عادل الهذلول: «النص» السعودي بات ضيقاً لا يتسع لأبنائه

  • 4/29/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الثمانينات في المجتمع السعودي كانت الفترة الذهبية للصحوة الإسلامية، ولا تزال يدها الطولى الآن، لتسيّدها المشهد عقوداً طويلة، الصحوة يقبل إليها الواحد بقلبه ويغرم بها ويتفاعل معها، وما إن يتحرك عقله قليلاً، حتى تبدأ الأسئلة الصعبة والإجابات الأصعب. عادل الهذلول عاش الصحوة من الداخل، وتدرج فيها وغادرها جسداً لا روحاً، درس الفيزياء ولم يستمر، واختار أصول الدين، ليصل إلى الدراسات العليا، فلم يكتمل مشروعه. ضيفنا هو باحث في الحقيقةالمعرفة، ومنفتح على الأطياف، يرى أملاً بـ «الربيع العربي»، لكنه لا يتوقّع نتائج سريعة، وفي المقابل يدعو كل أحد لدراسة المنطق، ليتعلم كيف يتحدث مع الآخر، وكيف يقرأ النص من عدة أوجه. ضيفنا كان إماماً لمسجد، وحركياً في تنظيمات دعوية... فإلى الحوار: > «حلة القصمان» في الرياض كانت بداية كل شيء، ما الذي لا يزال منها عالقاً بك؟ - مفهوم الحارة الذي اضمحل، وحياة المدينة في شكل كلاسيكي، إذ كان التصميم القديم للرياض وقبل التوسع في بيع المخططات للإقطاعيين أو منحها لآخرين هو ما تعيشه كل المدن في العالم العربي وفي أوروبا، لكنها تحولت لمدينة حديثة، وليتها تحذو حذوها في الأخذ بكل أسباب التحديث. كما لا أنسى التلقائية التي كان يعيشها الجيران بلا تكلف.   النشاط الصحوي > مكتبة عمر بن عبدالعزيز بحي المصيف ومرحلة الأعوام العشرة في رحابها، هل كانت خياراً أم أنها الطريق الأكثر أماناً؟ - المكتبة كنشاط صحوي قضيت فيها قرابة الأعوام الأربعة فقط، بدأت منذ العام ١٩٨٧ وهي ما بات يُعرف حالياً بحلقات التحفيظ، اخترتها بنفسي وأنا في ثاني متوسط، وكانت البداية برفقة شقيقي إبراهيم الذي يكبرني بعام، ورغبة كرة القدم تجذبنا بقوة. واستفدت شيئاً لا يمكن لأحد من أصدقائي خارج المكتبات أن يستفيده في ذلك الوقت، ألا وهو حب الكتاب، وإنشاء مكتبتي الخاصة. وعلى رغم أن قراءتي كانت انتقائية وشبه مؤدلجة في تلك المرحلة، إلا أنني كنت أميل للكتب الفكرية، باحثاً عن إجابات شرعية لمشكلات الحضارة، فقرأت للمودودي وسيد قطب ومحمد سرور زين العابدين وغيرهم الكثير، فضلاً عن الكتب العلمية المتخصصة في الفقه والعقيدة والحديث، ولم أندم على كتاب قرأته أبداً، فقط كنت أتمنى لو أحسنت الترتيب، وقرأت بمنهجية أفضل. وفي أواخر المرحلة الجامعية، بدأ عقلي يتسع لآراء أخرى في كل مسألة، وبدأت أفهم أن كثيراً مما كانوا يعلّموننا في الكتب أو في المناشط الصحوية أنها من الثوابت كانت آراء قابلة للأخذ والرد، وأن إعادة التفكير بها هي الواجب شرعاً. > حلمك بأن تكون أكاديمياً هل انتهى؟ - لم ينتهِ مع الواسطات، بل ما زلت أحلم بشهادة عليا من «السوربون» التي كانت قبل سبعة قرون جامعة لاهوتية متزمتة ومتعصبة للكنيسة، وهي اليوم منارة حضارية لا يمكن تجاهلها، وأدعو الله أن تتيسر لي، للعودة إلى مقاعد الدراسات العليا يوماً ما. > أنت عضو في منظمة JAWAB العالمية، ما الذي تبحث عنه؟ - أبحث عن الإنسان، ووجدت المنظمة تبحث عني قبل أن أعرفها، وهي منظمة عالمية غير ربحية تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، وتمارس أدوارها ورسالتها التي تؤمن بها وعلى رأسها: الإنسان بين الحقوق والواجبات والمعاملات قيمة نستمد منها القيم. يقول سلمان العليان مؤسس المنظمة: «فإذا قل الاعتبار للقيمة الإنسانية في الحقوق ضعفت القيم الأخلاقية في المعاملات كنتيجة طردية وعلاقة متلازمة». > إعلامياً هل تشعر بأنك قدمت نفسك جيداً؟ - لم يكن الإعلام يشغل تفكيري، إذ نلت حظاً منه أيام الأسهم عندما كنت محللاً في بعض القنوات المتخصصة في الاقتصاد، خصوصاً أنني استفدت من تلك التجربة البسيطة في أن بعض الظهور الإعلامي (حوار أو مقالة أو مداخلة) ربما قيّدني بأفكاري التي أعلنتها في تلك الوسيلة، حتى أصبح جندياً مدافعا عنها مهما تطور التفكير، ونحن نعلم أن عقل الإنسان في صيرورة وتطور من طور إلى طور. وقديما قالوا: «إذا كنت في الـ20 من عمرك ولست شيوعياً فلا قلب لك، وإن كنت في الـ40 وما زلت شيوعيا فلا عقل لك»، ومن هذا المبدأ، كنت أحرص على عدم الكتابة بكثافة، حتى أتمكن من بناء نفسي في شكل يحترم عقل القارئ والمشاهد، وأنا في هذه الأثناء أؤجل بعض الفرص المتاحة، ومن يدري، فربما تجاوزت هذا التأجيل، خصوصاً أنني أنوي الاحتفال بعيدي الـ40 بعد ثلاثة أشهر، وهي السن التي لن أعذر نفسي بعدها. > أنت كاتب في صحف إلكترونية ولك نشاطك في المواقع الاجتماعية، لماذا لم تغرك الصحف الورقية؟ - لو أضمن أن إجاباتي هذه تسلم من مقص الرقيب، فأنا أعدكم بـ20 مقالة شبه جاهزة، وسأراسل كل الصحف فرحاً بهذه المناسبة.   الفلسفة والمثقفون والتفكير > محاكمة المثقفين وتفسيقهم هل تراهما بدعاً أم مناخاً للحرية؟ - غياب الحرية يوصلنا إلى كثير من الصراعات، فالحرية بحسب مونتسكيو هي فعل ما لا يضير غيرك. والحرية كمفهوم فلسفي يصعب استيعابه وفهمه في ظل مجتمعات ترى تحريم تعلم الفلسفة من أساسها، لذا فصراع التيارات يبقى قائماً وكل طرف يتمسك بحجته، على رغم اقتراب التيارات من بعضها لو سلموا من المحرضين، وهم أنواع. > الغذامي هل هو ميزان للتفكير المنطقي؟ - الرجال ليسوا ميزاناً للحقيقة، ولكن للأمانة فالدكتور عبدالله الغذامي ما جادلته في مسألة إلا ووجدته شديد الميل للمنطق، وافر الحجة والبرهان، استفدت منه الثقة بالنفس طالما أمتلك البرهان، وأستطيع التعبير بمنطق واضح. > ماذا سيتبدل لو كانت الفلسفة مادة أساسية في مدارسنا؟ - لا أطالب بتدريس الفلسفة حالياً، فهذا موضوع جدلي، وسيستغرق منا وقتاً طويلاً وجهداً لنقاشه، ولكنني أطالب بتدريس المنطق في أقرب فرصة، فالمنطق ليس سوى علم أو أداة يعلمنا قواعد التفكير وطرق الاستدلال الصحيح، وهو بذلك أداة للتفكير، لأنه يُعنى بتحليل طرق التفكير وصيانته من الخطأ. كما أن المنطق أيضاً ضروري لطلاب العلوم الشرعية، ولكل من أراد الفتيا، فالقياس لدى الأصوليين ليس هو المنطق كما يُشاع أحياناً، بل هناك فرق بينهما. ولابن حزم مقولة رائعة في هذا الخصوص يقول فيها: «فإن من لا يعرف المنطق لم يجز له أن يفتي بين اثنين لجهله بحدود الكلام وبناء بعضه على بعض وتقديم المقدمات وإنتاج النتائج». لهذا السبب فأنا أرى ضرورة تدريس المنطق في المرحلة الثانوية، وأتمنى لو تم تدريس تاريخ الفلسفة في شكل عام كثقافة ومعرفة عامة من دون الخوض في تفاصيلها.   الدعاة والوعي > المطالب المثالية للدعاة تعطّل نمو المجتمعات، ما رأيك؟ - هذا سؤال يقودنا إلى التفتيش في نوعية مطالب الدعاة وفصلها عن مطالب المحتسبين من جهة، وعن مطالب التقدميين وأصحاب مؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى. شخصياً أتمنى أن تستطيع كل فئة من هؤلاء التعبير عن مطالبها في هامشٍ من الحرية التي لا تضر الآخر، وتتيح للكل طرح كل مطالبه وتطلعاته في ظل وفاق وطني شامل. > هل نحن في تقص دائم لعدو نحاربه وندحره؟ - على الصعيد الشعبي نعم مع الأسف، لغياب الوعي الحقيقي بأسباب النهوض والتقدم، أما على الصعيد السياسي فمن مصلحة المستبد صناعة أعداء في الخارج كي يظهر أمام شعبه بمظهر المنقذ الذي لا خلاص لهم ولا اتحاد من دونه. > زمن النخبة انتهى مع بداية عصر «السوشيال ميديا».. مارأيك؟ - نعم إلى حد كبير، وأشرت إليه في أحد الأسئلة التي مرت، وتحدث عن هذا الموضوع الدكتور عبدالله الغذامي في أحد كتبه، فأبدع وأمتع. > السلفية، الجامية، السرورية، وأخيراً الإخوانية.. أبناء من رحم واحد، كيف صاروا إخوة أعداء! - ليسوا من رحم واحد، فالسرورية والإخوان لا علاقة لهما بالحكومات في بداية نشأتها على رغم القدرة البارعة لبعض الحكومات العربية على توظيفها لمصلحتهم. > الثورة في المنطقة العربية لماذا تبدأ بلغة وتنتهي بأخرى مختلفة؟ - الثورات العربية لم تنتهِ ولا يجوز الحكم عليها وهي في العقد الأول من اندلاعها، التحول الديموقراطي في الوطن العربي بحاجة للوقت والتضحيات، وواضح أن الذهنية العربية السابقة انمحت، ونحن نعيش مرحلة جديدة على الجميع أن يستوعبها ويميل معها لا ضدها. > في رأيك هل وقعت الشعوب العربية في الفخ؟ - الشعوب العربية خرجت من الفخ الذي عاشت فيه طوال عقود من الزمن، وما زالت في أول مشوار التحول الديموقراطي. > الأزمة الخليجية هل ستمنح إيران أصدقاء جدداً؟ - السؤال لا يستقيم فلا وجود لأزمة حقيقية، كما أن إيران ليست عدواً حقيقياً! > الديني في مقابل السياسي من له السلطة على الآخر؟ - السياسي هو الذي أفسد الديني وهو الذي أنشأ إسلام التاريخ بحسب تعبير الباحث المصري عبدالجواد ياسين، ويُعرف دقة هذا الكلام من خلال تتبع نشأة التحريف. > الحل في الحوار الإسلامي أم الإنساني؟ - الحوار الإسلامي هو إنساني بالدرجة الأولى، ولا ينبغي فصلهما عن بعض، وكأن الإسلام دين منزوٍ وبعيد من الحياة، الإشكال دائماً في التفسير التقليدي له. > من شوّه الوطنية ووصمها تعميماً بالتطبيل؟ - يجب أولاً تحديد المصطلحات، لا يمكن للوطنية أن تكون تطبيلاً مجرداً، فمن رأيي أن قمة الوطنية تكمن في كشف جوانب القصور لدى كبار المسؤولين قبل صغارهم، فالنقد البناء هو ما نحتاجه، وهنا لا أنكر وجود مطبلين يبحثون عن الشهرة أو الرزق.   المناهج والتيارات > لماذا يثور الثائرون على فكرة تجديد المنهج الدراسي في التعليم العام؟ - التوجس من تجديد المناهج الدراسية قديم بدأ مع الصحوة قديماً وما زال مستمراً، ولا يوجد سبب مقنع لهذا التوجس سوى عدم الثقة بين التيارات المتصارعة في المملكة، فالتيار الإسلامي بكل تنظيماته يتخوف من أن تقع المسألة في يد التيار الليبرالي المتطرف الذي لا يقل إقصائية عن الأول. أزمة الثقة بين التيارات هي التي تؤخرنا في كثير من أمور التنمية، وعلى السياسي أن يكون أكثر جرأة في حسم هذه الملفات المتأخرة، وأقترح على المسؤولين في وزارة التربية نشر الوعي بأهمية التجديد المستمر للمناهج. > الكتب الإسلامية الموجهة للغرب ألا ترى أنها لغة تقليدية؟ - نعم غالب هذه الكتب تنطلق من منطلقات عاطفية ومن محبة دعوة الناس للدين العظيم، لكنها تُغفل الجوانب البرهانية الحديثة، وإذا كان المقصود بالسؤال الكتب الدعوية المترجمة باللغات الأخرى، والتي قام بتأليفها أبو الأعلى المودودي وغيره فلإن كانت مناسبة لزمن تأليفها منتصف القرن السابق، فهي حتماً لا تستطيع مواجهة كل الأطروحات الحديثة ولا نقاش المفاهيم الجديدة. > كتبت «الأصل تحريم التعدد إلا في حالات».. كيف ذلك؟ - هذه من المسائل التي لا يتخيل المجتمع وجود رأي آخر فيها كما كانوا لا يتخيلون وجود رأي آخر في حكم المعازف أو كشف وجه المرأة، ومن الواضح أن أهم الأسباب في ذلك هو الأسلوب الأحادي للخطاب الديني في السعودية، وإلغاء ومصادرة الآراء الفقهية المخالفة، فضلاً عن العقدية. أما نقاش حكم التعدد، فالآية الكريمة جاءت بعد آيات الأيتام والأرامل، وهذا يعطي إيحاء مجرداً بعدم العموم ثم جاء النص (فإن خفتم ألّا تعدلوا فواحدة...)، وهذا قيد نقوله ولا نتقيد به. إضافة لشروط عدة استنبطها الفقهاء والمفسرون من عموم فهمهم للآيات، ومن المؤسف أن فقهاءنا تجاهلوها ولم يظهروها صريحة للناس، بل ووصل ببعضهم الأمر إلى اعتبار أن التعدد هو الأصل في مخالفة صريحة لفطرة الإنسان، إذ قال الله عز وجل: (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون). > الوسطيون من كبارنا بين غياب واختيار للصمت.. في رأيك ما حكمتهم؟ - الصمت عن الحقيقة مجافاة للحكمة، لا أجد له مبرراً. فالصمت موقف في حد ذاته نعم، لكنه ليس موقفاً سليماً في كل الأحداث، ولا ينبغي أن يصبح ذريعة لعدم الوقوع في الخطأ أو لعدم قول الباطل، فالساكت دائماً عن الحق شيطان أخرس، ولا أعرف له أي تبرير، خصوصاً ونحن نرى الفتن تحيط بمجتمعنا من كل جانب، ونرى في المقابل تأخر بعض المسؤولين في أداء واجبهم.   