إنَّ الاحترام هو أحد القِيم الحميدة، التي يتميَّز بها الإنسان، ويعبِّر عنه تجاه كلِّ شيءٍ حوله، أو يتعامل معه بكلِّ تقدير وعناية والتزام. فهو تقديرٌ لقيمة ما، أو لشيءٍ ما، أو لشخصٍ ما، وإحساسٌ بقيمته وتميّزه، أو لنوعيَّة الشخصيَّة، أو القدرة، يتجلَّى الاحترام كنوع من الأخلاق أو القيم، كما هو الحال في المفهوم الشائع «احترام الآخرين». إنَّ احترام حقِّ الحرِّيات والآراء، يعبِّر عن مدى احترام الشخص نفسه. إنَّ الإسلام قد أوصانا على احترام الآخرين، واحترام حرَّيتهم؛ لأنَّ احترامك للآخرين، هو احترامك لنفسك أولاً، ومن ثمَّ لهم. ولقد جاء الاسلامُ بما به من تعاليم سامية، تتناسب مع جميع الناس، في كل الأزمان والبلدان، وكفل لنا حريَّة تتَّسم مع تعاليمه السامية، كما أعطانا حريَّة الفكر والكلمة، التي حدودها معتقدات الإنسان ذاته. واحترام حريَّات الآخرين هي منتهى التقدُّم والتحضُّر من الإسلام. فإذا وجدنا إنسانًا دائمَ التحدُّث عن الآخرين بسوء، فإنَّ هذا الإنسان لديه شعورٌ بالضآلة والضعف في شخصيَّته، تجعله ينتهك احترام الآخرين؛ بحجَّة أنَّه صريحٌ وشجاعٌ وقادرٌ أنْ يقولَ رأيه في الناس، الذي يعطيه شعورًا مزيَّفًا بأنَّه الأفضل! وبذلك يحاول تغطية ضعفه بهالة مزيَّفة من القوَّة الزائفة. لو أنَّ كلاًّ منَّا التفت إلى عيوبه، وقام بمحاولة إصلاحها، لما ظهر بيننا هذا النوع من الناس، وما كان بيننا شقاقٌ وغيبةٌ ونميمةٌ، ولعشنا حياةً مثاليَّةً يملؤها الحبُّ والسعادةُ والاحترامُ والأمانُ. إنَّ احترام معتقدات الأشخاص ناتجةٌ -كما قلت- من احترام الإنسان لذاته ولعقيدته. إنَّ احترامي لمَن يقفُ أمامي، واحترامي لفكره وعقيدته، أكونُ قد بنيتُ أوَّل جسور الثقة والمحبة والاحترام بيني وبينه. أمَّا السخريةُ من معتقدات الآخرين، ومحاولة استفزازه، والتقليل من شأنها وشأن أصحابها، فذاك قمَّةُ الجهل والتخلُّف. فالحريَّةُ التزامٌ ومسؤوليَّةٌ، وإيمانُ الإنسان بالحريَّة تجعلُ أمامه عدَّة نقاط هامَّة في سبيل أن يكفلها للآخرين، وليس وحده فقط. فمن الناس مَن هو يعتقد أنَّه حرٌّ في كلِّ شيءٍ، وهو عبدٌ لشهواته. وهو (ظاهريًّا) حرٌّ في ارتكاب الشيء الذي حرَّمه الإسلام. لكن (جوهريًّا) هو عبدٌ لهذه المحرَّمات التي تفرض نفسها عليه. إنَّ دعوتي لكم هذه ليست للحريَّة التي تكون دون شروط أو قيود، إنَّما هي دعوةٌ للحريَّة المشروعة بالالتزام والشعور بالمسؤوليَّة، واحترام حريَّات الآخرين. * نقل بعضُ الأصدقاء -بعد لقائهم بولي ولي العهد رئيس اللجنة الاقتصاديَّة والتنمية الأمير محمد بن سلمان- عن قبوله وإصغائه للرأي الآخر، وأخذ الرأي بالأغلبيَّة وتنفيذه، وتفاءل الجميعُ بتقبُّل سموّه الكريم آراءَهم، والوعد بتنفيذها قريبًا، ويجب عليَّ أنْ أشيدَ بالدكتور محمد سالم الصبان، والأستاذ حسين شبكشي، والمهندس زكي فارسي، والدكتور حمود أبوطالب، الذين نقلوا لنا بكلِّ صدقٍ وشفافيةٍ، وبوضوح ما تمَّ خلال لقائهم بالأمير محمد -حفظه الله- ممَّا يبعث التفاؤل والأمل بمستقبل واعد -بإذن الله-.
مشاركة :