مهارات ذهنية وعقلية؟ كيف جمعت بين «المخ والعضلات»؟ وما الرابط بين المجالين؟ - لا يوجد بدن يعمل في الرياضة أو البزنس دون عقل وذكاء حسي وعقلي، ولا خلاف بين المجالين بدليل أن من يحصل على بطولات رياضية من أذكى الرجال، لأن هذا شديد المنافسة وهو أساس الانطلاق بالمجالات الأخرى، ويدفع الإنسان إلى التفاعل مع المجتمع ومواجهة الجمهور والتحكم في أدائه والإبداع، كما تثبت الدراسات دائما أن العقل والبدن كيان واحد، وأن نجاح الإنسان لا يتحقق بالعقل فقط أو البدن وحده، وإنما كتلة واحدة، والجزء الهام في هذا السياق هو أنني بالفعل توجت هذه القاعدة بإقامة مؤتمر دولي العام الماضي تحت عنوان «بناء الإنسان قبل البنيان» وبهدف بناء الإنسان صحيا وبدنيا وعقليا وعلميا، بحضور خبراء عالميين العام الماضي تحت رعاية سعادة الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الأمناء بصناديق العمل الإنساني بمنظمة التعاون الإسلامي. بمناسبة السطور السابقة، هل لديكم اهتمام أو نشاطات خيرية تتعلق بخدمة العمل الإنساني؟ - يجب أن يكون هذا الجانب ملاصقا للإنسان في جميع أعماله بكافة المجالات، لأن أساس التحرك في هذا العالم كله يأتي انطلاقا من قوله تعالي: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، والجانب الإنساني في المؤسسة لدينا هو أساس التعامل. السؤال السابق يدور حول مدى توافر خدمات إنسانية تقدمونها لغير القادرين وليس التعامل الإنساني. - هذا الجانب ليس من المهام المسندة لدينا نظرا لوجود نشاط كبير للجمعيات الخيرية القطرية التي تغطي هذا الجانب، ولكنني أرسيت قاعدة التعامل الإنساني داخل المؤسسات التابعة مع كافة الموظفين لأن الرعاية الإنسانية مقدمة على الجانب المادي وتنتج أكثر. بعد هذه المسيرة الحافلة المتوجة بهذا النجاح الكبير، هل كنت تتوقع يوما أن تتحول من رجل شرطة منضبط إلى رجل أعمال يجيد التخطيط الاستراتيجي والتفاوض والمناورة وأدوات كسب المال؟ - لدي يقين أن العمل الوظيفي سوف ينتهي بالمعاش، ولا بد من عمل خاص أعتمد عليه، وقادتني المقادير كما سبق أن ذكرت، إلى دراسة إدارة الأعمال بجانب عملي الشرطي، مما أهلني مسبقا لمجالي الحالي، ولكني كنت أنطلق في المجالين الأكاديمي والتجاري من قاعدة الاجتهاد والعمل، وبتوازن أخلاقي ونفسي، وهي منظومة متكاملة قادتني لما تحقق الآن بفضل الله. ختاما، مَن مثلك الأعلى في الحياة؟ - الصديق الأردني الدكتور طلال أبوغزالة فهو حالة إنسانية متكاملة وشديدة الثراء ومثالية للنجاح والتفوق. مجهود 20 عاماً طاح في الهواء! يروي الدكتور ميسر أصعب مواقف حياته بقوله : «تعرضت لمحنة كبيرة كادت تطيح بي، لولا ثقتي في الله تعالى، فبعد جهود 20 عاما متواصلة وجدت نفسي خالي الوفاض، وخاسرا لكل أموالي مع أحد الشركاء السابقين، واعتبرت الأمر اختبارا من الله، ولكن هذه المحنة أثبتت أن قطر بلد معطاء، وأن فيها رجالا يعرفون قدر الرجال، قدموا كل الدعم لتفادي الأزمة وتعويض خسارتي، وتلقيت عروضا من 17 شخصية قطرية، وآخرين من جميع الجنسيات المقيمين بقطر، حتى أتجاوز المحنة انطلاقا من سمعتي الطيبة ولله الحمد، وبالفعل تجاوزت الأزمة وعوضني الله خيرا، وأدركت حكمة: «إن خسارة المال تعوض، ولكن خسارة السمعة لن تعوض». وعن الفكرة التي تراوده ويسعى لتحقيقها خلال الفترة المقبلة، قال :»سوف أكتب مذكراتي تحت عنوان «سيرة ومسيرة.. رحلتي من الكفاح إلى النجاح»، وسوف أهديها للشباب الطموح كخلاصة تجربة حياة قائمة على الاجتهاد والتسلح بالإرادة والعزيمة والتحلي بالصبر، والتصالح مع النفس وعدم التسرع، واكتشاف القدرات الشخصية وكيفية التعامل معها. ونصح د.ميسرالجيل الجديد بالتواضع والثقة في الله، والتحلي بالأخلاق، وأن يكون العمل هادفا للخير ونفع الناس، وهي مبادئ تبني ولا تهدم.;

مشاركة :