القصص الدعوية .. كذب > القصص الدعوية المكذوبة استمرت على مدى جيل كامل..ما المنهج الذي كان يُغذيها؟ - القصص الدعوية المختلقة هي دلالة واضحة على هشاشة القاعدة التي يرتكز عليها هذا النوع من الدعاة «ولم يكونوا أكثرية داخل الصحوة»، ففي صحيح الحديث ما يغني عن ضعيفه، وفي المواعظ الحقيقية ما يغني عن الكذب في القصص. > هل نصدق كل ما في تاريخنا؟ ولماذا بعض الأحداث التاريخية في حكم المسكوت عنه؟ - الإشكال هنا ليس في تكذيب أصل الحدث التاريخي بل في القراءة المجتزأة للحدث، فعلى سبيل المثال، اعتدنا على امتداح المتوكل، لأنه أنقذ أهل الحديث من فتنتهم وابتلائهم لمدة 16 عاماً كانت عصيبة ومريرة على الإمام العظيم أحمد بن حنبل ومن معه. والدارج في كتبنا «المذهبية» أن الله سيغفر للمتوكل بسبب انتصاره لأهل الحديث ثم نتوقف ولا نقرأ بقية الحدث وهو الالتفات على فئة أخرى من المسلمين وقتلهم وتشريدهم وحرق كتبهم وإنتاجهم للأبد، وأعني بهم المعتزلة. إذاً نحن نقرأ من التاريخ ما وافق رؤيتنا فقط من دون تحليل وتمحيص ونقد ومن دون عرضها على منهجية علمية لتشريحها وتوضيح إيجابياتها وسلبياتها. > شباب «الكيك» لماذا كان لهم هذا الأثر في الرأي العام والإعلام؟ - قال تعالى: (أن أدّوا إليّ عباد الله) اتركوا الناس وشأنهم، ارفعوا وصايتكم عن الشباب وامنحوهم هامش الحرية وسينثرون الإبداع في سماء الوطن. > لجين الهذلول هل تجدها خارجة عن النص؟ - «النص» السعودي بات ضيقاً لا يتسع لأبنائه وهذا مؤسف. > هلاليتك بالوراثة أم بالمجاراة؟ - كانت لوالدي عادة جميلة عندما يبلغ طفله سن السابعة وينفتح على المدارس والحياة، إذ كان يقول: إذا أردت أن تعيش بسعادة فعليك بثلاث: صلّ الفجر بالمسجد والعب بلوت وشجّع الهلال. وكانت نصيحته تتزامن مع وجود اللاعب البرازيلي ريفالينو وبقيادة صالح النعيمة وآخرين، ومن الطبيعي لمن أدركهم أن يتعلق بفريقهم.                                           «الخطاب الإسلامي».. صفاته السيئة يجب أن يُتخلى عنها!  حديثنا عن الخطاب الإسلامي يجرّنا مباشرة لخطاب الصحوة بكل تياراتها، باعتبارها الحركة التي عبّر بها أصحابها عن رؤيتهم للشريعة، وحملت معها خطاباً ذا تأثير بالغ على المجتمع يستحق منّا درسه للخروج بنتائج مثمرة، وهو عمل يعتريه النقص كأي جهد بشري، وفي رأيي فأهم الانتقادات الموجهة للصحوة ما يأتي: - تجاهل خطاب الصحوة للحقوق والحريات العامة والنظر لهذه الأمور من زوايا يختلجها شيء من الإقصاء والفئوية. - لغة التخوين للمخالف، وهذه لم يسلم منها حتى التيار الليبرالي المتطرف. - عدم الإنصات لأي نقد يأتيها من الخارج، بل وربما وصفوه بصفات لا تليق. - عزوفهم عن عمل مراجعات ومكاشفات فكرية يعرضون فيها مواقفهم وأساليبهم للنقد الشرعي البناء كما فعلت بعض الجماعات الإسلامية في مصر. - بث روح التعالي على غير المنضوين تحتها. - تكريس المظهرية الجوفاء وإدخال عنصر المظهر بالتوازي مع الاهتمام بنقاء الروح. - بث مفهوم العزلة الشعورية التي جاء بها سيد قطب، وهذا له آثار اجتماعية سلبية في الشاب نفسه وفي المجتمع. - الإغراق في الجزئيات وهذه باعترافهم هم، إذ كان هذا عنوان محاضرة للدكتور سلمان العودة في أول التسعينات: «الإغراق في الجزئيات»، و«لماذا نخاف من النقد» أيضاً. - السيطرة على أفكار المفكرين داخلها، ومن يخرج بفكر حر منهم فغالباً يتم التحذير منه في الأوساط الشبابية و«التربوية» ولو بالتلميح، وهذا ما يمكن تسميته بـ«الاصطفاف على أفكار منظري الصحوة وإقصاء من خرج عن النص منهم». - تضييق دائرة الحلال ولو قالوا خلاف ذلك، إذ يضعون الأشياء ذات البراءة الأصلية تحت مجهر الدليل الذي يتكلفونه للتأكد من حِلّه من تحريمه، وهذا خلاف الهدي النبوي «ذروني ما تركتكم». - وأخيراً خطابهم المتوجس من قضايا المرأة وهذا يطول تفصيله.                                                        سيرة ذاتية - عادل بن عبدالله علي الهذلول. - من مواليد الرياض ٢٦-٨-١٩٧٤ تزوّجت عام ٢٠٠٠ وعندي جوري ودانة وإياد. - ولدت لأسرة تعود في أصولها إلى مدينة البدائع بالقصيم. - درست التعليم العام كاملاً في الرياض. - في السنة الثانية من المرحلة المتوسطة دخلت عالم «الصحوة الإسلامية»، وتحديداً التيار السروري عبر مكتبة عمر بن عبدالعزيز الخيرية (أشبه بحلقات التحفيظ في ما بعد) في حي المصيف، كانت تجربة لا يمكن نسيانها، إذ استفدت منها الكثير من المعارف والمهارات الاجتماعية التي لم تكن متوافرة لغيري من شباب ذاك الوقت، ومكثت فيها تلميذاً مخلصاً ثم قيادياً نافذاً مدةً تزيد على الأعوام العشرة. - درست الجامعة في البداية بقسم الفيزياء في جامعة الملك سعود كما هو عشقي أيام المرحلة الثانوية، وتم تحويلي من كلية التربية إلى العلوم من دون إشعاري بذلك، لكنني اتجهت فوراً لتخصصي الشرعي واهتمامي، فتم قبولي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية أصول الدين قسم السنة وعلومها. - توليت إمامة مسجد عمار بن ياسر بحي النزهة في الرياض قرابة الأعوام الأربعة وأنا طالب بالجامعة حتى التخرج تقريباً. ومن هناك انطلقت فكرتي التجارية التي بدأتها في شكل تطوعي لخدمة المساجد، إذ كانت معاناتي شديدة في مسألة توصيل الصوت المناسب للمصلين بجودة عالية جذابة وغير مؤذية. نجحت في لفت أنظار المساجد الأخرى وبعض أصدقائي أئمة المساجد، ووصلت سمعة صوتيات مسجدي إلى المحافظات المجاورة خارج الرياض. - بعد قضاء 10 أعوام في السوق السعودية وجدت نفسي متفرغاً للقراءة المتخصصة والبحث، وبدأت أكتب مقالات تم نشر بعضها في صحف إلكترونية حتى توقفت موقتاً عن الكتابة في عام ٢٠١٢. - في عام ٢٠٠٩ دخلت عالم شبكات التواصل الاجتماعي حاملاً على عاتقي هم «إصلاح الخطاب الديني للصحوة وتياراتها الفكرية»، ثم بدأت أعلن الدعوة للمراجعات الفكرية للصحوة وتياراتها كالذي قامت به فئة من المتراجعين عن حركة الجهاد الإسلامي بمصر «حركة تدعو للعنف كوسيلة للتغيير». آفاق

مشاركة :